للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فِي الدَّعْوَى فِي الرَّجُلِ يَتَصَدَّقُ عَلَى الرَّجُلِ بِالْحَائِطِ وَفِيهِ ثَمَرَةٌ قَدْ طَابَتْ]

ْ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الرَّجُلَ يَتَصَدَّقُ عَلَى الرَّجُلِ بِالْحَائِطِ وَفِيهِ ثَمَرَةٌ قَدْ طَابَتْ فَقَالَ الْمُتَصَدِّقُ: إنَّمَا تَصَدَّقْتُ عَلَيْهِ بِالْحَائِطِ دُونَ الثَّمَرَةِ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: الْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الْحَائِطِ مِنْ حِينِ تُؤَبَّرُ الثَّمَرَةُ.

قُلْتُ: فَهَلْ يَحْلِفُ؟

قَالَ: لَا وَمَا سَمِعْتُ مِنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَسَأَلْتُ مَالِكًا عَنْ الرَّجُلِ يَهَبُ النَّخْلَ لِلرَّجُلِ وَفِيهِ ثَمَرٌ؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إنْ كَانَتْ الثَّمَرَةُ لَمْ تُؤَبَّرْ فَهِيَ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ، وَإِنْ كَانَتْ قَدْ أُبِّرَتْ رَأَيْتُ الْقَوْلَ فِيهَا قَوْلَ الْوَاهِبِ فَإِنْ قَالَ: إنَّمَا وَهَبْتُ النَّخْلَ وَحْدَهَا وَاحْتَبَسْتُ الثَّمَرَةَ فَذَلِكَ لَهُ وَهُوَ مُصَدَّقٌ.

قُلْتُ: فَكَيْفَ يَكُونُ وَجْهُ الْحِيَازَةِ الْمَعْرُوفَةِ الَّتِي إذَا حَازَ النَّخْلَ فَهِيَ حِيَازَةٌ وَإِنْ كَانَ رَبُّهَا يَسْقِيهَا لِمَكَانِ ثَمَرَتِهِ؟ قَالَ: إنْ كَانَ خُلِّيَ بَيْنَ الْمَوْهُوبِ لَهُ وَبَيْنَ سَقْيِهَا، فَإِنَّ حِيَازَةَ الْمَوْهُوبِ لَهُ النَّخْلَ حِيَازَةٌ، وَلَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ يَحُدُّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي الْحِيَازَةِ شَيْئًا.

[فِي الرَّجُلِ يَهَبُ النَّخْلَ لِلرَّجُلِ وَيَشْتَرِطُ ثَمَرَتَهَا لِنَفْسِهِ سِنِينَ]

َ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا وَهَبَ نَخْلًا لِرَجُلٍ وَاشْتَرَطَ لِنَفْسِهِ ثَمَرَتَهَا عَشْرَ سِنِينَ، أَيَجُوزُ ذَلِكَ أَمْ لَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: إنْ كَانَ سَلَّمَ النَّخْلَ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ يَسْقِيهَا بِمَاءِ نَفْسِهِ وَلِلْوَاهِبِ ثَمَرَتُهَا، فَإِنَّ هَذَا لَا يَصْلُحُ؛ لِأَنَّهُ كَأَنَّهُ قَالَ لَهُ: اسْقِهَا إلَى عَشْرِ سِنِينَ ثُمَّ هِيَ لَكَ وَهُوَ لَا يَدْرِي أَتَسْلَمُ النَّخْلُ إلَى ذَلِكَ الْوَقْتِ أَمْ لَا. قَالَ: وَلَقَدْ سَأَلْتُ مَالِكًا عَنْ الرَّجُلِ يَدْفَعُ إلَى الرَّجُلِ الْفَرَسَ يَغْزُو عَلَيْهِ سَنَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً، يُنْفِقُ عَلَيْهِ الْمَدْفُوعُ إلَيْهِ الْفَرَسُ مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ، ثُمَّ هُوَ لِلْمَدْفُوعِ إلَيْهِ بَعْدَ الْأَجَلِ وَيَشْتَرِطُ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَبِيعَهُ قَبْلَ الْأَجَلِ؟

قَالَ مَالِكٌ: لَا خَيْرَ فِيهِ وَكَرِهَهُ وَبَلَغَنِي عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: أَرَأَيْتَ إنْ مَاتَ الْفَرَسُ قَبْلَ السَّنَتَيْنِ أَتَذْهَبُ نَفَقَتُهُ بَاطِلًا؟ قَالَ مَالِكٌ: فَهَذَا غَرَرٌ لَا خَيْرَ فِيهِ، فَهَذَا يَدُلُّكَ عَلَى مَسْأَلَتِكَ فِي النَّخْلِ.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَإِنْ كَانَتْ النَّخْلُ فِي يَدِ الْوَاهِبِ يَسْقِيهَا وَيَقُومُ عَلَيْهَا وَلَمْ يُخْرِجْهَا مِنْ يَدِهِ، فَإِنَّمَا هَذَا رَجُلٌ وَهَبَ نَخْلَهُ بَعْدَ عَشْرِ سِنِينَ، فَذَلِكَ جَائِزٌ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ إنْ سُلِّمَتْ النَّخْلُ إلَى ذَلِكَ الْأَجَلِ وَلَمْ يَمُتْ رَبُّهَا وَلَمْ يَلْحَقْهُ دَيْنٌ، فَلَهُ أَنْ يَقُومَ عَلَيْهَا فَيَأْخُذَهَا، وَإِنْ مَاتَ رَبُّهَا أَوْ لَحِقَهُ دَيْنٌ فَلَا حَقَّ لَهُ فِيهَا ابْنُ وَهْبٍ: عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ فِي رَجُلِ أَتَى قَوْمًا فَأَعْطَوْهُ إلَى الْعَطَاءِ وَكَتَبُوا لَهُ وَدَفَعُوا إلَيْهِ الْكِتَابَ فَبَلَغَ مَا أَعْطَى فَنَزَعَ رِجَالٌ.

قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: قَضَى عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَنَّ الصَّدَقَةَ جَائِزَةٌ، لَيْسَ لِصَاحِبِهَا أَنْ يَرْجِعَ فِيهَا. وَقَدْ قَالَ أَشْهَبُ فِي الْفَرَسِ عَارِيَّةٌ لَكَ سِنِينَ: إنَّ شَرْطَهُ لَيْسَ مِمَّا يُبْطِلُ عَطِيَّتَهُ لَهُ. أَلَا تَرَى لَوْ أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِرَجُلٍ: هَذَا الْفَرَسُ عَارِيَّةٌ لَك سِنِينَ تَرْكَبُهُ ثُمَّ هُوَ لِفُلَانٍ بَعْدَك بَتْلًا، فَيَتْرُكُ الْمُعَارُ عَارِيَّتَهُ لِصَاحِبِ الْبَتْلِ: إنَّ حَقَّهُ يَجِبُ، وَتَصِيرُ الْفَرَسُ لَهُ. فَهُوَ إذَا جَعَلَهُ عَارِيَّةً ثُمَّ صَيَّرَهُ إلَيْهِ سَقَطَتْ الْعَارِيَّةُ وَوَجَبَتْ الرَّقَبَةُ لَهُ وَلَمْ يَكُنْ فِيهَا خَطَرٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>