للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَحَدُهُمَا كَثِيرَ التِّبْنِ أَوْ التُّرَابِ حَتَّى يَصِيرَ ذَلِكَ إلَى الْمُخَاطَرَةِ فِيمَا بَيْنَهُمَا، أَوْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا نَقِيًّا وَالْآخَرُ مَغْشُوشًا كَثِيرَ التِّبْنِ وَالتُّرَابِ، فَلَا خَيْرَ فِي ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَكُونَا نَقِيَّيْنِ أَوْ يَكُونَ مَا فِيهِمَا مِنْ الْغَلَثِ الشَّيْءَ الْخَفِيفَ. فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ كَثِيرًا صَارَ إلَى الْمُخَاطَرَةِ وَإِلَى طَعَامٍ بِطَعَامٍ وَلَيْسَ مِثْلًا بِمِثْلٍ، وَلَيْسَ هَذَا يُشْبِهُ مَا اخْتَلَفَ مِنْ الطَّعَامِ، مِثْلَ الْبَيْضَاءِ وَالسَّمْرَاءِ أَوْ الشَّعِيرِ وَالسُّلْتُ بَعْضُ هَذِهِ الْأَصْنَافِ بِبَعْضٍ؛ لِأَنَّ هَذَيْنِ الصِّنْفَيْنِ إذَا اخْتَلَفَا جَمِيعًا فَيَتَبَايَعَانِهِ، وَلِأَنَّ هَذَيْنِ مَغْشُوشَانِ فَلَا يَصْلُحُ ذَلِكَ.

قُلْتُ: وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَتْ سَمْرَاءَ مَغْلُوثَةً بِشَعِيرٍ مَغْلُوثٍ، أَيَصْلُحُ ذَلِكَ أَمْ لَا؟

قَالَ: لَا خَيْرَ فِي ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَكُونَ شَيْئًا خَفِيفًا بِحَالِ مَا وَصَفْتُ لَكَ.

قُلْتُ: وَلَيْسَ حَشَفُ التَّمْرِ بِمَنْزِلَةِ غَلَثِ الطَّعَامِ؛ لِأَنَّ الْحَشَفَ مِنْ التَّمْرِ وَالْغَلَثَ إنَّمَا هُوَ شَيْءٌ مِنْ غَيْرِ الطَّعَامِ وَهَذَا كُلُّهُ رَأْيِي.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ هَذَا الطَّعَامَ الْمَغْلُوثَ إذَا كَانَ صُبْرَةً وَاحِدَةً، أَيَجُوزُ أَنْ يَقْتَسِمَاهُ بَيْنَهُمَا؟

قَالَ: نَعَمْ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ إنْ كَانَ مِنْ صُبْرَةٍ وَاحِدَةٍ، فَإِنْ كَانَ مِنْ صُبْرَتَيْنِ مُخْتَلِفَتَيْنِ لَمْ يَصْلُحْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا يُدْرَى مَا وَقْعُ غَلْثِ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا مِنْ صَاحِبَتِهَا. وَالْوَاحِدَةُ إذَا كَانَتْ مَغْلُوثَةً غَلْثُهَا شَيْءٌ وَاحِدٌ، لَا يَدْخُلُهُ مِنْ خَوْفِ الِاخْتِلَافِ وَالْمُخَاطَرَةِ مَا يَدْخُلُ الصُّبْرَتَيْنِ إذَا كَانَتَا مُخْتَلِفَتَيْنِ. قَالَ: وَلَقَدْ سَأَلْتُ مَالِكًا عَنْ غَرْبَلَةِ الْقَمْحِ فِي بَيْعَتِهِ؟ فَقَالَ: هُوَ الْحَقُّ الَّذِي لَا شَكَّ فِيهِ. فَأَرَى أَنْ يُعْمَلَ بِهِ، وَاَلَّذِي أُجِيزُهُ مِنْ الْقَمْحِ بِالْقَمْحِ أَوْ الْقَمْحِ بِالشَّعِيرِ أَنْ يَكُونَا نَقِيَّيْنِ أَوْ يَكُونَا مُشْتَبِهَيْنِ، وَلَا يَكُونُ أَحَدُهُمَا غَلْثًا وَالْآخَرُ نَقِيًّا، وَلَا يَكُونَا إلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ، وَهَذَا الَّذِي سَمِعْتُهُ.

قُلْتُ: فَإِنْ اقْتَسَمْنَا دَارًا بَيْنَنَا فَبَنَيْتُ حِصَّتِي أَوْ هَدَمْتُهَا، فَأَصَبْتُ عَيْبًا كَانَ فِي حِصَّتِي قَبْلَ أَنْ أَهْدِمَ أَوْ قَبْلَ أَنْ أَبْنِيَ؟

قَالَ: قَدْ أَخْبَرْتُكَ أَنَّهُ إذَا هَدَمَ أَوْ بَنَى ثُمَّ أَصَابَ عَيْبًا، فَهُوَ فَوْتٌ وَيَرْجِعُ بِقِيمَةِ نِصْفِ الْعَيْبِ فَيَأْخُذُ بِذَلِكَ دَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ عَلَى مَا ذَكَرْتُ لَكَ قَبْلَ ذَلِكَ، فَيَنْظُرُ مَا فِيهِ الْعَيْبُ فَيَرْجِعُ بِنِصْفِهِ دَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ، وَهَذَا مِثْلُ مَا قَالَ مَالِكٌ فِي الْبُيُوعِ.

[فِي الرَّجُلِ يَشْتَرِي عَبْدًا فَيُسْتَحَقُّ لِغَيْرِهِ]

ِ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا اشْتَرَى عَبْدًا فَبَاعَ نِصْفَهُ مَنْ يَوْمِهِ ذَلِكَ، ثُمَّ اسْتَحَقَّ رَجُلٌ رُبُعَ جَمِيعِ الْعَبْدِ، أَيَكُونُ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرُدَّ نِصْفَ هَذَا الْعَبْدِ أَمْ لَا؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: مَنْ اشْتَرَى عَبْدًا فَاسْتُحِقَّ نِصْفُهُ أَوْ ثُلُثُهُ أَوْ رُبُعُهُ أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ، فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ رَدَّ الْجَمِيعَ وَإِنْ شَاءَ حَبَسَ مَا بَقِيَ مِنْ الْعَبْدِ بَعْدَ الَّذِي اُسْتُحِقَّ مِنْهُ، وَيَرْجِعُ عَلَى بَائِعِهِ فِي ثَمَنِ الْعَبْدِ بِقَدْرِ مَا اُسْتُحِقَّ مِنْ الْعَبْدِ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ هَذَا الَّذِي اشْتَرَى مِنْ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ إذَا اسْتَحَقَّ رُبُعَ جَمِيعِ الْعَبْدِ، أَيَكُونُ عَلَيْهِ فِي النِّصْفِ الَّذِي اشْتَرَى شَيْءٌ أَمْ لَا؟

قَالَ: نَعَمْ، يَأْخُذُ الْمُسْتَحِقُّ الرُّبُعَ مِنْهُمَا جَمِيعًا وَيَرْجِعُ هَذَا الْمُشْتَرِي الثَّانِي عَلَى بَائِعِهِ بِقَدْرِ مَا اسْتَحَقَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>