يُعْطِيَهُ نَفَقَتَهَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟ وَيَكُونُ أَوْلَى بِهَا مِنْ الْغُرَمَاءِ حَتَّى يَقْبِضَ نَفَقَتَهُ وَقَدْ أَنْفَقَ بِغَيْرِ أَمْرِ رَبِّهَا؟ فَلِمَ قَالَ مَالِكٌ فِي الضَّالَّةِ: هُوَ أَوْلَى بِهَا، وَفِي نَفَقَةِ الرَّاهِنِ، لِمَ لَا يَكُونُ أَوْلَى بِهَا أَيْضًا؟
قَالَ: لِأَنَّ الضَّالَّةَ لَا يَقْدِرُ عَلَى صَاحِبِهَا، وَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ أَنْ يُنْفِقَ عَلَى الضَّالَّةِ. وَنَفَقَةُ الرَّهْنِ لَيْسَ هِيَ عَلَى الْمُرْتَهِنِ وَلَوْ شَاءَ طَلَبَ صَاحِبَهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ صَاحِبُهُ حَاضِرًا رَفَعَ ذَلِكَ إلَى السُّلْطَانِ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْوَصِيَّ، أَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يَرْهَنَ رَهْنًا مِنْ مَتَاعِ الْيَتِيمِ لِلْيَتِيمِ فِي كُسْوَةٍ اشْتَرَاهَا لِلْيَتِيمِ، أَوْ فِي طَعَامٍ اشْتَرَاهُ لِلْيَتِيمِ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: يَتَسَلَّفُ الْوَصِيُّ لِلْيَتِيمِ حَتَّى يَبِيعَ لَهُ بَعْضَ مَتَاعِهِ، فَيَقْضِيَهُ وَذَلِكَ جَائِزٌ عَلَى الْيَتِيمِ، فَكَذَلِكَ الرَّهْنُ عِنْدِي.
[فِي الْوَصِيِّ هَلْ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَعْمَلَ بِمَالِ يَتِيمِهِ مُضَارَبَةً وَفِي الرَّهْنِ فِي الْمُضَارَبَةِ]
ِ قُلْتُ: فَهَلْ يَجُوزُ لِلْوَصِيِّ أَنْ يَعْمَلَ بِمَالِ الْيَتِيمِ مُضَارَبَةً هُوَ نَفْسُهُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: لَا أَحْفَظُ قَوْلَ مَالِكٍ فِيهِ، وَلَا يُعْجِبُنِي ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَتَّجِرَ لِلْيَتِيمِ فِيهِ، أَوْ يُقَارِضَ لَهُ مِنْ غَيْرِهِ فَيَتَّجِرَ لَهُ.
قُلْتُ: أَفَيُعْطِي مَالَ الْيَتِيمِ مُضَارَبَةً؟
قَالَ: نَعَمْ.
قُلْتُ: أَيَجُوزُ لِلرَّجُلِ أَنْ يُعْطِيَ مَالًا مُضَارَبَةً وَيَأْخُذَ بِهِ رَهْنًا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: لَا خَيْرَ فِي هَذَا عِنْدَ مَالِكٍ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ ضَاعَ هَذَا الرَّهْنُ؟
قَالَ: أَرَاهُ ضَامِنًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْخُذْهُ عَلَى وَجْهِ الْأَمَانَةِ.
[فِيمَا رَهَنَ الْوَصِيُّ لِلْيَتِيمِ]
ِ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْوَصِيَّ، هَلْ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَرْتَهِنَ مَالَ الْيَتِيمِ بِدَيْنٍ يُقْرِضُهُ الْيَتِيمُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ فِي الْوَصِيِّ: يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُسَلِّفَ الْيَتِيمَ مَالًا يُنْفِقُهُ عَلَيْهِ، أَوْ يَجْعَلُهُ فِي مَصْلَحَتِهِ إذَا كَانَ لِلْيَتِيمِ عُرُوضٌ ثُمَّ يَبِيعُ وَيَسْتَوْفِي. فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْيَتِيمِ مَالٌ فَقَالَ أَنَا: أُسَلِّفُهُ وَأُنْفِقُ عَلَيْهِ، فَإِنْ أَفَادَ الْيَتِيمَ مَالًا اقْتَضَيْت مِنْهُ، فَمَا أَنْفَقَ عَلَيْهِ، إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْيَتِيمِ عُرُوضٌ وَأَمْوَالٌ فَنَفَقَتُهُ عَلَيْهِ عَلَى وَجْهِ الْحِسْبَةِ وَلَا يَتْبَعُهُ بِشَيْءٍ مِنْهُ، فَإِنْ أَفَادَ الْيَتِيمُ بَعْدَ ذَلِكَ مَالًا؛ لَمْ يَلْزَمْهُ مَا أَسْلَفَهُ عَلَى هَذَا الشَّرْطِ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ مَالٌ حِينَ أَسْلَفَهُ، وَأَمَّا مَا سَأَلْتَ عَنْهُ مِنْ الرَّهْنِ أَنَّ الْوَصِيَّ يَرْتَهِنُ لِنَفْسِهِ عُرُوضَ الْيَتِيمِ، فَلَيْسَ ذَلِكَ لَهُ، إلَّا أَنْ يَكُونَ تَسَلَّفَ مَالًا لِلْيَتِيمِ مِنْ غَيْرِهِ وَأَنْفَقَهُ عَلَيْهِ، فَلَا يَكُونُ أَحَقَّ بِالرَّهْنِ مِنْ الْغُرَمَاءِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِنَفْسِهِ مِنْ نَفْسِهِ دُونَ الْغُرَمَاءِ، وَهُوَ وَالْغُرَمَاءُ فِيهِ هَهُنَا سَوَاءٌ.
قَالَ سَحْنُونٌ: وَقَالَ غَيْرُهُ: لَيْسَ ذَلِكَ لَهُ، وَلَيْسَ لِلْوَصِيِّ أَنْ يَقْبِضَ مِنْ نَفْسِهِ لِنَفْسِهِ.