للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِي؟

قَالَ: هُمْ الَّذِينَ لَا يُحْرِزُونَ أَمْوَالَهُمْ، وَيُبَذِّرُونَهَا فِي الْفِسْقِ وَالشَّرَابِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ السَّرَفِ، قَدْ عُرِفَ ذَلِكَ مِنْهُمْ، فَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ يُحْجَرُ عَلَيْهِمْ. وَأَمَّا مَنْ كَانَ يُحْرِزُ وَهُوَ خَبِيثٌ فَاسِقٌ إلَّا أَنَّهُ لَيْسَ بِسَفِيهٍ فِي تَدْبِيرِ مَالِهِ فَإِنَّ هَذَا لَا يُحْجَرُ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ عِنْدَ وَصِيِّ أَبِيهِ أَخَذَهُ مِنْهُ.

قَالَ سَحْنُونٌ: وَقَدْ كَتَبْنَا آثَارَ هَذَا وَقَوْلَ رَبِيعَةَ فِيهِ.

قُلْتُ: هَلْ يُحْجَرُ عَلَى السَّفِيهِ فِي مَالِهِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: نَعَمْ.

قُلْتُ: وَإِنْ كَانَ شَيْخًا كَبِيرًا؟

قَالَ: نَعَمْ.

قُلْتُ: فَإِنْ أَعْتَقَ هَذَا السَّفِيهُ، أَيَجُوزُ عِتْقَهُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا يَجُوزُ عِتْقُهُ إلَّا فِي أُمِّ وَلَدِهِ وَحْدَهَا.

قُلْتُ: لِمَ جَوَّزَ مَالِكٌ عِتْقَ أُمِّ وَلَدِهِ وَحْدَهَا؟

قَالَ: لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِمَالٍ لَهُ.

قُلْتُ: أَفَيَجُوزُ بَيْعُهُ وَشِرَاؤُهُ؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ وَلَا شِرَاؤُهُ. وَحَدَّثَنَا سَحْنُونٌ عَنْ أَنَسِ بْنِ عِيَاضٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ يَزِيدَ بْنِ هُرْمُزَ، أَنَّ نَجْدَةَ كَتَبَ إلَى ابْنِ عَبَّاسٍ يَسْأَلُهُ عَنْ خَمْسِ خِلَالٍ، فَكَتَبَ إلَيْهِ ابْنُ عَبَّاسٍ: كَتَبْتَ تَسْأَلُنِي مَتَى يَنْقَضِي يُتْمُ الْيَتِيمِ؟ وَلَعَمْرِي إنَّ الرَّجُلَ لَتَنْبُتَ لِحْيَتُهُ وَإِنَّهُ لَضَعِيفُ الْأَخْذِ لِنَفْسِهِ، ضَعِيفُ الْإِعْطَاءِ مِنْهَا. فَإِنْ أَخَذَ لِنَفْسِهِ مِنْ صَالِحِ مَا يَأْخُذُ النَّاسُ، فَقَدْ انْقَطَعَ عَنْهُ الْيُتْمُ. قَالَ: وَأَخْبَرَنِي ابْنُ وَهْبٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: كَتَبَ نَجْدَةُ إلَى ابْنِ عَبَّاسٍ يَسْأَلُهُ عَنْ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَوْلَا أَنْ أَرُدَّهُ عَنْ شَيْءٍ يَقَعُ فِيهِ، مَا كَتَبْتُ إلَيْهِ وَلَا نِعْمَةَ عَيْنٍ. وَكَتَبْتَ تَسْأَلُنِي مَتَى يَنْقَضِي يُتْمُ الْيَتِيمِ؟ فَإِذَا بَلَغَ النِّكَاحَ وَأُونِسَ مِنْهُ الرُّشْدُ وَدُفِعَ إلَيْهِ مَالُهُ فَقَدْ انْقَضَى يُتْمُهُ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ صَاحِبَ الشَّرْطِ وَمَا أَشْبَهَهُ، أَيَجُوزُ حَجْرُهُ؟

قَالَ: الَّذِي سَمِعْنَا مِنْ مَالِكٍ: أَنَّ الْقَاضِيَ هُوَ الَّذِي يُجَوِّزُ حَجْرَهُ.

قُلْتُ: فَرَأْيُكَ؟

قَالَ: الْقَاضِي أَحَبُّ إلَيَّ

قُلْتُ: فَيَجُوزُ حَجْرُ الرَّجُلِ عَلَى وَلَدِهِ وَوَلَدُهُ رَجُلٌ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: مَنْ أَرَادَ أَنْ يَحْجُرَ عَلَى وَلَدِهِ، فَلْيَأْتِ بِهِ إلَى السُّلْطَانِ حَتَّى يُوقِفَهُ السُّلْطَانُ، وَيَدُورَ بِهِ فِي الْأَسْوَاقِ وَالْمَوَاضِعِ وَالْمَسَاجِدِ.

قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: وَسَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ فِي الرَّجُلِ يُرِيدُ أَنْ يَحْجُرَ عَلَى وَلَدِهِ. قَالَ: لَا يَحْجُرُ عَلَيْهِ إلَّا عِنْدَ السُّلْطَانِ فَيَكُونُ السُّلْطَانُ الَّذِي يُوقِفُهُ لِلنَّاسِ، أَوْ يَسْعَى بِهِ فِي مَجْلِسِهِ وَيُشْهِدُ عَلَى ذَلِكَ، فَمَنْ بَايَعَهُ أَوْ ابْتَاعَ مِنْهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَهُوَ مَرْدُودٌ.

[دَفَعَ إلَى رَجُلٍ مَالًا فَقَالَ الْمَدْفُوعُ إلَيْهِ كَانَتْ سَلَفًا وَقَالَ الدَّافِعُ بَلْ أَسْلَفْتُهَا إيَّاكَ]

َ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِرَجُلٍ: ادْفَعْ إلَى فُلَانٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ عَنِّي أَوْ لَمْ يَقُلْ عَنِّي فَدَفَعَهَا كَمَا أَمَرَهُ، ثُمَّ جَاءَ يَطْلُبُهُ بِهَا فَقَالَ الْآمِرُ: كَانَتْ لِي عَلَيْكَ دَيْنًا، وَقَالَ الْمَأْمُورُ: لَمْ يَكُنْ لَكَ عَلَيَّ شَيْءٌ، وَلَكِنِّي دَفَعْتهَا سَلَفًا عَنْكَ؟

قَالَ: الْقَوْلُ قَوْلُ الْمَأْمُورِ.

قُلْتُ: أَتَحْفَظُهُ عَنْ مَالِكٍ؟

قَالَ: هَذَا رَأْيِي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

تَمَّ كِتَابِ الْمِدْيَانِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ الْكُبْرَى وَيَلِيهِ كِتَابُ التَّفْلِيسِ

<<  <  ج: ص:  >  >>