للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَالِكٍ فِي الْبُيُوعِ إلَّا أَنْ تَفُوتَ الدُّورُ فِي يَدِ الْوَرَثَةِ بِبَيْعٍ أَوْ بُنْيَانٍ، فَيَرْجِعُ عَلَيْهِمْ بِالْقِيمَةِ يَوْمَ قَبَضُوا الدُّورَ بِالْقَسْمِ فَيَقْتَسِمُونَ الْقِيمَةَ بَيْنَهُمْ عَلَى قَدْرِ الْوَصِيَّةِ وَالْمَوَارِيثِ فِيمَا بَيْنَهُمْ.

قُلْتُ: فَإِنْ كَانَتْ الدُّورُ وَقَدْ فَاتَتْ فِي أَيْدِي الْوَرَثَةِ بِهَدْمٍ؟

قَالَ: يُقَالُ لِلْمُوصَى لَهُ خُذْ ثُلُثَ هَذِهِ الدُّورِ مَهْدُومَةً وَثُلُثَ نَقْضِهَا، وَلَا يَكُونُ عَلَيْهِمْ فِيمَا نَقَضَ الْهَدْمُ شَيْئًا إلَّا أَنْ يَكُونُوا بَاعُوا مِنْ النَّقْضِ شَيْئًا، فَيَكُونُ لَهُ ثُلُثُ مَا بَاعُوا بِهِ وَلَا يَكُونُ لَهُ عَلَيْهِمْ شَيْءٌ غَيْرُ ذَلِكَ لَا قِيمَةٌ وَلَا غَيْرُهَا لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ فِي رَجُلٍ اشْتَرَى دَارًا فَهَدَمَهَا فَاسْتَحَقَّهَا رَجُلٌ، فَقَالَ لِي مَالِكٌ: إنْ أَحَبَّ مُسْتَحِقُّهَا أَنْ يَأْخُذَهَا مَهْدُومَةً بِحَالِهَا فَذَلِكَ لَهُ، وَإِنْ أَبَى كَانَ لَهُ أَنْ يَتْبَعَ الْبَائِعَ بِالثَّمَنِ، وَلَيْسَ لَهُ عَلَى الْمُشْتَرِي قِيمَةٌ وَلَا غَيْرُهَا فِيمَا تَقَدَّمَ.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَأَنَا أَرَى: إنْ كَانَ هَذَا الْمُشْتَرِي الَّذِي هَدَمَ بَاعَ مِنْ نَقْضِهَا شَيْئًا فَأَرَادَ الْمُسْتَحِقُّ أَخْذَ الدَّارِ مَهْدُومَةً، كَانَ لَهُ ثَمَنُ الَّذِي بَاعَهُ الْمُشْتَرِي لِأَنَّهُ ثَمَنُ شَيْئِهِ.

قُلْتُ: فَإِنْ اشْتَرَى رَجُلٌ جَارِيَةً فَعَمِيَتْ عِنْدَهُ ثُمَّ اسْتَحَقَّهَا رَجُلٌ، أَيَكُونُ لِلْمُسْتَحِقِّ أَنْ يُضَمِّنَ الْمُشْتَرِيَ قِيمَتَهَا؟

قَالَ: لَا يَكُونُ لَهُ ذَلِكَ عِنْدَ مَالِكٍ. إنَّمَا لَهُ أَنْ يَأْخُذَهَا بِحَالِهَا أَوْ يَأْخُذَ ثَمَنَهَا مِنْ الْبَائِعِ هُوَ مُخَيَّرٌ فِي ذَلِكَ.

قَالَ: وَلَقَدْ قَالَ مَالِكٌ: لَوْ أَنَّ رَجُلًا ابْتَاعَ دَارًا فَاحْتَرَقَتْ ثُمَّ أَتَى صَاحِبُهَا فَاسْتَحَقَّهَا، أَوْ أَدْرَكَ رَجُلٌ فِيهَا شُفْعَةً، لَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَى صَاحِبِهَا الَّذِي احْتَرَقَتْ فِي يَدَيْهِ قَلِيلٌ وَلَا كَثِيرٌ إلَّا أَنْ يَأْخُذَهَا أَوْ يُسَلِّمَهَا وَيَتْبَعَ الْبَائِعَ بِالثَّمَنِ، وَلِلشَّفِيعِ أَنْ يَأْخُذَهَا بِجَمِيعِ الثَّمَنِ مُحْتَرِقَةً أَوْ يَدَعَهَا لَا شَيْءَ لَهُ غَيْرَ ذَلِكَ.

