للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُحْكَمَ عَلَى الْحَمِيلِ، ارْتَجَعَ مَالُهُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ عَلِمَ أَنَّهُ مَيِّتٌ حِينَ أَخَذَ بِهِ الْحَمِيلَ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا تَحَمَّلَ لَهُ بِنَفْسِهِ، وَهَذِهِ نَفْسُهُ قَدْ ذَهَبَتْ. وَإِنَّمَا تَقَعُ الْحَمَالَةُ بِالنَّفْسِ مَا كَانَ حَيًّا. وَلَوْ أَنَّ الْغَرِيمَ أَمْكَنَ الطَّالِبَ مِنْ نَفْسِهِ، وَأَشْهَدَ أَنِّي قَدْ دَفَعْت نَفْسِي إلَيْك مَنْ حَمَالَةِ فُلَانٍ بِي، وَهُوَ فِي مَوْضِعٍ يَقْدِرُ عَلَيْهِ يُبَرِّئُهُ ذَلِكَ، وَكَانَ كَأَنَّهُ دَفَعَهُ إلَيْهِ رَجُلٌ أَجْنَبِيٌّ لَيْسَ بِوَكِيلٍ لِلْحَمِيلِ، وَلَا يَبْرَأُ الْحَمِيلُ حَتَّى يَدْفَعَهُ هُوَ نَفْسُهُ أَوْ وَكِيلُهُ. وَإِنْ أَبَى الطَّالِبُ أَنْ يَقْبَلَ ذَلِكَ، فَأَشْهَدَ عَلَيْهِ الْحَمِيلُ أَوْ وَكِيلُ الْحَمِيلِ، فَقَدْ بَرِئَ الْحَمِيلُ. وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «الْحَمِيلُ غَارِمٌ» وَقَالَ أَيْضًا: «الزَّعِيمُ غَارِمٌ» وَالزَّعِيمُ هُوَ الْحَمِيلُ. فَإِذَا قَالَ: أَنَا ضَامِنٌ لَكَ، أَوْ حَمِيلٌ لَكَ، أَوْ قَبِيلٌ لَكَ، أَوْ زَعِيمٌ لَكَ، أَوْ هُوَ لَكَ عِنْدِي، أَوْ هُوَ لَكَ عَلَيَّ، أَوْ هُوَ لَكَ إلَيَّ، أَوْ هُوَ لَكَ قِبَلِي، فَهَذَا كُلُّهُ ضَامِنٌ لَازِمٌ. وَالضَّمَانُ حَمَالَةٌ وَالْحَمَالَةُ لَازِمَةٌ كَالدَّيْنِ وَإِنْ كَانَ فِي هَذِهِ الْوُجُوهِ كُلِّهَا يُرِيدُ الْحَقَّ فَهُوَ لَازِمٌ. وَإِنْ كَانَ يُرِيدُ الرَّجُلَ فَهُوَ لَازِمٌ، فَخُذْ هَذَا عَلَى هَذَا.

[ادَّعَى حَقًّا قِبَلَ رَجُلٍ وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ يُنْكِرُ]

ُ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ ادَّعَى رَجُلٌ قِبَلَ رَجُلٍ حَقًّا وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ يُنْكِرُ. فَقَالَ رَجُلٌ لِلطَّالِبِ: أَنَا كَفِيلٌ لَكَ بِوَجْهِهِ إلَى غَدٍ، فَإِنْ لَمْ آتِك بِهِ فَأَنَا ضَامِنٌ لِلْمَالِ فَلَمْ يَجِئْ بِهِ بَعْدَ الْغَدِ؟

قَالَ: يُقَالُ لِهَذَا الطَّالِبِ: أَثْبِتْ حَقَّكَ وَأَقِمْ الْبَيِّنَةَ عَلَى حَقِّكَ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَكَ. وَلَا يَكُونُ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ الْكَفِيلِ شَيْئًا إلَّا أَنْ يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ عَلَى حَقِّهِ.

قُلْتُ: أَتَحْفَظُهُ عَنْ مَالِكٍ؟

قَالَ: لَا.

[ادَّعَى قِبَلَ رَجُلٍ حَقًّا وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ يُنْكِرُ فَيَقُولُ أَجِّلْنِي الْيَوْمَ]

َ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ ادَّعَيْت قِبَلَ رَجُلٍ حَقًّا فَأَنْكَرَ. ثُمَّ قَالَ: أَجِّلْنِي الْيَوْمَ فَإِنْ لَمْ أُوَفِّك غَدًا فَالْحَقُّ الَّذِي تَدَّعِي هُوَ لَكَ قِبَلِي؟

قَالَ: لَا أَقُومُ عَلَى حِفْظِ قَوْلِ مَالِكٍ فِي هَذَا، وَأَرَى هَذَا مُخَاطَرَةً وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>