للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لَهَا أَنْ تُقِيمَ عِنْدَهُ أَوْ تَبِينَ مِنْهُ وَهِيَ لَا تَبِينُ مِنْهُ بِالْوَاحِدَةِ، فَلَمَّا كَانَتْ الْوَاحِدَةُ لَا تُبِينُهَا عَلِمْنَا أَنَّهُ إذَا خَيَّرَهَا وَأَرَادَ أَنْ تَبِينَ مِنْهُ فَإِنَّمَا ذَلِكَ إلَيْهَا فِي الثَّلَاثِ، وَأَمَّا التَّمْلِيكُ فَهَذَا لَمْ يَجْعَلْ لَهَا الْخِيَارَ فِي أَنْ تَبِينَ مِنْهُ أَوْ تُقِيمَ عِنْدَهُ إنَّمَا جَعَلَ لَهَا أَنْ تُطَلِّقَ نَفْسَهَا وَاحِدَةً أَوْ اثْنَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا إلَّا أَنْ يُنَاكِرَهَا، فَيُعْلَمُ أَنَّهُ لَمْ يَجْعَلْ لَهَا الْخِيَارَ كَمَا قَالَ مَعَ يَمِينِهِ، وَيَكُونُ أَمْلَكُ بِهَا، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ مَلَّكَهَا فَطَلَّقَتْ نَفْسَهَا وَاحِدَةً، وَقَالَ الزَّوْجُ كَذَلِكَ أَرَدْتُ وَاحِدَةً كَانَ أَمْلَكُ بِهَا فَهُوَ فِي التَّمْلِيكِ قَدْ جَعَلَ لَهَا أَنْ تُطَلِّقَ نَفْسَهَا طَلَاقًا يَمْلِكُ الزَّوْجُ فِيهِ الرَّجْعَةَ، وَفِي الْخِيَارِ لَمْ يَجْعَلْ لَهَا أَنْ تُطَلِّقَ نَفْسَهَا طَلَاقًا يَمْلِكُ الزَّوْجُ فِيهِ الرَّجْعَةَ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ إذَا نَاكَرَهَا فِي الْخِيَارِ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لَهُ؟

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ قَالَ الرَّجُلُ لِامْرَأَتِهِ اخْتَارِي فِي أَنْ تُطَلِّقِي نَفْسَك تَطْلِيقَةً وَاحِدَةً وَفِي أَنْ تُقِيمِي، فَقَالَتْ قَدْ اخْتَرْت نَفْسِي أَيَكُونُ ذَلِكَ ثَلَاثًا أَمْ لَا؟

قَالَ: نَزَلَتْ بِالْمَدِينَةِ وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنْهَا فَقَالَ لِزَوْجِهَا أَتَحْلِفُ بِاَللَّهِ مَا أَرَدْتَ بِقَوْلِكَ ذَلِكَ حِينَ قُلْتَ: " اخْتَارِي فِي وَاحِدَةٍ " إلَّا وَاحِدَةً، قَالَ الزَّوْجُ: نَعَمْ، وَاَللَّهِ مَا أَرَدْتُ إلَّا وَاحِدَةً، قَالَ مَالِكٌ: أَرَى ذَلِكَ لَكَ وَهِيَ وَاحِدَةٌ وَأَنْتَ أَمْلَكُ بِهَا.

قُلْتُ: وَكَيْفَ كَانَتْ الْمَسْأَلَةُ الَّتِي سَأَلُوا مَالِكًا عَنْهَا؟

قَالَ: سَأَلُوا مَالِكًا عَنْ رَجُلٍ قَالَ لِامْرَأَتِهِ اخْتَارِي فِي وَاحِدَةٍ، فَأَجَابَهُمْ بِمَا أَخْبَرْتُكَ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ قَالَ لَهَا: اخْتَارِي تَطْلِيقَةً فَقَالَتْ: قَدْ اخْتَرْتُهَا، أَيَكُونُ ثَلَاثًا أَمْ وَاحِدَةً فِي قَوْلِ مَالِكٍ، أَوْ قَالَتْ قَدْ اخْتَرْتُ نَفْسِي؟

قَالَ: سَمِعْت مَالِكًا يَقُولُ إذَا قَالَ لَهَا اخْتَارِي فِي تَطْلِيقَةٍ: إنَّهُ لَيْسَ لَهَا أَكْثَرُ مِنْ تَطْلِيقَةٍ وَاحِدَةٍ.

قُلْتُ: وَيَمْلِكُ رَجْعَتَهَا أَمْ تَكُونُ بَائِنًا؟

قَالَ: بَلْ يَمْلِكُ رَجْعَتَهَا.

قُلْتُ: وَكَذَلِكَ لَوْ مَلَّكَهَا أَمْرَهَا فَطَلَّقَتْ نَفْسَهَا وَاحِدَةً أَنَّهُ يَمْلِكُ رَجْعَتَهَا؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: نَعَمْ يَمْلِكُ رَجْعَتَهَا

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الَّذِي يَقُولُ لِامْرَأَتِهِ اخْتَارِي، فَقَالَتْ قَدْ اخْتَرْت تَطْلِيقَتَيْنِ؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا شَيْءَ لَهَا إلَّا أَنْ تُطَلِّقَ نَفْسَهَا ثَلَاثًا؛ لِأَنَّ الْخِيَارَ عِنْدَ مَالِكٍ ثَلَاثٌ، فَإِذَا اخْتَارَتْ غَيْرَ مَا جَعَلَ لَهَا الزَّوْجُ فَلَا يَقَعُ ذَلِكَ عَلَيْهَا.

قُلْتُ: وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ لَهَا اخْتَارِي تَطْلِيقَتَيْنِ، فَاخْتَارَتْ وَاحِدَةً؟

قَالَ: لَا يَقَعُ عَلَيْهَا شَيْءٌ فِي رَأْيِي.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ قَالَ لَهَا طَلِّقِي نَفْسَكَ ثَلَاثًا، فَقَالَتْ قَدْ طَلَّقْتُ نَفْسِي وَاحِدَةً؟

قَالَ: لَا يَقَعُ عَلَيْهَا شَيْءٌ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ قَالَ لَهَا اخْتَارِي، فَقَالَتْ قَدْ خَلَّيْتُ سَبِيلَكَ وَهِيَ مَدْخُولٌ بِهَا وَأَرَادَتْ بِقَوْلِهَا قَدْ خَلَّيْتُ سَبِيلَكَ وَاحِدَةً؟

قَالَ: لَا يَقَعُ عَلَيْهَا مِنْ الطَّلَاقِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ فِي الَّذِي يُخَيِّرُ امْرَأَتَهُ وَهِيَ مَدْخُولٌ بِهَا فَتَقْضِي وَاحِدَةً: إنَّهُ لَا يَقَعُ عَلَيْهَا شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا خَيَّرَهَا فِي الثَّلَاثِ وَلَمْ يُخَيِّرْهَا فِي الْوَاحِدَةِ وَلَا فِي الِاثْنَتَيْنِ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ قَالَ لَهَا اخْتَارِي الْيَوْمَ كُلَّهُ فَمَضَى ذَلِكَ الْيَوْمُ وَلَمْ تَخْتَرْ؟

قَالَ: أَرَى

<<  <  ج: ص:  >  >>