للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَهُ، فَأَرَادَ الْمَرِيضُ أَنْ يَرْجِعَ فِيهَا بَعْدَمَا قَبَضَهَا الْمَوْهُوبُ لَهُ، أَيَكُونُ ذَلِكَ لَهُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِيهَا بَعْدَ مَا قَبَضَهَا الْمَوْهُوبُ لَهُ، وَلَكِنْ لِلْوَرَثَةِ أَنْ يَأْخُذُوهَا فَيُوقِفُوهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ مَالٌ مَأْمُونٌ مِنْ الْعَقَارِ بِحَالِ مَا وَصَفْتُ لَكَ.

قُلْتُ: لِمَ لَا يَكُونُ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِيهَا وَأَنْتَ تَجْعَلُهَا وَصِيَّةً؟

قَالَ: لِأَنَّهُ بَتَلَ شَيْئًا وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَبْتِلَ عَلَى الْوَرَثَةِ أَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِي الثُّلُثِ الَّذِي بَتَلَهُ فِي مَرَضِهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ صَحَّ لَمْ يَسْتَطِعْ الرُّجُوعَ فِي ذَلِكَ.

قُلْتُ: وَلَا يَكُونُ لِلَّذِي وُهِبَتْ لَهُ الْهِبَةُ فِي الْمَرَضِ أَنْ يَقْبِضَ هِبَتَهُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: لَا، إلَّا أَنْ يَكُونَ لِلْمَرِيضِ مَالٌ مَأْمُونٌ مِنْ الْعَقَارِ وَالدُّورِ بِحَالِ مَا وَصَفْتُ لَكَ

[فِي الرَّجُلِ يَتَصَدَّقُ عَلَى ابْنِهِ الصَّغِيرِ بِصَدَقَةٍ ثُمَّ يَشْتَرِيهَا مِنْ نَفْسِهِ]

ِ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الرَّجُلَ يَتَصَدَّقُ بِالْجَارِيَةِ عَلَى ابْنِهِ وَهُوَ صَغِيرٌ فَيُتْبِعُهَا نَفْسَهُ، أَيَكُونُ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَهَا؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: نَعَمْ، يُقَوِّمُهَا عَلَى نَفْسِهِ وَيُشْهِدُ وَيَسْتَقْصِي لِلِابْنِ.

قُلْتُ: فَلَوْ أَنَّ أَجْنَبِيًّا تَصَدَّقَ عَلَى أَجْنَبِيٍّ بِصَدَقَةٍ، أَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ ثَمَرَتِهَا أَوْ يَرْكَبَهَا إنْ كَانَتْ دَابَّةً أَوْ يَنْتَفِعَ بِشَيْءٍ مِنْهَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: لَا.

قُلْتُ: فَإِنْ كَانَ الْأَبَ؟

قَالَ نَعَمْ إذَا احْتَاجَ وَقَدْ وَصَفْتُ لَكَ ذَلِكَ.

قُلْتُ: فَالْأُمُّ تَكُونُ بِمَنْزِلَةِ الْأَبِ؟

قَالَ: نَعَمْ فِي رَأْيِي وَلَمْ أَسْمَعْهُ مِنْ مَالِكٍ؛ لِأَنَّهُمَا إذَا احْتَاجَا أَنْفَقَ عَلَيْهِمَا مِمَّا تَصَدَّقَا عَلَى الْوَلَدِ سَحْنُونٌ: عَنْ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ أَنَّ رَجُلًا تَصَدَّقَ عَلَى ابْنِهِ بِغُلَامٍ، ثُمَّ احْتَاجَ الرَّجُلُ إلَى أَنْ يُصِيبَ مِنْ غَلَّةِ الْغُلَامِ شَيْئًا فَسَأَلَ عِمْرَانَ بْنَ الْحُصَيْنِ صَاحِبَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: مَا أَكَلَ مِنْ غَلَّتِهِ فَلَيْسَ لَهُ فِيهِ أَجْرٌ وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ: دَعَوَا الصَّدَقَةَ وَالْعَتَاقَةَ لِيَوْمِهِمَا. وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِزَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ فِي الْفَرَسِ الَّتِي تَصَدَّقَ بِهَا عَلَى الْمَسَاكِينِ فَأَقَامُوهَا لِلْبَيْعِ - وَكَانَتْ تُعْجِبُ زَيْدًا - فَنَهَاهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَشْتَرِيَهَا. «وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي الْفَرَسِ الَّذِي حَمَلَ عَلَيْهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَأَضَاعَهُ صَاحِبُهُ وَأَضَرَّ بِهِ وَعَرَضَهُ لِلْبَيْعِ، فَسَأَلَ عُمَرُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: إنَّهُ يَبِيعُهُ بِرُخْصٍ أَفَأَشْتَرِيهِ؟ فَقَالَ: لَا وَإِنْ أَعْطَاكَهُ بِدِرْهَمٍ إنَّ الَّذِي يَعُودُ فِي صَدَقَتِهِ كَالْكَلْبِ يَعُودُ فِي قَيْئِهِ» . وَقَالَ مَالِكٌ: لَا يَشْتَرِي الرَّجُلُ صَدَقَتَهُ، لَا مِنْ الَّذِي تَصَدَّقَ بِهَا عَلَيْهِ وَلَا مِنْ غَيْرِهِ.

[تَصَدَّق بِصَدَقَةِ وَجَعَلَهَا عَلَى يَدَيْ رَجُلٍ فَأَرَادَ الْمُتَصَدِّق عَلَيْهِ أَنْ يَقْبِضَهَا]

فِي الرَّجُلِ يَتَصَدَّقُ عَلَى الرَّجُلِ الْمَرْضِيُّ بِالصَّدَقَةِ وَيَجْعَلُهَا لَهُ عَلَى يَدَيْ رَجُلٍ فَيُرِيدُ الْمُتَصَدَّقُ عَلَيْهِ أَنْ يَقْبِضَهَا قُلْتُ: أَرَأَيْت إنْ تَصَدَّقْتُ عَلَى رَجُلٍ بِدَرَاهِمَ، وَالرَّجُلُ الَّذِي تَصَدَّقْتُ بِهَا عَلَيْهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>