للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَالِكٌ: وَإِنَّمَا الَّذِي لَا يَكُونُ عَجْزُهُ إلَّا عِنْدَ السُّلْطَانِ إذَا حَلَّتْ نُجُومُهُ، وَقَالَ: أَنَا أُؤَدِّي، وَلَا يُعَجِّزُ نَفْسَهُ، وَمَطَلَ سَيِّدَهُ فَأَرَادَ سَيِّدُهُ أَنْ يُعَجِّزَهُ حِينَ تَحِلُّ نُجُومُهُ.

قَالَ مَالِكٌ: فَإِنَّ هَذَا يَتَلَوَّمُ لَهُ السُّلْطَانُ فَإِنْ رَأَى وَجْهَ أَدَاءً تَرَكَهُ عَلَى نُجُومِهِ وَإِنْ لَمْ يَرَ لَهُ وَجْهَ أَدَاءً عَجَّزَهُ، وَلَا يَكُونُ تَأْخِيرُهُ عَنْ نُجُومِهِ فَسْخًا لِمُكَاتَبَتِهِ وَلَا تَعْجِيزُ سَيِّدِهِ لَهُ عَجْزًا حَتَّى يُعَجِّزَهُ السُّلْطَانُ إذَا كَانَ الْعَبْدُ مُتَمَسِّكًا بِالْكِتَابَةِ؛ وَأَمَّا الَّذِي يُعَجِّزُ نَفْسَهُ وَيَرْضَى بِذَلِكَ وَلَهُ مَالٌ لَا يُعْرَفُ قَدْ كَتَمَهُ ثُمَّ ظَهَرَتْ لَهُ أَمْوَالٌ بَعْدَ ذَلِكَ فَهُوَ رَقِيقٌ وَلَا يَرْجِعُ عَمَّا كَانَ رَضِيَ بِهِ.

وَقَالَ: إذَا أَرَادَ الْمُكَاتَبُ أَنْ يُعَجِّزَ نَفْسَهُ قَبْلَ حُلُولِ نُجُومِهِ بِشَهْرٍ فَذَلِكَ لَهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ مَالٌ ظَاهِرٌ فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ لَهُ.

ابْنُ وَهْبٍ.

عَنْ عُمَرَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَاتَبَ غُلَامًا لَهُ يُقَالُ لَهُ: شَرَفٌ، بِأَرْبَعِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَخَرَجَ إلَى الْكُوفَةِ فَكَانَ يَعْمَلُ عَلَى حُمْرٍ لَهُ حَتَّى أَدَّى خَمْسَةَ عَشْرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَجَاءَهُ إنْسَانٌ فَقَالَ لَهُ: أَمَجْنُونٌ أَنْتَ؟ هَهُنَا تُعَذِّبُ نَفْسَكَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ يَشْتَرِي الرَّقِيقَ يَمِينًا وَشِمَالًا وَيُعْتِقُهُمْ، ارْجِعْ إلَيْهِ فَقُلْ لَهُ: قَدْ عَجَزْتُ فَجَاءَ إلَيْهِ بِصَحِيفَتِهِ فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَدْ عَجَزْتُ، وَهَذِهِ صَحِيفَتِي اُمْحُهَا، فَقَالَ: لَا وَاَللَّهِ وَلَكِنْ اُمْحُهَا أَنْتَ إنْ شِئْتَ، فَمَحَاهَا فَفَاضَتْ عَيْنَا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ فَقَالَ: اذْهَبْ فَأَنْتَ حُرٌّ، قَالَ: أَصْلَحَكَ اللَّهُ أَحْسِنْ إلَى ابْنَيَّ فَقَالَ: هُمَا حُرَّانِ قَالَ: أَصْلَحَكَ اللَّهُ، أَحْسِنْ إلَى أُمَّيْ وَلَدَيَّ قَالَ: هُمَا حُرَّتَانِ فَأَعْتَقَهُمْ خَمْسَتَهُمْ جَمِيعًا فِي مَقْعَدِهِ.

[الْمُكَاتَبُ تَحِلُّ نُجُومُهُ وَسَيِّدُهُ غَائِبٌ]

ٌ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْمُكَاتَبَ غَابَ سَيِّدُهُ وَلَمْ يُوَكِّلْ أَحَدًا يَقْبِضُ الْكِتَابَةَ فَأَرَادَ الْمُكَاتَبُ أَنْ يَخْرُجَ حُرًّا بِأَدَاءِ الْكِتَابَةِ، إلَى مَنْ يُؤَدِّي الْكِتَابَةَ؟

قَالَ: يَدْفَعُهَا إلَى السُّلْطَانِ وَيَخْرُجُ حُرًّا حَلَّ الْأَجَلُ أَوْ لَمْ يَحِلَّ.

وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ، وَقَدْ مَضَتْ آثَارٌ فِي مِثْلِ هَذَا

[الْمُكَاتَبُ تَحِلُّ نُجُومُهُ وَلَهُ عَلَى سَيِّدِهِ دَيْنٌ]

ٌ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْمُكَاتَبَ لَهُ عَلَى سَيِّدِهِ مَالٌ فَحَلَّ نَجْمٌ مِنْ نُجُومِهِ وَالْمَالُ الَّذِي عَلَى السَّيِّدِ مِثْلُ النَّجْمِ الَّذِي حَلَّ لِلسَّيِّدِ عَلَى الْمُكَاتَبِ أَيَكُونُ قِصَاصًا؟

قَالَ: نَعَمْ يَكُونُ قِصَاصًا، إلَّا أَنْ يَكُونَ عَلَى سَيِّدِهِ دَيْنٌ، فَإِنْ كَانَ عَلَى سَيِّدِهِ دَيْنٌ حَاصَّ الْغُرَمَاءَ بِمَالِهِ عَلَى سَيِّدِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ السَّيِّدُ قَاصَّ الْمُكَاتَبَ بِذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَقُومَ عَلَيْهِ الْغُرَمَاءُ فَيَكُونُ ذَلِكَ قَضَاءً لِلْمُكَاتَبِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>