للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الَّذِي سَلَّفَ فِيهِ بِمِكْيَالٍ عِنْدَهُ أَوْ عِنْدَ رَجُلٍ أَوْ بِقَصْعَةٍ أَوْ بِقَدَحٍ؟ .

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَوْ أَنَّ رَجُلًا اشْتَرَى طَعَامًا بِقَدَحٍ أَوْ بِقَصْعَةٍ لَيْسَ بِمِكْيَالِ النَّاسِ رَأَيْت ذَلِكَ فَاسِدًا وَلَمْ أَرَهُ جَائِزًا، فَالسَّلَفُ فِيهِ بِتِلْكَ الْمَنْزِلَةِ أَوْ أَشَدُّ.

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: وَإِنَّمَا يَجُوزُ هَذَا أَنْ يَتَبَايَعُوهُ فِيمَا بَيْنَهُمْ بِالْقَدَحِ أَوْ الْقَصْعَةِ أَوْ الْمِكْيَالِ إذَا كَانَ الْمِكْيَالُ هَكَذَا بِعَيْنِهِ لَيْسَ بِمِكْيَالِ السُّوقِ وَالنَّاسِ لِمَنْ يَشْتَرِي مِنْ الْأَعْرَابِ حَيْثُ لَا يَكُونُ ثَمَّ مِكْيَالٌ مَعْرُوفٌ لِلنَّاسِ وَلَا فِي الْأَسْوَاقِ وَلَا فِي الْقُرَى فَيَشْتَرِي مِنْ الْأَعْرَابِ مِثْلَ الْعَلَفِ وَالتِّبْنِ وَالْخَبَطِ، وَقَالَ أَشْهَبُ مِثْلَهُ فِي الْكَرَاهِيَةِ إلَّا أَنَّهُ يَقُولُ: إنْ نَزَلَ لَمْ أَفْسَخْهُ. وَقَالَ سَحْنُونٌ: إنَّمَا يَجُوزُ لِلنَّاسِ أَنْ يَشْتَرِطُوا فِي تَسَلُّفِ الطَّعَامِ وَفِي الشِّرَاءِ بِالْمِكْيَالِ الَّذِي جَعَلَهُ الْوَالِي لِلنَّاسِ فِي الْأَسْوَاقِ وَهُوَ الْجَارِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ أَسْلَفَ وَيَوْمَ اشْتَرَى فَأَمَّا الرَّجُلُ يُسْلِفُ وَيَشْتَرِي وَيَشْتَرِطُ مِكْيَالًا قَدْ تُرِكَ وَأُقِيمَ لِلنَّاسِ غَيْرُهُ وَلَا يَعْرِفُ قَدْرَهُ وَلَا مِعْيَارَهُ مِنْ هَذَا الْمِكْيَالِ الْجَارِي بَيْنَ النَّاسِ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ وَهُوَ مَفْسُوخٌ.

قُلْت: أَرَأَيْت رَجُلًا سَلَّفَ تِبْرًا جُزَافًا فِي سِلْعَةٍ مَوْصُوفَةٍ إلَى أَجَلٍ أَيَجُوزُ أَمْ لَا؟

قَالَ: ذَلِكَ جَائِزٌ عِنْدَ مَالِكٍ.

قُلْت: فَإِنْ سَلَّفَ دَرَاهِمَ جُزَافًا قَدْ عَرَفَا عَدَدَهَا إلَّا أَنَّهُمَا لَا يَعْرِفَانِ وَزْنَهَا فِي سِلْعَةٍ مَوْصُوفَةٍ إلَى أَجَلٍ؟ .

قَالَ: لَا يَجُوزُ عِنْدَ مَالِكٍ.

قُلْت: فَمَا فَرَّقَ بَيْنَ التِّبْرِ وَالدَّرَاهِمِ جُزَافًا؟ قَالَ: لِأَنَّ التِّبْرَ بِمَنْزِلَةِ السِّلْعَةِ وَالدَّرَاهِمُ لَيْسَتْ بِتِلْكَ الْمَنْزِلَةِ إنَّمَا الدَّرَاهِمُ عَيْنٌ وَثَمَنٌ فَلَا يَصْلُحُ أَنْ تُبَاعَ الدَّرَاهِمُ جُزَافًا، وَقَدْ يُبَاعُ التِّبْرُ الْمَكْسُورُ جُزَافًا مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَالْآنِيَةُ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ جُزَافًا، وَالْحُلِيُّ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ جُزَافًا، فَإِذَا كَانَ ذَهَبًا بَاعَهُ بِفِضَّةٍ وَبِجَمِيعِ السِّلَعِ وَإِذَا كَانَتْ فِضَّةً بَاعَهَا بِذَهَبٍ وَبِجَمِيعِ السِّلَعِ فَهَذَا فَرْقُ مَا بَيْنَهُمَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ.

قُلْت: مَا قَوْلُ مَالِكٍ فِي الرَّجُلِ إذَا أَسْلَمَ فِي طَعَامٍ دَرَاهِمَ لَا يَعْلَمُ وَزْنَهَا؟ .

قَالَ: لَا يَجُوزُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ.

قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: إذَا كَانَتْ الدَّرَاهِمُ لَا يَعْلَمُ مَا وَزْنُهَا فَإِنَّمَا اعْتَزَيَا بِهَا وَجْهَ الْقِمَارِ وَالْمُخَاطَرَةِ فَذَلِكَ لَا يَجُوزُ.

قُلْت: فَإِنْ أَسْلَمَ نُقَارَ فِضَّةٍ وَتِبْرًا مَكْسُورًا لَا يَعْلَمُ وَزْنَهُ؟ .

قَالَ: ذَلِكَ جَائِزٌ وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ سِلْعَةٍ مِنْ السِّلَعِ. قُلْت: أَرَأَيْت لَوْ أَنَّ رَجُلًا أَسْلَمَ دَرَاهِمَ قَدْ عَرَفَ مَا وَزْنُهَا وَدَنَانِيرَ لَا يَعْرِفُ وَزْنَهَا أَسْلَمَ جَمِيعَ ذَلِكَ فِي حِنْطَةٍ مَوْصُوفَةٍ؟ .

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: مِنْ أَسْلَمَ دَنَانِيرَ فِي حِنْطَةٍ لَا يَعْرِفُ وَزْنَهَا لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>