للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْأَشْيَاءَ الَّتِي ذَكَرْتَ مِنْ الْخُضَرِ وَالْفَاكِهَةِ الْخَضْرَاءِ أَنْ يُبَاعَ ذَلِكَ مِنْهُ إذَا حَلَّ بَيْعُهُ بِالدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ وَالْعُرُوضِ وَمِمَّا يُبَيِّنُ لَك ذَلِكَ أَنَّ الْعَرَايَا فِيمَا ذَكَرْتُ لَكَ لَا تُبَاعُ بِخَرْصِهَا لَوْ أَنَّ رَجُلًا أَعْرَى رَجُلًا نَخْلًا قَدْ أَزْهَتْ أَوْ أَرْطَبَتْ فَبَاعَهَا مَنْ صَاحِبِهَا عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ خَرْصَهَا رُطَبًا مَا كَانَ فِي ذَلِكَ خَيْرٌ؛ لِأَنَّ هَذَا لَمْ يَشْتَرِ بِمَا أُرْخِصَ فِيهِ لِمُشْتَرِي الْعَرَايَا بِخَرْصِهَا، وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا أَعْرَى رَجُلًا نَخْلًا لَا تُثْمِرُ وَإِنَّمَا تُؤْكَلُ رُطَبًا مِثْلُ نَخْلِ مِصْرَ لَمْ يَحِلَّ بَيْعُهَا بِخَرْصِهَا مِنْ التَّمْرِ وَكَذَلِكَ الْعِنَبُ وَمَا أَشْبَهَهُ مِمَّا لَا يَيْبَسُ وَلَا يَكُونُ زَبِيبًا لَا يُبَاعُ بِخَرْصِهِ لَا يُبَاعُ إلَّا بِالذَّهَبِ وَالْوَرِقِ وَالْعُرُوضِ نَقْدًا أَوْ إلَى أَجَلٍ، وَلَا بَأْسَ بِهِ بِالطَّعَامِ الْمُخَالِفِ لَهُ إذَا عَجَّلَ الطَّعَامَ وَقَطَعَهُ مَكَانَهُ فَإِنْ كَانَ فِي أَحَدِهِمَا تَأْخِيرٌ فَلَا يَحِلُّ.

قَالَ ابْنُ وَهْبٍ.

وَقَالَ مَالِكٌ: فِي الرَّجُلِ يُعْرِي التِّينَ وَالزَّيْتُونَ وَأَشْبَاهَ ذَلِكَ ثُمَّ يَشْتَرِيهَا كَمَا يَشْتَرِي التَّمْرَ قَالَ: بَيْعُ الْعَرِيَّةِ جَائِزٌ إذَا كَانَ مِمَّا يَيْبَسُ كُلُّهُ وَيُدَّخَرُ.

قَالَ: وَأَخْبَرَنِي ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَسْلَمَةَ بْنِ عَلِيٍّ وَبِشْرِ بْنِ بَكْرٍ عَنْ الْأَوْزَاعِيِّ قَالَ: تَكُونُ الْعَرَايَا فِي الْعِنَبِ وَالزَّيْتُونِ وَالثِّمَارِ كُلِّهَا.

[مِنْحَة الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ]

فِي مِنْحَةِ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ قُلْتُ: مَا قَوْلُ مَالِكٍ فِي الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ يَمْنَحُهَا صَاحِبُهَا رَجُلًا يَحْتَلِبُهَا عَامًا أَوْ عَامَيْنِ أَوْ أَعْوَامًا هَلْ يَجُوزُ هَذَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا بَأْسَ أَنْ يَمْنَحَ الرَّجُلُ لَبَنَ إبِلِهِ وَبَقَرِهِ وَغَنَمِهِ الْعَامَ وَالْعَامَيْنِ وَأَعْوَامًا.

قُلْتُ: فَهَلْ لَهُ إذَا أَعْرَى أَوْ مَنَحَ أَنْ يَرْجِعَ فِي ذَلِكَ بَعْدَمَا أَعْرَى أَوْ مَنَحَ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِي ذَلِكَ، قَالَ: وَالسُّكْنَى عِنْدَ مَالِكٍ بِهَذِهِ الْمَنْزِلَةِ وَالْخِدْمَةِ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الَّذِي يَمْنَحُ الرَّجُلَ اللَّبَنَ الْعَامَ أَوْ الْأَعْوَامَ إنْ أَرَادَ شِرَاءَ ذَلِكَ أَيَجُوزُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ وَيَرْتَجِعُ غَنَمَهُ وَلَبَنَهَا؟

قَالَ: لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْحَتَهُ لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ: لَوْ أَنَّ رَجُلًا أَخْدَمَ رَجُلًا عَبْدًا لَهُ حَيَاتَهُ أَوْ أَسَكَنَ رَجُلًا دَارًا لَهُ حَيَاتَهُ جَازَ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ خِدْمَةَ الْغُلَامِ وَسُكْنَى الدَّارِ وَذَلِكَ يَجُوزُ فَلَمَّا أَجَازَ ذَلِكَ لِلَّذِي أَخْدَمَ أَوْ أَسْكَنَ جَازَ لِلَّذِي مَنَحَ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْحَتَهُ أَيْضًا.

قُلْتُ: بِمَ يَجُوزُ لِي أَنْ أَشْتَرِيَ مِنْحَتِي فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: بِالدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ وَالْعُرُوضِ كُلِّهَا وَالطَّعَامِ نَقْدًا أَوْ إلَى أَجَلٍ؛ لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ: لَا بَأْسَ بِأَنْ يَشْتَرِيَ شَاةً لَبُونًا بِطَعَامٍ إلَى أَجَلٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>