للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْهِبَةُ؟ قَالَ: هِيَ جَائِزَةٌ فِي قَوْلِ مَالِكٍ. قُلْت: فَكَيْفَ يَكُونُ قَبْضُهُ؟

قَالَ: إنْ حَازَ الْجَارِيَةَ وَأَمْكَنَهُ مِنْهَا حَتَّى تَلِدَ فَيَأْخُذَ وَلَدَهَا، وَأَمْكَنَهُ مِنْ الْغَنَمِ حَتَّى تَضَعَ فَيَأْخُذَ أَوْلَادَهَا، فَهَذِهِ حِيَازَةٌ وَقَبْضٌ مِثْلُ النَّخْلِ إذَا وَهَبَ ثَمَرَتَهَا قَبْلَ أَنْ يَبْدُوَ صَلَاحُهَا، فَحَازَ الْمَوْهُوبُ لَهُ الْحَائِطَ حَتَّى يَحِدَّ ثَمَرَتَهُ وَكَانَ يَسْقِيهِ وَيَقُومُ عَلَيْهِ أَوْ وَهَبَ لَهُ زَرْعًا لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ فَحَازَ الزَّرْعَ وَكَانَ يَسْقِيهِ وَيَقُومُ عَلَيْهِ حَتَّى يَرْفَعَ زَرْعَهُ فَهَذَا قَبْضٌ، وَكَذَلِكَ مَا سَأَلْت عَنْهُ مِمَّا فِي بَطْنِ الْجَارِيَةِ وَمَا فِي بُطُونِ الْحَيَوَانِ. قُلْت: أَرَأَيْت الَّذِي وَهَبَ الثَّمَرَةَ فِي رُءُوسِ النَّخْلِ، أَوْ الزَّرْعَ قَبْلَ أَنْ يَبْدُوَ صَلَاحُهُ، إنْ أَرَادَ أَنْ يَمْنَعَ مِنْ النَّخْلِ وَيَمْنَعَ مِنْ الْأَرْضِ الَّتِي فِيهَا الزَّرْعُ؟ قَالَ: لَيْسَ ذَلِكَ لَهُ، وَلَهُ أَنْ يَحُوزَ الثَّمَرَةَ وَالسَّقْيُ عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ، وَالزَّرْعُ بِهَذِهِ الْمَنْزِلَةِ يُسْقَى وَيَقُومُ عَلَى زَرْعِهِ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَحُولَ بَيْنَك وَبَيْنَ ذَلِكَ وَيَكُونُ هَذَا قَبْضًا. قُلْت: فَالْغَنَمُ وَالْجَارِيَةُ، أَيَكُونُ لَهُ أَنْ يَحُولَ بَيْنِي وَبَيْنَ ذَلِكَ؟

قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا وَلَا أَرَى ذَلِكَ لَهُ.

قُلْت: أَرَأَيْت إنْ وَهَبْت لِرَجُلٍ مَا تَلِدُ جَارِيَتِي عِشْرِينَ سَنَةً، أَتَجُوزُ هَذِهِ الْهِبَةُ أَمْ لَا؟

قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا، وَلَكِنِّي سَمِعْت مَالِكًا يَقُولُ فِي الَّذِي يَهَبُ ثَمَرَةَ نَخْلِهِ لِرَجُلٍ عِشْرِينَ سَنَةً أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ: إنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ إذَا حَازَ الْمَوْهُوبُ لَهُ النَّخْلَ، أَوْ جُعِلَتْ لَهُ عَلَى يَدَيْ مَنْ يَحُوزُ لَهُ فَالْجَارِيَةُ إنْ كَانَ قَبَضَهَا أَوْ حَازَهَا أَوْ جُعِلَتْ لَهُ عَلَى يَدِ مَنْ حَازَهَا لَهُ فَذَلِكَ جَائِزٌ، مِثْلَ النَّخْلِ وَإِنْ لَمْ يَحُزْهَا حَتَّى يَمُوتَ رَبُّهَا أَوْ تُحَازَ لَهُ فَالْهِبَةُ بَاطِلٌ. قُلْت: فَالْهِبَةُ فِي هَذَا وَالصَّدَقَةُ وَالْحَبْسُ وَالنَّخْلُ سَوَاءٌ أَيُّ ذَلِكَ كَانَ فَهُوَ جَائِزٌ؟

قَالَ: نَعَمْ. إذَا قَبَضَ فَهُوَ جَائِزٌ.

[وهب لَهُ جَارِيَة وَشَهد لَهُ بِالْقَبْضِ وَلَمْ يُعَايِن الشُّهُود القبض فَيَمُوت وَفِي يَده الْجَارِيَة]

فِي الرَّجُلِ يَهَبُ لِلرَّجُلِ الْجَارِيَةَ وَيُشْهِدُ لَهُ بِالْقَبْضِ وَلَمْ يُعَايِنْ الشُّهُودُ الْقَبْضَ فَيَمُوتُ وَفِي يَدِهِ الْجَارِيَةُ قُلْت: أَرَأَيْت لَوْ أَنِّي وَهَبْت جَارِيَتِي لِرَجُلٍ وَأَشْهَدْت لَهُ أَنَّهُ قَدْ قَبَضَهَا مِنِّي وَلَمْ يُعَايِنْ الشُّهُودُ الْقَبْضَ، ثُمَّ مِتُّ وَالْجَارِيَةُ فِي يَدَيَّ فَأَنْكَرَ الْوَرَثَةُ أَنْ يَكُونَ الْمَوْجُوبُ لَهُ قَبَضَ الْجَارِيَةَ؟ قَالَ: سَأَلْت مَالِكًا عَنْ الرَّجُلِ يَتَصَدَّقُ عَلَى وَلَدٍ لَهُ كِبَارٍ بِعَبْدٍ وَكَتَبَ لَهُمْ كِتَابًا، وَكَتَبَ فِي كِتَابِهِ أَنَّهُ قَدْ دَفَعَهُ إلَيْهِمْ وَقَبَضُوهُ. وَكَانَ الْوَلَدُ كِبَارًا وَقَدْ بَلَغُوا الْحِيَازَةَ وَمِثْلُهُمْ يَحُوزُ، فَهَلَكَ الْأَبُ وَقَدْ كَانَتْ صَدَقَتُهُ فِي صِحَّتِهِ، فَلَمَّا هَلَكَ الْأَبُ قَالَ بَقِيَّةُ الْوَرَثَةِ: لَمْ تَقْبِضُوا وَقَالَ: الْمُتَصَدَّقُ عَلَيْهِمْ: قَدْ قَبَضْنَا. وَاحْتَجُّوا عَلَيْهِمْ بِشَهَادَةِ الشُّهُودِ وَإِقْرَارِ الْمُتَصَدِّقِ بِاَلَّذِي فِي الْكِتَابِ، فَسُئِلَ الشُّهُودُ أَعَلِمْتُمْ أَنَّهُمْ حَازُوا؟ وَقَالُوا لَا عِلْمَ لَنَا إلَّا مَا فِي هَذَا الْكِتَابِ مِنْ الْإِقْرَارِ، وَلَا نَدْرِي أَحَازُوا أَوْ لَمْ يَحُوزُوا. فَقَالَ لِي مَالِكٌ: إنْ لَمْ تَكُنْ لَهُمْ بَيِّنَةٌ أَنَّهُمْ قَدْ حَازُوا - وَفِي صِحَّةٍ مِنْهُ - فَهِيَ مَوْرُوثَةٌ عَلَى فَرَائِضِ اللَّهِ فَكَذَلِكَ مَسْأَلَتُك.

<<  <  ج: ص:  >  >>