أَرَادَ السُّلْطَانُ أَنْ يَفْسَخَهُ فَسَخَهُ أَوْ الْوَلِيُّ لَمْ يَكُنْ إحْصَانًا وَلَمْ تَحِلَّ لِزَوْجٍ كَانَ قَبْلَهُ بِهَذَا النِّكَاحِ وَهَذَا الَّذِي سَمِعْتُ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ مِمَّنْ أَثِقُ بِهِ.
قُلْتُ: فَهَلْ يُحِلُّهَا وَطْءُ الصَّبِيِّ لِزَوْجٍ كَانَ قَبْلَهُ إذَا جَامَعَهَا قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا يُحِلُّهَا وَطْءُ الصَّبِيِّ لِزَوْجٍ كَانَ قَبْلَهُ إذَا جَامَعَهَا؛ لِأَنَّ وَطْءَ الصَّبِيِّ لَيْسَ بِوَطْءٍ، وَلِأَنَّ مَالِكًا قَالَ لِي أَيْضًا لَوْ أَنَّ كَبِيرَةً زَنَتْ بِصَبِيٍّ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهَا الْحَدُّ وَلَا يَكُونُ وَطْؤُهُ إحْصَانًا وَإِنَّمَا يُحْصِنُ مِنْ الْوَطْءِ مَا يَجِبُ فِيهِ الْحَدُّ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْمَجْنُونَ وَالْخَصِيَّ الْقَائِمَ الذَّكَرِ هَلْ تَحِلُّ الْمَرْأَةُ بِجِمَاعِهِمَا لِزَوْجٍ كَانَ طَلَّقَهَا قَبْلَهُمَا ثَلَاثًا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: نَعَمْ، فِي رَأْيِي؛ لِأَنَّ هَذَا وَطْءٌ كَبِيرٌ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْمَجْبُوبَ هَلْ يَحِلُّهَا لِزَوْجٍ كَانَ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا؟ قَالَ: لَا؛ لِأَنَّهُ لَا يُجَامِعُ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الصَّبِيَّةَ إذَا تَزَوَّجَهَا رَجُلٌ فَطَلَّقَهَا ثَلَاثًا ثُمَّ تَزَوَّجَتْ آخَرَ مِنْ بَعْدِهِ وَمِثْلُهَا يُوطَأُ وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ تَحِيضَ، فَوَطِئَهَا الثَّانِي فَطَلَّقَهَا أَيْضًا أَوْ مَاتَ عَنْهَا، أَتَحِلُّ لِزَوْجِهَا الْأَوَّلِ الَّذِي طَلَّقَهَا ثَلَاثًا بِوَطْءِ هَذَا الثَّانِي وَإِنَّمَا وَطِئَهَا قَبْلَ أَنْ تَحِيضَ؟
قَالَ: نَعَمْ، وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ مَا لَا تَجْعَلُهَا بِهِ مُحْصَنَةً هَلْ تُحِلُّهَا بِذَلِكَ الْوَطْءِ وَذَلِكَ النِّكَاحِ لِزَوْجٍ كَانَ قَدْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: لَا وَكَذَلِكَ بَلَغَنِي عَنْ مَالِكٍ فِي الْإِحْصَانِ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَقَالَ لِي مَالِكٌ فِي نِكَاحِ الْعَبْدِ وَكُلِّ نِكَاحٍ كَانَ حَرَامًا: يُفْسَخُ وَلَا يُتْرَكُ عَلَيْهِ أَهْلُهُ، مِثْلُ الْمَرْأَةِ تُزَوِّجُ نَفْسَهَا وَالْأَمَةُ تُزَوِّجُ نَفْسَهَا وَالرَّجُلُ يَتَزَوَّجُ أُخْتَهُ مِنْ الرَّضَاعَةِ أَوْ مِنْ ذَوَاتِ الْمَحَارِمِ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ، أَوْ يَتَزَوَّجُ أُخْتَ امْرَأَتِهِ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ فَيَدْخُلُ بِهَا، أَوْ عَمَّتَهَا أَوْ خَالَتَهَا أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ لَا يُحِلُّهَا بِذَلِكَ الْوَطْءِ لِزَوْجٍ كَانَ قَدْ طَلَّقَهَا قَبْلَهُ ثَلَاثًا وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ الْوَطْءُ وَلَا ذَلِكَ النِّكَاحُ إحْصَانًا وَهُوَ رَأْيِي.
قُلْتُ: أَرَأَيْت كُلَّ نِكَاحٍ يَكُونُ لِلْأَوْلِيَاءِ إنْ شَاءُوا أَثْبَتُوهُ وَإِنْ شَاءُوا رَدُّوهُ، وَإِلَى الْمَرْأَةِ إنْ شَاءَتْ رَضِيَتْ وَإِنْ شَاءَتْ فَسَخَتْ النِّكَاحَ، مِثْلُ الْمَرْأَةِ تَتَزَوَّجُ الرَّجُلَ وَهُوَ عَبْدٌ لَا تَعْلَمُ بِهِ وَالرَّجُلُ يَتَزَوَّجُ الْمَرْأَةَ وَهِيَ جَذْمَاءُ أَوْ بَرْصَاءُ لَا يَعْلَمُ بِذَلِكَ حَتَّى وَطِئَهَا فَاخْتَارَتْ الْمَرْأَةُ فِرَاقَ الْعَبْدِ وَاخْتَارَ الرَّجُلُ فِرَاقَ هَذِهِ الْمَرْأَةِ، أَيَكُونُ هَذَا النِّكَاحُ وَالْوَطْءُ مِمَّا يُحِلُّهَا لِزَوْجٍ كَانَ قَبْلَهُ؟ قَالَ: قَالَ لِي مَالِكٌ فِي الْمَرْأَةِ تَنْكِحُ الرَّجُلَ وَهُوَ عَبْدٌ لَا تَعْلَمُ بِهِ ثُمَّ عَلِمَتْ بِهِ بَعْدَمَا وَطِئَهَا فَاخْتَارَتْ فِرَاقَهُ إنَّ ذَلِكَ الْوَطْءَ لَا يُحِلُّهَا لِزَوْجٍ كَانَ قَبْلَهُ فَكَذَلِكَ مَسَائِلُك كُلُّهَا.
قُلْتُ: وَهَلْ تَكُونُ بِذَلِكَ الْوَطْءِ مُحْصَنَةً هَذِهِ الْمَرْأَةُ؟
قَالَ: لَا تَكُونُ مُحْصَنَةً بِهِ فِي رَأْيِي، وَقَدْ أَخْبَرْتُك أَنَّ مَالِكًا كَانَ يَقُولُ لَا تَكُونُ مُحْصَنَةً إلَّا بِالنِّكَاحِ الَّذِي لَيْسَ إلَى أَحَدٍ فَسْخُهُ، فَهَذَا يُجْزِئُكَ؛ لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ: لَوْ تَزَوَّجَ رَجُلٌ امْرَأَةً وَقَدْ كَانَ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا ثَلَاثًا