للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[إحْصَانُ الْمُرْتَدَّةِ]

ِ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْمُسْلِمَ يَتَزَوَّجُ الْمَرْأَةَ وَيَدْخُلُ بِهَا ثُمَّ تَرْتَدُّ عَنْ الْإِسْلَامِ، ثُمَّ تَرْجِعُ إلَى الْإِسْلَامِ، فَتَزْنِي قَبْلَ أَنْ تَتَزَوَّجَ مِنْ بَعْدِ الرِّدَّةِ أَتُرْجَمُ أَمْ لَا تُرْجَمُ؟

قَالَ: لَا أَرَى أَنْ تُرْجَمَ، وَلَمْ أَسْمَعْهُ مِنْ مَالِكٍ، إلَّا أَنَّ مَالِكًا سُئِلَ عَنْهَا إذَا ارْتَدَّتْ وَقَدْ حَجَّتْ ثُمَّ رَجَعَتْ إلَى الْإِسْلَامِ أَيُجْزِئُهَا ذَلِكَ الْحَجُّ؟

قَالَ: لَا، حَتَّى تَحُجَّ حَجَّةً مُسْتَأْنَفَةً، فَإِذًا كَانَ عَلَيْهَا حَجَّةُ الْإِسْلَامِ حَتَّى يَكُونَ إسْلَامُهَا ذَلِكَ كَأَنَّهُ مُبْتَدَأٌ، مِثْلُ مَنْ أَسْلَمَ كَانَ مَا كَانَ مِنْ زِنًا قَبْلَهُ مَوْضُوعًا وَمَا كَانَ لِلَّهِ، وَإِنَّمَا تُؤْخَذُ فِي ذَلِكَ بِمَا كَانَ لِلنَّاسِ مِنْ الْفُرْقَةِ وَالسَّرِقَةِ مِمَّا لَوْ عَمِلَتْهُ وَهِيَ كَافِرَةٌ، كَانَ ذَلِكَ عَلَيْهَا، وَكُلُّ مَا كَانَ لِلَّهِ مِمَّا تَرَكَتْهُ قَبْلَ ارْتِدَادِهَا مِنْ صَلَاةٍ تَرَكَتْهَا أَوْ صِيَامٍ أَفْطَرَتْهُ فِي رَمَضَانَ أَوْ زَكَاةٍ تَرَكَتْهَا أَوْ زِنًا زَنَتْهُ فَذَلِكَ كُلُّهُ عَنْهَا مَوْضُوعٌ وَلْتَسْتَأْنِفْ بَعْدَ أَنْ رَجَعَتْ إلَى الْإِسْلَامِ مَا كَانَ يَسْتَأْنِفُ الْكَافِرُ إذَا أَسْلَمَ.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَهُوَ أَحْسَنُ مَا سَمِعْتُ وَهُوَ رَأْيِي

. قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَالْمُرْتَدُّ إذَا ارْتَدَّ وَعَلَيْهِ أَيْمَانٌ بِالْعِتْقِ أَوْ عَلَيْهِ ظِهَارٌ أَوْ عَلَيْهِ أَيْمَانٌ بِاَللَّهِ قَدْ حَلَفَ بِهَا إنَّ الرِّدَّةَ تُسْقِطُ ذَلِكَ عَنْهُ.

سَحْنُونٌ وَقَدْ قَالَ بَعْضُ الرُّوَاةِ إنَّ رِدَّتَهُ لَا تَطْرَحُ إحْسَانَهُ فِي الْإِسْلَامِ وَلَا أَيْمَانَهُ بِالطَّلَاقِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا فِي الْإِسْلَامِ ثُمَّ ارْتَدَّ، ثُمَّ رَجَعَ إلَى الْإِسْلَامِ أَكَانَ يَكُونُ لَهُ تَزْوِيجُهَا بِغَيْرِ زَوْجٍ، وَلَوْ نَكَحَ امْرَأَةً قَدْ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا ثَلَاثًا ثُمَّ ارْتَدَّ ثُمَّ رَجَعَ إلَى الْإِسْلَامِ مَا كَانَتْ الزَّوْجَةُ تَحِلُّ لِزَوْجِهَا الَّذِي طَلَّقَهَا ثَلَاثًا بِنِكَاحِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ وَوَطِئَهُ إيَّاهَا.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْعَبْدَيْنِ إذَا أُعْتِقَا وَهُمَا زَوْجَانِ فَلَمْ يُجَامِعْهَا بَعْدَ الْعِتْقِ حَتَّى زَنَيَا، أَيَكُونَانِ مُحْصَنَيْنِ أَمْ لَا يَكُونَانِ مُحْصَنَيْنِ؟

قَالَ: لَا يَكُونَانِ مُحْصَنَيْنِ إلَّا بِجِمَاعٍ مِنْ بَعْدِ الْعِتْقِ، وَكَذَلِكَ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ وَرَبِيعَةُ.

[حُكْم نِكَاح التَّحْلِيل]

فِي الْإِحْلَالِ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ تَزَوَّجَ رَجُلٌ امْرَأَةً بِغَيْرِ وَلِيٍّ، اسْتَخْلَفَتْ عَلَى نَفْسِهَا رَجُلًا فَزَوَّجَهَا وَدَخَلَ بِهَا، أَيَكُونُ هَذَا النِّكَاحُ إحْصَانًا فِي قَوْلِ مَالِكٍ أَمْ لَا؟

قَالَ: لَا يَكُونُ إحْصَانًا.

قُلْتُ: فَهَلْ يُحِلُّهَا وَطْءُ هَذَا الزَّوْجِ لِزَوْجٍ كَانَ قَبْلَهُ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: لَا، إذَا فَرَّقَ بَيْنَهُمَا وَلَا يَكُونُ الْإِحْصَانُ إلَّا فِي نِكَاحٍ لَا يُفَرِّقُ فِيهِ الْوَلِيُّ مَعَ وَطْءٍ يَحِلُّ، إلَّا أَنْ يُجِيزَهُ الْوَلِيُّ أَوْ السُّلْطَانُ، فَيَطَؤُهَا بَعْدَ إجَازَتِهِ فَيَكُونُ إحْصَانًا بِمَنْزِلَةِ الْعَبْدِ إذَا وَطِئَ قَبْلَ إجَازَةِ السَّيِّدِ فَلَيْسَ ذَلِكَ بِإِحْصَانٍ، وَلَا تَحِلُّ لِزَوْجٍ كَانَ قَبْلَهُ إلَّا أَنْ يُجِيزَ السَّيِّدُ فَيَطَؤُهَا بَعْدَ ذَلِكَ فَيَكُونُ إحْصَانًا وَتَحِلُّ بِذَلِكَ لِزَوْجٍ كَانَ قَبْلَهُ، فَكَذَلِكَ الَّتِي تُنْكَحُ بِغَيْرِ وَلِيٍّ وَهُوَ مَا لَوْ

<<  <  ج: ص:  >  >>