أَنَّ مَالِكًا قَالَ: لَا بَأْسَ بِأَنْ يُقَارِضَ الْعَبْدُ الْحُرَّ، إذَا كَانَ الْعَبْدُ مَأْذُونًا لَهُ فِي التِّجَارَةِ، فَلَا بَأْسَ أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ مَالَهُ مُقَارَضَةً.
قُلْتُ: وَشَرِكَةُ الْعَبِيدِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ جَائِزَةٌ؟ قَالَ: جَائِزَةٌ فِي رَأْيِي إذَا أُذِنَ لَهُمْ فِي التِّجَارَةِ.
[فِي شَرِكَةِ الْمُسْلِمِ النَّصْرَانِيَّ وَالرَّجُلِ الْمَرْأَةَ]
َ قُلْتُ: أَتَصْلُحُ شَرِكَةُ النَّصْرَانِيِّ الْمُسْلِمَ، وَالْيَهُودِيِّ الْمُسْلِمَ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: قَالَ: لَا، إلَّا أَنْ يَكُونَ لَا يَغِيبُ النَّصْرَانِيُّ وَالْيَهُودِيُّ عَلَى شَيْءٍ، فِي شِرَاءٍ وَلَا بَيْعٍ وَلَا قَبْضٍ وَلَا صَرْفٍ وَلَا تَقَاضِي دَيْنٍ إلَّا بِحَضْرَةِ الْمُسْلِمِ مَعَهُ. فَإِنْ كَانَ يَفْعَلُ هَذَا الَّذِي وَصَفْتُ لَكَ وَإِلَّا فَلَا. قُلْتُ: هَلْ تَجُوزُ الشَّرِكَةُ بَيْنَ النِّسَاءِ وَالرِّجَالِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: مَا عَلِمْتُ مِنْ مَالِكٍ فِي هَذَا كَرَاهِيَةً، وَلَا ظَنَنْتُ أَنَّ أَحَدًا يَشُكُّ فِي هَذَا، وَلَا أَرَى بِهِ بَأْسًا قُلْتُ: وَكَذَلِكَ شَرِكَةُ النِّسَاءِ مَعَ النِّسَاءِ؟ قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ: وَأَخْبَرَنِي أَشْهَلُ بْنُ حَاتِمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ وَسَأَلَهُ رَجُلٌ: أَيُشَارِكُ الْمُسْلِمُ الْيَهُودِيَّ وَالنَّصْرَانِيَّ؟ فَقَالَ: فَلَا يَفْعَلُ، لِأَنَّهُمْ يُرْبُونَ وَأَنَّ الرِّبَا لَا يَحِلُّ لَكَ. قَالَ: وَبَلَغَنِي عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ مِثْلُهُ، قَالَ: إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُسْلِمُ يَشْتَرِيَ وَيَبِيعَ. وَقَالَ اللَّيْثُ مِثْلَهُ.
[فِي الشَّرِيكَيْنِ يَتَفَاوَضَانِ عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَا وَيَبِيعَا وَيَتَدَايَنَا]
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ أَخْرَجَ أَحَدُهُمَا مَالًا، وَأَخْرَجَ الْآخَرُ مَالًا مِثْلَهُ، ثُمَّ اشْتَرَكَا وَتَفَاوَضَا، عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَا بِهَذَا الْمَالِ وَبِالدَّيْنِ أَيْضًا، وَيَبِيعَا بِالدَّيْنِ أَيْضًا، فَمَا رَزَقَهُمَا اللَّهُ فِي ذَلِكَ فَهُوَ بَيْنَهُمَا؟ قَالَ: لَا يُعْجِبُنِي أَنْ يَتَفَاوَضَا عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَا بِأَكْثَرَ مِنْ رُءُوسِ أَمْوَالِهِمَا، لِأَنَّهُ لَا تَجُوزُ الشَّرِكَةُ، إلَّا عَلَى الْأَمْوَالِ. فَإِنْ فَعَلَا فَاشْتَرَيَا بِالدَّيْنِ، كَانَ مَا اشْتَرَيَا بَيْنَهُمَا أَيْضًا. قَالَ سَحْنُونُ: وَقَدْ أَخْبَرْتُكَ بِهَذِهِ فِي رَسْمِ الشَّرِيكَيْنِ، اللَّذَيْنِ لَمْ يَخْلِطَا وَهَذِهِ الَّتِي تَحْتَهَا مِثْلُهَا.
قُلْتُ: فَإِنْ اشْتَرَى هَذَا سِلْعَةً عَلَى حِدَةٍ بِالدَّيْنِ بِأَكْثَرَ مِنْ رُءُوسِ أَمْوَالِهِمَا، وَاشْتَرَى صَاحِبُهُ كَذَلِكَ، أَيَكُونُ مَا اشْتَرَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ صَاحِبِهِ، أَمْ يَكُونُ مَا اشْتَرَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَهُ خَاصَّةً، لِأَنَّ الشَّرِكَةَ عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَا بِالدَّيْنِ بِأَكْثَرَ مِنْ رُءُوسِ أَمْوَالِهِمَا لَا يُعْجِبُكَ ذَلِكَ؟ قَالَ: لَا، بَلْ أَرَى كُلَّ مَا اشْتَرَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ صَاحِبِهِ، لِأَنَّ صَاحِبَهُ قَدْ أَمَرَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ عَلَيْهِ، فَأَرَى مَا اشْتَرَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَصِيرُ نِصْفُهُ عَلَى صَاحِبِهِ وَنِصْفُهُ عَلَيْهِ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ تَفَاوَضَ رَجُلَانِ بِمَالٍ أَخْرَجَاهُ، عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَا الرَّقِيقَ وَيَبِيعَا، أَوْ عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَا جَمِيعَ السِّلَعِ وَيَبِيعَا تَفَاوُضًا، وَلَمْ يَذْكُرَا بَيْعَ الدَّيْنِ فِي أَصْلِ شَرِكَتِهِمَا. فَبَاعَ أَحَدُهُمَا بِالدَّيْنِ، فَأَنْكَرَ ذَلِكَ شَرِيكُهُ، وَقَالَ: لَا أُجِيزَ لَكَ أَنْ تَبِيعَ عَلَيَّ بِالدَّيْنِ.
أَيَجُوزُ بَيْعُهُ عَلَى شَرِيكِهِ بِالدَّيْنِ أَمْ لَا؟ قَالَ: مَا سَمِعْتُ مِنْ مَالِكٍ فِي هَذَا شَيْئًا، وَأَرَى ذَلِكَ جَائِزًا عَلَى شَرِيكِهِ.