[مَا جَاءَ فِي النَّقْضِ يَكُونُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ وَالْعَرْصَةُ لَيْسَتْ لَهُمَا فَيَقْتَسِمَانِهِ]

ِ قُلْتُ: فَلَوْ أَنَّ نَقْضًا بَيْنَ رَجُلَيْنِ وَالْعَرْصَةُ لَيْسَتْ لَهُمَا، فَأَرَادَا أَنْ يَقْتَسِمَا نَقْضَهَا عَلَى الْقِيمَةِ ثُمَّ يَسْتَهِمَا أَوْ يَتَرَاضَيَا عَلَى شَيْءٍ، أَيَكُونُ ذَلِكَ لَهُمَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: أَرَى هَذَا جَائِزًا لِأَنَّ هَذَا بِمَنْزِلَةِ الْعُرُوضِ.

قُلْتُ: فَلَوْ أَرَادَ أَحَدُهُمَا قِسْمَةَ النَّقْضِ وَأَبَى صَاحِبُهُ، أَيُجْبَرُ عَلَى الْقِسْمَةِ أَمْ لَا؟

قَالَ: نَعَمْ يُجْبَرُ عَلَى ذَلِكَ، وَإِنَّمَا هُوَ بِمَنْزِلَةِ الْعُرُوضِ.

قُلْتُ: فَإِنْ أَرَادَا أَنْ يَهْدِمَا النَّقْضَ وَصَاحِبُ الدَّارِ غَائِبٌ، أَيَكُونُ لَهُمَا أَنْ يَهْدِمَاهُ أَمْ لَا؟

قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا إلَّا أَنِّي أَرَى: إنْ أَرَادَا أَنْ يَهْدِمَاهُ وَصَاحِبُ الدَّارِ غَائِبٌ أَنْ يَرْفَعَا ذَلِكَ إلَى السُّلْطَانِ، فَيَنْظُرُ السُّلْطَانُ لِلْغَائِبِ فَإِنْ كَانَ أَفْضَلَ لِلْغَائِبِ أَنْ يُعْطِيَهُمَا قِيمَةَ النَّقْضِ وَيَأْخُذَ النَّقْضَ لَهُ فَعَلَ ذَلِكَ، وَإِنْ رَأَى أَنْ يُخَلِّيَهُمَا وَنَقْضَهُمَا خَلَّاهُمَا وَذَلِكَ، وَمَا صَنَعَ السُّلْطَانُ فَهُوَ جَائِزٌ عَلَى الْغَائِبِ.

قُلْتُ: فَمِنْ أَيْنَ يَنْقُدُ الثَّمَنَ إنْ رَأَى أَنْ يَأْخُذَ لَهُ؟

قَالَ: يَنْظُرُ السُّلْطَانُ فِي ذَلِكَ وَالسُّلْطَانُ أَعْلَمُ.

قُلْتُ: فَإِنْ نَقَضَا وَلَمْ يَرْفَعَا ذَلِكَ إلَى السُّلْطَانِ أَيَكُونُ عَلَيْهِمَا لِذَلِكَ شَيْءٌ أَمْ لَا؟

قَالَ: لَا شَيْءَ عَلَيْهِمَا وَيَقْتَسِمَانِهِ بَيْنَهُمَا.

قُلْتُ: فَإِنْ أَذِنْت لِرَجُلٍ يَبْنِي فِي عَرْصَةٍ لِي وَيَسْكُنُ وَلَمْ أُوَقِّتْ لَهُ، كَمْ يَسْكُنُ سَنَةً وَلَا شَهْرًا،

<<  <  ج: ص:  >  >>