للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَخْبَرَنِي ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ يُونُسَ أَنَّهُ سَأَلَ ابْنَ شِهَابٍ عَنْ رَجُلٍ بَاعَ بَيْعًا بَعْضُهُ حَلَالٌ وَبَعْضُهُ حَرَامٌ فَفُطِنَ لَهُ فَقَالَ: أَنَا أَضَعُ عَنْكَ الْحَرَامَ وَأُمْضِي لَكَ الْحَلَالَ. قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: إنْ كَانَتْ الصَّفْقَةُ فِيهِمَا وَاحِدَةً تَجْمَعُهُمَا فَأَرَى أَنْ يُرَدُّ ذَلِكَ الْبَيْعُ كُلُّهُ، وَإِنْ كَانَتَا بَيْعَتَيْنِ شَتَّى لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا صَفْقَةٌ عَلَى حِدَةٍ فَأَنَا أَرَى أَنْ يُرَدَّ الْحَرَامُ وَيُجَازَ الْحَلَالُ.

قَالَ ابْنُ وَهْبٍ، وَقَالَ يُونُسُ: قَالَ رَبِيعَةُ: لَا تَجْمَعُ صَفْقَةٌ وَاحِدَةٌ شَيْئَيْنِ يَكُونُ أَحَدُهُمَا حَلَالًا وَالْآخَرُ حَرَامًا، وَمَنْ ذَلِكَ مَا يُدْرَكُ فَيُنْقَضُ، وَمَنْ ذَلِكَ مَا يَتَفَاوَتُ فَلَا يُدْرَكُ بَعْضُهُ إلَّا بِظُلْمٍ فَيُتْرَكُ، قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى {وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ} [البقرة: ٢٧٩] فَكُلُّ بَيْعٍ لَا يُدْرَكُ حَتَّى يَتَفَاوَتَ فَلَا يُسْتَطَاعُ رَدُّهُ إلَّا بِمَظْلِمَةٍ فَقَدْ تَفَاوَتَ رَدُّهُ وَمَا كَانَ مِنْ أَمْرِ تَنْقُضُهُ بَيْنَ أَهْلِهِ بِغَيْرِ ظُلْمٍ فَلَمْ يَفُتْ ذَلِكَ فَانْقُضْهُ.

[يَبْتَاعُ الْعَبْدَ فَيَجِدُ بِهِ عَيْبًا فَيُرِيدُ رَدَّهُ وَبَائِعُهُ غَائِبٌ]

فِي الرَّجُلِ يَبْتَاعُ الْعَبْدَ فَيَجِدُ بِهِ عَيْبًا فَيُرِيدُ رَدَّهُ وَبَائِعُهُ غَائِبٌ وَسَأَلْتُ ابْنَ الْقَاسِمِ عَنْ الرَّجُلِ يَبْتَاعُ الْعَبْدَ فَيَجِدُ بِهِ عَيْبًا مِثْلُهُ لَا يَحْدُثُ فَيَأْتِي بِهِ السُّلْطَانُ وَقَدْ غَابَ بَائِعُهُ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إنْ كَانَتْ غِيبَتُهُ بَعِيدَةً وَأَقَامَ الْمُشْتَرِي الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ عَلَى عُهْدَةِ الْإِسْلَامِ وَبَيْعِ الْإِسْلَامِ تَلَوَّمَ السُّلْطَانُ لِلْبَائِعِ، فَإِنْ طَمِعَ بِقُدُومِهِ وَإِلَّا بَاعَهُ فَقَضَى الرَّجُلَ حَقَّهُ، فَإِنْ كَانَ لِلْبَائِعِ فَضْلٌ حَبَسَهُ لَهُ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ نُقْصَانٌ اتَّبَعَ الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ بِذَلِكَ النُّقْصَانِ.

قُلْتُ: وَيَدْفَعُ السُّلْطَانُ الثَّمَنَ الَّذِي بِيعَ بِهِ الْعَبْدُ إلَى مُشْتَرِي الْعَبْدِ الَّذِي رَدَّهُ بِالْعَيْبِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: نَعَمْ، قَالَ مَالِكٌ: يَدْفَعُ إلَيْهِ الثَّمَنَ الَّذِي اشْتَرَى بِهِ الْعَبْدَ.

قُلْتُ: فَهَلْ يَكُونُ عَلَى هَذَا الَّذِي يَرُدُّ الْعَبْدَ بِالْعَيْبِ عِنْدَ السُّلْطَانِ وَصَاحِبُ الْعَبْدِ غَائِبٌ إذَا بَاعَ السُّلْطَانُ الْعَبْدَ؟ فَقَالَ: ادْفَعْ إلَيَّ الثَّمَنَ الَّذِي اشْتَرَيْت بِهِ الْعَبْدَ هَلْ يُكَلِّفُهُ السُّلْطَانُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ نَقَدَ الثَّمَنَ لِلْبَائِعِ؟ .

قَالَ: نَعَمْ يُكَلِّفُهُ وَإِلَّا لَمْ يَدْفَعْ إلَيْهِ الثَّمَنَ وَلَمْ أَسْمَعْ هَذَا مِنْ مَالِكٍ

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ اشْتَرَيْت عَبْدًا بَيْعًا فَاسِدًا فَغَابَ الْبَائِعُ كَيْفَ أَصْنَعُ بِالْعَبْدِ، وَالْعَبْدُ لَمْ يَتَغَيَّرْ بِنَمَاءٍ وَلَا نُقْصَانٍ وَلَا تَغَيُّرِ أَسْوَاقٍ؟ قَالَ: سَأَلْتُ مَالِكًا عَنْ الرَّجُلِ يَشْتَرِي الْعَبْدَ وَبِهِ الْعَيْبُ فَيَغِيبُ الْبَائِعُ عَنْهُ فَيَطْلُبُهُ وَلَا يَجِدُهُ فَيَرْفَعُ ذَلِكَ إلَى السُّلْطَانِ قَالَ: أَرَى أَنْ يَسْأَلَهُ السُّلْطَانُ الْبَيِّنَةَ عَلَى شِرَائِهِ، فَإِنْ أَتَى بِبَيِّنَةٍ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ بِبَيْعِ الْإِسْلَامِ وَعُهْدَةِ الْإِسْلَامِ نَظَرَ

<<  <  ج: ص:  >  >>