كَانَ الشِّرَاءُ بِخَمْسِينَ وَمِائَةِ دِينَارٍ. قُلْنَا: فَانْظُرُوا إلَى مَبْلَغِ الْبَطْنِ الَّذِي أَصَابَتْ الْجَائِحَةُ وَهُوَ ثُلُثُ الثَّمَرَةِ، فَإِذَا هُوَ مِائَةُ دِينَارٍ. قُلْنَا: فَأَيُّ شَيْءٍ مِائَةُ دِينَارٍ مِنْ جَمِيعِ قِيمَةِ الْمَقْثَأَةِ؟ قِيلَ: النِّصْفُ، لِأَنَّ الْبَطْنَ الْأَوَّلَ الَّذِي كَانَتْ فِيهِ الْجَائِحَةُ قِيمَتُهُ مِائَةُ دِينَارٍ، وَالثَّانِي سِتُّونَ دِينَارًا، وَالْآخَرُ أَرْبَعُونَ دِينَارًا، فَذَلِكَ مِائَتَا دِينَارٍ. فَقَدْ صَارَ قِيمَةُ الَّذِي أَصَابَتْهُ الْجَائِحَةُ مِنْ جَمِيعِ قِيمَةِ الْمَقْثَأَةِ النِّصْفَ. قُلْنَا: فَارْجِعْ عَلَى الْبَائِعِ بِنِصْفِ الثَّمَنِ إنْ كُنْتَ نَقَدْتَهُ الثَّمَنَ، وَإِنْ كُنْتَ لَمْ تَنْقُدْهُ الثَّمَنَ، فَعَلَى هَذَا فَقِسْ جَمِيعَ مَا يَرِدُ عَلَيْكَ مِنْ هَذَا
[جَائِحَةِ التِّينِ وَالْخَوْخِ وَالرُّمَّانِ وَجَمِيعِ الْفَوَاكِهِ]
فِي جَائِحَةِ التِّينِ وَالْخَوْخِ وَالرُّمَّانِ وَجَمِيعِ الْفَوَاكِهِ قَالَ: وَكَذَلِكَ الْفَاكِهَةُ: التِّينُ وَالْخَوْخُ وَالرُّمَّانُ وَالتُّفَّاحُ، وَكُلُّ مَا يَكُونُ بَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ، إنَّمَا يَنْظُرُ إلَى أَوَّلِهِ وَآخِرِهِ. فَيَقُومُ فَيَعْرِفُ قِيمَتَهُ وَقَدْرَ ثَمَرَتِهِ، فَيَنْظُرُ إلَى الَّذِي أَصَابَتْهُ الْجَائِحَةُ، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ ثُلُثَ الثَّمَرَةِ، وَكَانَتْ قِيمَةُ الْبَطْنِ الَّذِي أَصَابَتْهُ الْجَائِحَةُ هُوَ نِصْفُ جَمِيعِ قِيمَةِ الثَّمَنِ أَوْ ثُلُثَاهُ، طَرَحَ عَنْ الْمُشْتَرِي مِنْ الثَّمَنِ نِصْفَهُ أَوْ ثُلُثَاهُ، فَعَلَى هَذَا يَكُونُ ذَلِكَ. قَالَ: وَأَخْبَرَنِي ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ عِيَاضٍ عَنْ رَجُلٍ حَدَّثَهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَعْمَرٍ الْأَنْصَارِيِّ، أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إذَا ابْتَاعَ الرَّجُلُ الثَّمَرَةَ فَأَصَابَتْهَا جَائِحَةٌ فَذَهَبَتْ بِثُلُثِ الثَّمَرَةِ. فَقَدْ وَجَبَ عَلَى صَاحِبِ الْمَالِ الْوَضِيعَةُ» ابْنُ وَهْبٍ: وَأَخْبَرَنِي يَزِيدُ بْنُ عِيَاضٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ وَرَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَأَبِي الزِّنَادِ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ: إذَا أُصِيبَ الْمَتَاعُ بِثُلُثِ الثَّمَرَةِ فَقَدْ وَجَبَ عَلَى الْبَائِعِ الْوَضِيعَةُ.
قَالَ: وَأَخْبَرَنِي أَنْسُ بْنُ عِيَاضٍ، أَنَّ أَبَا إِسْحَاقَ مُقَدَّمِ مَوْلَى أُمِّ الْحَكَمِ ابْنَةِ عَبْدِ الْمَلِكِ حَدَّثَهُ: أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَضَى فِي ثَمَرَةِ حَائِطٍ بَاعَتْهُ مَوْلَاتُهُ، فَأَصَابَ الثَّمَرَ كُلَّهُ جَائِحَةٌ إلَّا سَبْعَةَ أَوْسُقٍ، وَكَانَتْ قَدْ اسْتَثْنَتْ سَبْعَةَ أَوْسُقٍ. فَقَالَ لِي عُمَرُ، وَخَاصَمْتُ إلَيْهِ فِي ذَلِكَ: اقْرَأْ عَلَى مَوْلَاتِكَ السَّلَامَ وَقُلْ لَهَا: قَدْ أَغْنَاكِ اللَّهُ فِي الْحَسَبِ وَالْمَالِ عَنْ أَنْ تَأْكُلِي مَا لَا يَحِلُّ لَكِ. لَا تَجُوزُ الْجَائِحَةُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، وَقَضَى الْيَمِينَ عَلَى الْمُبْتَاعِ أَنْ لَا يَكْتُمَ شَيْئًا وَعَلَيْهِ مَا أَكَلَ عُمَّالُهُ. قَالَ مُقَدَّمٌ: فَمَا صَارَ لَنَا إلَّا سَبْعَةُ أَوْسُقٍ، وَهِيَ الَّتِي بَقِيَتْ. قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: وَأَخْبَرَنِي عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ عُمَرَ عَنْ رَبِيعَةَ وَأَبِي الزِّنَادِ أَنَّهُمَا قَالَا: لَا وَضَيْعَةَ فِي جَائِحَةِ فِيمَا دُونَ الثُّلُثِ إذَا أُصِيبَ. قَالَ: وَأَخْبَرَنِي عُثْمَانُ بْنُ الْحَكَمِ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّهُ قَالَ: لَا جَائِحَةَ فِيمَا أُصِيبَ دُونَ ثُلُثِ رَأْسِ الْمَالِ. قَالَ يَحْيَى: وَذَلِكَ فِي سُنَّةِ الْمُسْلِمِينَ. قَالَ: وَأَخْبَرَنِي عُثْمَانُ بْنُ الْحَكَمِ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ أَنَّهُ قَالَ: الْجَوَائِحُ كُلُّ ظَاهِرٍ مُفْسِدٍ مِنْ مَطَرٍ أَوْ بَرْدٍ أَوْ جَرَادٍ أَوْ رِيحٍ أَوْ حَرِيقٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute