[كِتَابُ التَّخْيِيرِ وَالتَّمْلِيكِ]
ِ قُلْتُ: لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ: أَرَأَيْتَ إذَا قَالَ الرَّجُلُ لِامْرَأَتِهِ وَهِيَ مَدْخُولٌ بِهَا، اخْتَارِي نَفْسَكِ فَقَالَتْ: قَدْ اخْتَرْت نَفْسِي فَنَاكَرَهَا الزَّوْجُ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا تَنْفَعُهُ الْمُنَاكَرَةُ وَهِيَ ثَلَاثُ تَطْلِيقَاتٍ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ قَالَ لَهَا اخْتَارِي نَفْسَك فَقَالَتْ: قَدْ قَبِلْتُ أَمْرِي؟
قَالَ: تُسْأَلُ عَمَّا أَرَادَتْ بِقَوْلِهَا قَدْ قَبِلْتُ أَمْرِي فَإِنْ قَالَتْ: قَدْ قَبِلْتُ أَمْرِي أَرَدْتُ بِذَلِكَ أَنِّي قَدْ قَبِلْتُ مَا جَعَلَ لِي مِنْ الْخِيَارِ وَأَنِّي لَمْ أُطَلَّقْ بَعْدُ قِيلَ لَهَا فَطَلِّقِي إنْ أَرَدْتِ أَوْ رُدِّي، فَإِنْ طَلَّقَتْ ثَلَاثًا لَمْ يَكُنْ لِلزَّوْجِ أَنْ يُنَاكِرَهَا وَإِنْ طَلَّقَتْ نَفْسَهَا وَاحِدَةً أَوْ اثْنَتَيْنِ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لَهَا وَلَمْ يَلْزَمْ الزَّوْجَ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ وَإِنَّمَا يَلْزَمُ الزَّوْجَ إذَا طَلَّقَتْ نَفْسَهَا ثَلَاثًا؛ لِأَنَّ الزَّوْجَ إنَّمَا خَيْرَهَا فَإِذَا خَيَّرَهَا فَإِنَّمَا لَهَا أَنْ تُطَلِّقَ نَفْسَهَا ثَلَاثًا أَوْ تَرُدَّ ذَلِكَ، وَلَيْسَ لَهَا أَنْ تُطَلِّقَ وَاحِدَةً وَلَا اثْنَتَيْنِ وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ.
قُلْتُ: فَإِنْ قَالَ لَهَا اخْتَارِي فَقَالَتْ: قَدْ قَبِلْتُ أَمْرِي وَقَالَتْ أَرَدْت بِذَلِكَ الطَّلَاقَ؟
قَالَ: تُسْأَلُ عَمَّا أَرَادَتْ مِنْ الطَّلَاقِ فَإِنْ قَالَتْ إنَّمَا أَرَدْتُ تَطْلِيقَةً وَاحِدَةً فَلَيْسَ ذَلِكَ الطَّلَاقُ بِلَازِمٍ لِلزَّوْجِ وَإِنْ كَانَتْ أَرَادَتْ اثْنَتَيْنِ فَلَيْسَ ذَلِكَ أَيْضًا بِلَازِمٍ لِلزَّوْجِ، وَإِنْ كَانَتْ أَرَادَتْ بِذَلِكَ ثَلَاثًا لَزِمَ الزَّوْجَ وَلَمْ يَكُنْ لِلزَّوْجِ أَنْ يُنَاكِرَهَا، وَإِنَّمَا يُنْظَرُ فِي الْخِيَارِ وَفِي التَّمْلِيكِ إلَى مَا قَالَ الزَّوْجُ، فَإِنْ قَالَ اخْتَارِي فَهَذَا خِيَارٌ، وَإِنْ قَالَ أَمْرُكِ بِيَدِك فَهَذَا تَمْلِيكٌ، وَتُسْأَلُ الْمَرْأَةُ عَمَّا وَصَفْتُ لَكَ فِي التَّمْلِيكِ وَفِي الْخِيَارِ كَمَا وَصَفْتُ لَكَ أَيْضًا وَلَا يَكُونُ فِي الْخِيَارِ لِلزَّوْجِ أَنْ يُنَاكِرَهَا وَيَكُونُ لَهُ فِي التَّمْلِيكِ أَنْ يُنَاكِرَهَا.
قُلْتُ: فَمَا فَرْقُ مَا بَيْنَ التَّمْلِيكِ وَالْخِيَارِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: لِأَنَّ الْخِيَارَ قَدْ جَعَلَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute