يُحْرِقُوهُمْ وَمَرَاكِبَهُمْ بِالنَّارِ وَمَعَهُمْ الْأُسَارَى فِي مَرَاكِبِهِمْ، قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا أَرَى أَنْ تُلْقَى عَلَيْهِمْ النَّارُ وَنَهَى عَنْ ذَلِكَ. وَقَالَ مَالِكٌ: يَقُولُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِي كِتَابِهِ لِأَهْلِ مَكَّةَ: {لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا} [الفتح: ٢٥] أَيْ إنَّمَا صُرِفَ النَّبِيُّ عَنْ أَهْلِ مَكَّةَ لِمَا كَانَ فِيهِمْ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَلَوْ تَزَيَّلَ الْكُفَّارُ عَنْ الْمُسْلِمِينَ لَعُذِّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَيْ هَذَا تَأْوِيلُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. سَحْنُونٌ، عَنْ الْوَلِيدِ عَمَّنْ سَمِعَ الْأَوْزَاعِيَّ يَقُولُ فِي الْقَوْمِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ يَلْقَوْنَ سَفِينَةً مِنْ سُفُنِ الْعَدُوِّ فِيهَا سَبْيٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ؟ قَالَ: يُكَفُّ عَنْ تَحْرِيقِهَا مَا كَانَ فِيهَا مِنْ أُسَارَى الْمُسْلِمِينَ أَحَدٌ.
قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَرَأَيْتَ لَوْ كَانَ فِي الْحِصْنِ الَّذِي حَصَرَهُ أَهْلُ الْإِسْلَامِ ذَرَارِيُّ الْمُشْرِكِينَ وَنِسَاؤُهُمْ وَلَيْسَ فِيهِمْ مَنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ أَحَدٌ، تَرَى أَنْ تُرْسَلَ عَلَيْهِ النَّارُ فَيُحَرَّقَ الْحِصْنُ وَمَا فِيهِ أَوْ يُغْرِقُوهُ؟ قَالَ: لَا أَقُومُ عَلَى حِفْظِهِ وَأَكْرَهُ هَذَا وَلَا يُعْجِبُنِي.
قُلْتُ: أَلَيْسَ قَدْ أَخْبَرْتَنِي أَنَّ مَالِكًا قَالَ: لَا بَأْسَ أَنْ تُحَرَّقَ حُصُونُهُمْ وَيُغَرَّقُوا، قَالَ: إنَّمَا ذَلِكَ إذَا كَانَتْ خَاوِيَةً لَيْسَ فِيهَا ذَرَارِيٌّ وَذَلِكَ جَائِزٌ، وَإِنْ كَانَ فِيهَا الرِّجَالُ الْمُقَاتِلَةُ فَأَحْرَقُوهُمْ؟
قَالَ: لَا بَأْسَ بِذَلِكَ. ابْنُ وَهْبٍ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ أَنْ الصَّعْبَ بْنَ جَثَّامَةَ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ الْخَيْلَ فِي غَشْمِ الْغَارَةِ تُصِيبُ مِنْ أَوْلَادِ الْمُشْرِكِينَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «هُمْ مِنْهُمْ أَوْ هُمْ مَعَ الْآبَاءِ» أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ مِثْلَهُ.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ: قَالَ: سَمِعْتُ أَشْيَاخَنَا يَقُولُونَ: إنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَمَى أَهْلَ الطَّائِفِ بِالْمَنْجَنِيقِ، فَقِيلَ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ فِيهَا النِّسَاءَ وَالصِّبْيَانَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «هُمْ مِنْ آبَائِهِمْ» .
[فِي تَحْرِيقِ الْعَدُوِّ مَرَاكِبَ الْمُسْلِمِينَ]
َ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ السَّفِينَةَ إذَا أَحْرَقَهَا الْعَدُوُّ وَفِيهَا أَهْلُ الْإِسْلَامِ، أَكَانَ مَالِكٌ يَكْرَهُ لَهُمْ أَنْ يَطْرَحُوا أَنْفُسَهُمْ فِي الْبَحْرِ، وَهَلْ تَرَاهُمْ قَدْ أَعَانُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ؟
قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ مَالِكًا سُئِلَ عَنْهُ فَقَالَ: لَا أَرَى بِهِ بَأْسًا إنَّمَا فَرُّوا مِنْ الْمَوْتِ إلَى الْمَوْتِ. وَقَالَ رَبِيعَةُ بْنُ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ: أَيُّمَا رَجُلٍ يَفِرُّ مِنْ النَّارِ إلَى أَمْرِ يَعْرِفُ أَنَّ فِيهِ قَتْلَهُ، فَلَا يَنْبَغِي لَهُ إذَا كَانَ إنَّمَا يَفِرُّ مِنْ مَوْتٍ إلَى مَوْتٍ أَيْسَرَ مِنْهُ، فَقَدْ جَاءَ مَا لَا يَحِلُّ لَهُ، وَإِنْ كَانَ إنَّمَا يَجْتَهِدُ فِي ذَلِكَ رَجَاءَ النَّجَاةِ مِنْهُ وَيُقِيمُ لَعَلَّهُ أَنْ يَرَى قَرْيَةً أَوْ يَكُونَ الْأَسْرُ أَرْجَى عِنْدَهُ أَنْ يَخْلُوَهُ إلَى الْإِسْلَامِ وَأَهْلِهِ مِنْ الْإِقَامَةِ فِي النَّارِ، فَكَانَ مُتَحَمِّلًا لِأَمْرٍ عَظِيمٍ يَرْجُو النَّجَاةَ فِيهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ وَإِنْ عَطِبَ فِيهِ. قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: وَبَلَغَنِي عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُ قَالَ: إنْ صَبَرَ فَقَدْ أُكْرِمَ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَإِنْ اقْتَحَمَ فَقَدْ عُوفِيَ وَلَا بَأْسَ إنْ شَاءَ اللَّهُ. ابْنُ وَهْبٍ، وَسُئِلَ رَبِيعَةُ عَنْ قَوْمٍ كَانُوا فِي سَفِينَةٍ فَانْخَرَقَتْ أَيُثْقِلُ الرَّجُلُ نَفْسَهُ بِسِلَاحِهِ فَيَغْرَقَ، أَمْ يَعُومُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute