للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الذَّهَبِ بِالذَّهَبِ إلَى أَجَلٍ قَالَ سَحْنُونٌ: قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَا بَأْسَ بِهَذَا إذَا كَانَتْ الْمَنْفَعَةُ لِلَّذِي يَقْبِضُ الدَّنَانِيرَ وَهُوَ سَهْلٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. قَالَ سَحْنُونٌ: وَهُوَ عِنْدِي أَحْسَنُ. قُلْت: أَرَأَيْت إنْ أَقْرَضْت رَجُلًا ثَوْبًا فُسْطَاطِيًّا، أَوْ اشْتَرَيْته مَنْ رَجُلٍ إلَى أَجَلٍ، فَبِعْته مَنْ رَجُلٍ قَبْلَ حُلُولِ أَجَلِهِ بِثَوْبٍ مِثْلِهِ إلَى أَجَلٍ مَنْ الْآجَالِ، أَيَجُوزُ هَذَا أَمْ لَا؟

قَالَ: لَا يَجُوزُ هَذَا، لِأَنَّ هَذَا دَيْنٌ بِدَيْنٍ وَخَطَرٌ فِي رَأْيِي. قُلْت: وَأَيُّ شَيْءٍ مَعْنَى قَوْلِك وَخَطَرٌ، وَأَيْنَ الْخَطَرُ هَهُنَا؟

قَالَ: أَلَا تَرَى أَنَّهُمَا تَخَاطَرَا فِي اخْتِلَافِ الْأَسْوَاقِ، لِأَنَّهُمَا لَا يَدْرِيَانِ إلَى مَا تَصِيرُ الْأَسْوَاقُ إلَى ذَيْنِك الْأَجَلَيْنِ.

[فِي الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ لَهُ فِي التِّجَارَةِ يَهَبُ الْهِبَةَ لِلْعِوَضِ]

ِ قُلْت: أَرَأَيْت الْعَبْدَ الْمَأْذُونَ لَهُ فِي التِّجَارَةِ، أَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يَهَبَ الْهِبَةَ لِلْعِوَضِ؟ قَالَ: إنَّمَا هُوَ بَيْعٌ مِنْ الْبُيُوعِ، فَذَلِكَ جَائِزٌ فِي رَأْيِي.

[الرَّجُلُ يَهَبُ لِابْنٍ لِي صَغِيرٍ فَعَوَّضْته فِي مَالِ ابْنِي]

قُلْت: أَرَأَيْت إنْ وَهَبَ رَجُلٌ لِابْنٍ لِي صَغِيرٍ هِبَةً، فَعَوَّضْته مِنْ مَالِ ابْنِي، أَيَجُوزُ أَمْ لَا؟ قَالَ: ذَلِكَ جَائِزٌ فِي رَأْيِي إنْ كَانَ إنَّمَا وَهَبَهَا الْوَاهِبُ لِلْعِوَضِ لِأَنَّ هَذَا بَيْعٌ مِنْ الْبُيُوعِ.

قُلْت: وَكَذَلِكَ إنْ وَهَبَ لِي مَالَ ابْنِهِ وَهُوَ صَغِيرٌ عَلَى عِوَضٍ فَذَلِكَ جَائِزٌ؟ قَالَ: نَعَمْ.، لِأَنَّ هَذَا كُلَّهُ بَيْعٌ مِنْ الْبُيُوعِ، وَبَيْعُ الْأَبِ جَائِزٌ عَلَى ابْنِهِ الصَّغِيرِ فِي رَأْيِي

[الرَّجُلُ يَهَبُ لِي الْهِبَةَ فَتَهْلِكُ عِنْدِي قَبْلَ أَنْ أُعَوِّضَهُ]

ُ قُلْت: أَرَأَيْت إنْ وَهَبَ لِي هِبَةً فَهَلَكَتْ عِنْدِي قَبْلَ أَنْ أُعَوِّضَهُ، أَتَكُونُ عَلَى قِيمَتُهَا أَمْ لَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: عَلَيْك قِيمَتُهَا عِنْدَ مَالِكٍ.

قُلْت: أَرَأَيْت إنْ وَهَبْت لِرَجُلٍ هِبَةً فَعَوَّضَنِي مِنْهَا عِوَضًا، ثُمَّ أَصَابَ بِالْهِبَةِ عَيْبًا، أَيَكُونُ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا وَيَأْخُذَ عِوَضَهَا؟ قَالَ: نَعَمْ. فِي رَأْيِي لِأَنَّ الْهِبَةَ عَلَى الْعِوَضِ بَيْعٌ مِنْ الْبُيُوعِ. قُلْت: فَإِنْ عَوَّضَنِي فَأَصَبْت عَيْبًا بِالْعِوَضِ؟

قَالَ: إنْ كَانَ الْعَيْبُ الَّذِي أَصَبْت بِهِ لَيْسَ مِثْلَ الْجُذَامِ وَالْبَرَصِ، وَمِثْلَ الْعَيْبِ الَّذِي لَا يُثْبِتُهُ النَّاسُ فِيمَا بَيْنَهُمْ، فَإِنْ كَانَ الْعَيْبُ فِي الْعِوَضِ تَكُونُ قِيمَةُ الْعِوَضِ بِهِ قِيمَةَ الْهِبَةِ، فَلَيْسَ لَك أَنْ تَرْجِعَ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ، لِأَنَّ الزِّيَادَةَ عَلَى قِيمَةِ هِبَتِك كَانَتْ تَطَوُّعًا مِنْهُ لَك. قُلْت: فَإِنَّ كَانَ الْعِوَضُ. قِيمَتُهُ وَقِيمَةُ الْهِبَةِ سَوَاءٌ، فَأَصَبْت بِهِ عَيْبًا فَصَارَتْ قِيمَتُهُ بِالْعَيْبِ أَقَلَّ مِنْ قِيمَةِ الْهِبَةِ؟ قَالَ: إنْ أَتَمَّ لَك الْمَوْهُوبُ لَهُ قِيمَةَ الْهِبَةِ لَمْ يَكُنْ لَك عَلَيْهِ سَبِيلٌ، وَلَيْسَ لَك أَنْ تَرُدَّ الْعِوَضَ إلَّا أَنْ يَأْبَى أَنْ يُتِمَّ لَك قِيمَةَ هِبَتِك. قُلْت: وَهَذَا قَوْلُ

<<  <  ج: ص:  >  >>