للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خَمْسُمِائَةٍ مِنْهَا كَانَتْ دَيْنًا عَلَى الْمُسْلَفِ إلَيْهِ وَخَمْسُمِائَةٍ نَقْدًا نَقَدَهَا إيَّاهُ أَتَصْلُحُ حِصَّةُ النَّقْدِ أَمْ لَا؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا يَحِلُّ هَذَا السَّلَفُ لِأَنَّ بَعْضَهُ دَيْنٌ فِي دَيْنٍ، أَلَا تَرَى أَنَّ الْخَمْسَمِائَةِ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِ كَانَتْ دَيْنًا فَسَلَّفَهُ إيَّاهَا فِي دَيْنٍ فَصَارَتْ دَيْنًا فِي دَيْنٍ فَلَمَّا بَطَلَ بَعْضُ الصَّفْقَةِ بَطَلَتْ كُلُّهَا، وَلَا يَجُوزُ مِنْ ذَلِكَ حِصَّةُ النَّقْدِ فَإِذَا بَطَلَ بَعْضُ الصَّفْقَةِ بَطَلَتْ كُلُّهَا.

قُلْت: أَرَأَيْت إنْ بِعْت عَبْدًا لِي بِطَعَامٍ إلَى أَجَلِ سَنَةٍ أَوْ سَلَّفْته فِي طَعَامٍ إلَى أَجَلِ سَنَةٍ ثُمَّ تَفَرَّقْنَا قَبْلَ الْقَبْضِ فَلَمْ يَقْبِضْ الْعَبْدُ مِنِّي إلَّا بَعْدَ شَهْرٍ؟ .

قَالَ: أَرَى أَنَّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ شَرَطَ أَنَّهُ يَقْبِضُ الْعَبْدَ بَعْدَ شَهْرٍ أَنَّ الْبَيْعَ جَائِزٌ وَلَمْ يُوَقِّتْ لَنَا مَالِكٌ فِي الشَّهْرِ إذَا لَمْ يَقْبِضْ الْعَبْدَ إلَى ذَلِكَ الْأَجَلِ، وَلَكِنَّ رَأْيِي أَنَّهُ جَائِزٌ وَإِنْ تَأَخَّرَ الْعَبْدُ إلَى ذَلِكَ الْأَجَلِ إذَا كَانَ ذَلِكَ هَرَبًا مِنْ أَحَدِهِمَا أَوْ تَأْخِيرًا مِنْ غَيْرِ شَرْطِ أَنْ يَنْفُذَ الْبَيْعُ بَيْنَهُمَا.

قُلْت: أَرَأَيْت إنْ أَسْلَمَ إلَيَّ ثَوْبًا بِعَيْنِهِ أَوْ حِنْطَةً بِعَيْنِهَا فِي عَبْدٍ مَوْصُوفٍ إلَى أَجَلٍ فَافْتَرَقْنَا قَبْلَ أَنْ أَقْبِضَ الْحِنْطَةَ أَوْ أَقْبِضَ الثَّوْبَ ثُمَّ قَبَضْتُهُ مِنْهُ بَعْدَ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ؟ .

قَالَ: لَا بَأْسَ بِذَلِكَ عِنْدَ مَالِكٍ. قُلْت: فَإِنْ قَبَضْته مِنْهُ بَعْدَ أَيَّامٍ كَثِيرَةٍ؟

قَالَ: كَانَ يَكْرَهُ ذَلِكَ مَالِكٌ وَلَا يُعْجِبُهُ.

قُلْت: أَتَرَاهُ مَفْسُوخًا إذَا تَرَكَهُ الْأَيَّامَ الْكَثِيرَةَ ثُمَّ قَبَضَهُ؟

قَالَ: إنْ كَانَا شَرَطَا ذَلِكَ فَذَلِكَ مَفْسُوخٌ عِنْدَ مَالِكٍ. قُلْت: فَإِنْ تَأَخَّرَ الْقَبْضُ الْأَيَّامَ الْكَثِيرَةَ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ؟

قَالَ: أَحْفَظُ عَنْ مَالِكٍ الْكَرَاهِيَةَ فِيهِ وَلَا أَحْفَظُ عَنْهُ الْفَسْخَ.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَأَنَا أَرَى إذَا كَانَ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ أَنْ يُنَفَّذَ الْبَيْعُ بَيْنَهُمَا.

[السَّلَف الْفَاسِد]

فِي السَّلَفِ الْفَاسِدِ قُلْت: فَمَا قَوْلُ مَالِكٍ فِيمَنْ سَلَّفَ فِي حِنْطَةٍ وَلَمْ يَذْكُرْ جَيِّدَةً وَلَا رَدِيئَةً؟ .

قَالَ: لَا خَيْرَ فِيهِ إذَا سَلَّفَ فِي حِنْطَةٍ وَقَدْ نَقَدَ الثَّمَنَ وَضَرَبَ الْأَجَلَ وَلَمْ يَذْكُرْ جَيِّدَةً وَلَا رَدِيئَةً فَلَا خَيْرَ فِيهِ.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: يُفْسَخُ وَلَا خَيْرَ فِيهِ إلَّا أَنْ يَصِفَهَا بِجَوْدَتِهَا لِأَنَّ الطَّعَامَ يَخْتَلِفُ فِي الصِّفَةِ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ أَسْلَفَ فِي طَعَامٍ مَوْصُوفٍ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ وَنَقَدَهُ وَاشْتَرَطَ الطَّعَامَ

<<  <  ج: ص:  >  >>