للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فِي قِسْمَةِ الْوَصِيِّ مَالَ الصِّغَارِ]

ِ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْوَصِيَّ، هَلْ يُقَسِّمُ مَالَ الصِّغَارِ فِيمَا بَيْنَهُمْ إذَا لَمْ يَتْرُكْ الْمَيِّتُ إلَّا صِبْيَانًا صِغَارًا، وَأَوْصَى بِهِمْ وَبِتَرِكَتِهِ إلَى هَذَا الرَّجُلِ؟ قَالَ: لَا أَرَى أَنْ يُقَسِّمَ الْوَصِيُّ مَالَهُمْ بَيْنَهُمْ، وَلَا يُقَسِّمُ مَالَ الصِّغَارِ بَيْنَهُمْ إذَا كَانُوا بِحَالِ مَا وَصَفْتُ، إلَّا السُّلْطَانُ إنْ رَأَى ذَلِكَ خَيْرًا لَهُمْ. قَالَ: وَسَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ: لَا يُقَسِّمُ بَيْنَ الْأَصَاغِرِ أَحَدٌ إلَّا الْقَاضِي.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إذَا أَوْصَى رَجُلٌ إلَى رَجُلٍ وَتَرَكَ صِبْيَانًا صِغَارًا وَأَوْلَادًا كِبَارًا، أَلَيْسَ يَجُوزُ لِلْوَصِيِّ أَنْ يُقَاسِمَ الْوَرَثَةَ الْكِبَارَ لِلصِّغَارِ بِغَيْرِ أَمْرِ قَاضٍ؟ قَالَ: أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يُرْفَعَ ذَلِكَ إلَى الْقَاضِي، لِأَنِّي سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ، وَسُئِلَ عَنْ امْرَأَةٍ حَلَفَتْ لَتُقَاسِمَنَّ إخْوَتَهَا، فَأَرَادُوا أَنْ يُقَاسِمُوهَا. فَقَالَ مَالِكٌ: أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَرْفَعُوا ذَلِكَ إلَى الْقَاضِي حَتَّى يَبْعَثَ مَنْ يُقَسِّمُ بَيْنَهُمْ.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: فَإِنْ قَاسَمَ الْوَصِيُّ أَوْ الْقَاضِي الْكِبَارَ لِلصِّغَارِ عَلَى وَجْهِ الِاجْتِهَادِ وَالْإِصَابَةِ فَذَلِكَ جَائِزٌ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ قَاسَمَ الْوَصِيُّ أَوْ الْقَاضِي هَؤُلَاءِ الْكِبَارَ لِلصِّغَارِ فَوَقَعَتْ سُهْمَانُ الْأَصَاغِرِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عَلَى حِدَةٍ وَأَخَذَ الْكِبَارُ حَظَّهُمْ وَبَقِيَ حَظُّ الْأَصَاغِرِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عَلَى حِدَةٍ فَهَلْ يُجْمَعُ ذَلِكَ بَيْنَهُمْ أَمْ لَا؟

قَالَ: لَا يُجْمَعُ ذَلِكَ بَيْنَهُمْ، وَيَكُونُ سَهْمُ كُلِّ صَغِيرٍ مِنْهُمْ حَيْثُ وَقَعَ؛ لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ: لَا يُجْمَعُ حَظُّ اثْنَيْنِ فِي الْقَسْمِ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ قِسْمَةَ الْوَصِيِّ عَلَى الْكَبِيرِ الْغَائِبِ إذَا كَانَ فِي الْوَرَثَةِ صِغَارٌ وَكِبَارٌ، أَتَجُوزُ عَلَى هَذَا الْغَائِبِ؟

قَالَ: لَا تَجُوزُ قِسْمَةُ الْوَصِيِّ عَلَى الْغَائِبِ، وَلَا يُقَسِّمُ لِهَذَا الْغَائِبِ إلَّا السُّلْطَانُ. وَإِنْ قَسَّمَ لِهَذَا الْغَائِبِ الْوَصِيُّ لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ عَلَيْهِ.

قُلْتُ: هَلْ يَبِيعُ الْوَصِيُّ الْعَقَارَ عَلَى الْيَتَامَى أَمْ لَا؟

قَالَ مَالِكٌ: لَا أُحِبُّ لَهُ أَنْ يَبِيعَ إلَّا أَنْ يَكُونَ لِذَلِكَ وَجْهٌ، مِثْلَ أَنْ يَكُونَ الْمَلِكُ يُجَاوِرُهُ فَيُعْطِيَهُ الثَّمَنَ الْكَثِيرَ الْمَرْغُوبَ فِيهِ، وَقَدْ أَضْعَفَ لَهُ فِي الثَّمَنِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ، أَوْ يَكُونَ لَيْسَ فِيمَا يَخْرُجُ مِنْهَا مَا يَحْمِلُ الْيَتِيمَ فِي نَفَقَةِ الْيَتِيمِ، فَإِذَا كَانَ هَذَا وَمَا أَشْبَهَهُ رَأَيْتُ لِلْوَصِيِّ أَنْ يَبِيعَ. وَيَجُوزُ ذَلِكَ عَلَى الْيَتِيمِ إنْ كَبِرَ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ نَصِيبَ الْغَائِبِ إذَا قَاسَمَ السُّلْطَانُ لَهُ، كَيْفَ يَصْنَعُ بِنَصِيبِهِ وَفِي يَدِ مَنْ يَتْرُكُهُ؟

قَالَ: يَنْظُرُ فِي ذَلِكَ السُّلْطَانُ لِلْغَائِبِ، لِأَنِّي سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ فِي الْوَصِيِّ يَنْظُرُ بِالدَّيْنِ وَفِي الْوَرَثَةِ كِبَارٌ قَالَ: إذَا كَانَ الْوَرَثَةُ كِبَارًا فَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ، فَهَذَا مِثْلُهُ لَيْسَ لِلْوَصِيِّ فِي حَظِّ الْكِبَارِ شَيْءٌ أَنْ يَقُولَ: يُتْرَكُ نَصِيبُ هَذَا الْكَبِيرِ الْغَائِبِ فِي يَدِي حَتَّى يَقْدَمَ، وَإِنَّمَا يَنْظُرُ لِلْغَائِبِ السُّلْطَانُ.

[فِي الْمُسْلِمِ إذَا أَوْصَى إلَى الذِّمِّيِّ وَقَسَمَهُ مَجْرَى الْمَاءِ]

ِ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْمُسْلِمَ إذَا أَوْصَى إلَى ذِمِّيٍّ، أَتَجُوزُ وَصِيَّتُهُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: كُلُّ مَنْ أَوْصَى إلَى مَنْ لَا يُرْضَى حَالُهُ وَالْمُوصَى إلَيْهِ مَسْخُوطٌ لَمْ تَجُزْ وَصِيَّتُهُ،

<<  <  ج: ص:  >  >>