وَكَذَلِكَ إنْ أَطْعَمَ الْأَغْنِيَاءَ إنَّهُ يُعِيدُ أَيْضًا.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ أَطْعَمَ بَعْضَ مَنْ لَا تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ مِنْ قَرَابَتِهِ؟
قَالَ مَالِكٌ: لَا أُحِبُّ أَنْ يُطْعِمَ أَحَدًا مِنْ قَرَابَتِهِ وَإِنْ كَانَتْ نَفَقَتُهُ لَا تَلْزَمُهُ.
قُلْتُ: فَإِنْ فَعَلَ أَيُعِيدُ؟
قَالَ: لَا يُعِيدُ إذَا كَانُوا مَسَاكِينَ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: قُلْتُ لِمَالِكٍ الصَّبِيُّ الْمُرْضَعُ أَيُطْعَمُ فِي الْكَفَّارَاتِ؟
قَالَ: نَعَمْ إذَا كَانَ قَدْ أَكَلَ الطَّعَامَ.
قُلْتُ: وَيَحْسُبُهُ لَهُ مَالِكٌ فِي الْعَدَدِ وَيَجْعَلُهُ مِسْكِينًا.
قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَقَالَ مَالِكٌ: إذَا كَانَ قَدْ بَلَغَ أَنْ يَأْكُلَ الطَّعَامَ أُطْعِمَ فِي الْكَفَّارَاتِ، فَأَنَا أَرَى أَنَّهُ إنْ كَانَ فِي يَمِينٍ بِاَللَّهِ أُعْطِيَ بِمُدِّ النَّبِيِّ وَإِنْ كَانَ فِي كَفَّارَاتِ الظِّهَارِ أُعْطِيَ بِمُدِّ هِشَامٍ، وَإِنْ كَانَ فِي فِدْيَةِ أَذًى أُعْطِيَ مُدَّيْنِ بِمُدِّ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
[الْكَفَّارَةُ بِالْعِتْقِ فِي الظِّهَارِ]
ِ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ أَعْتَقَ عَنْ ظِهَارٍ عَلَيْهِ نِصْفَ عَبْدٍ لَا مَالَ لَهُ غَيْرَهُ، ثُمَّ اشْتَرَى بَعْدَ ذَلِكَ النِّصْفَ الْبَاقِيَ فَأَعْتَقَهُ عَنْ ظِهَارِهِ أَيُجْزِئُهُ أَمْ لَا؟
قَالَ: لَا أَرَى أَنْ يُجْزِئَهُ، وَمَا سَمِعْتُ مِنْ مَالِكٍ فِي هَذَا بِعَيْنِهِ شَيْئًا إلَّا أَنَّ مَالِكًا قَالَ فِي الْعَبْدِ يَكُونُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ فَيُعْتِقُ أَحَدُهُمَا نِصْفَهُ فَيُقَوَّمُ عَلَيْهِ وَلَا يُوجَدُ لَهُ مَالٌ فَيَرِقُّ نِصْفُهُ لِصَاحِبِهِ ثُمَّ يُيْسِرُ الَّذِي أَعْتَقَ بَعْدَ ذَلِكَ فَيَشْتَرِي النِّصْفَ الْبَاقِيَ أَوْ يَرِثُهُ أَوْ يُوهَبُ لَهُ أَوْ يُوصَى لَهُ بِهِ فَيَقْبَلُهُ أَنَّهُ لَا يُعْتَقُ، فَلَمَّا كَانَ إذَا اشْتَرَى النِّصْفَ الْبَاقِيَ لَمْ يَعْتِقْ عَلَيْهِ لَمْ يُجْزِهِ عَنْ ظِهَارِهِ وَإِنْ أَعْتَقَ النِّصْفَ الَّذِي اشْتَرَى عَنْ ظِهَارِهِ لَمْ يُجْزِهِ أَيْضًا لِأَنَّهُ قَدْ كَانَ حِينَ مَلَكَهُ لَا يُعْتَقُ عَلَيْهِ إلَّا بِعِتْقٍ مِنْ ذِي قَبْلُ، وَالظِّهَارُ لَا يَكُونُ فِيهِ تَبْعِيضُ الْعِتْقِ وَلَوْ كَانَ الشَّرِيكُ الْمُعْتِقُ لِنِصْفِهِ عَنْ ظِهَارِهِ مُوسِرًا لَمْ يُجْزِهِ النِّصْفُ الْبَاقِي إنْ قَوَّمَ عَلَيْهِ عَنْ ظِهَارِهِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَمَّا أَعْتَقَ نِصْفَهُ لَزِمَهُ أَنْ يُقَوِّمَ عَلَيْهِ النِّصْفَ الْبَاقِيَ بِمَا أَفْسَدَ فِيهِ قَبْلَ أَنْ تَتِمَّ كَفَّارَتُهُ، فَصَارَ هَذَا النِّصْفُ يَعْتِقُ عَلَيْهِ بِحُكْمٍ، أَوَلَا تَرَى أَنَّ الَّتِي تُشْتَرَى بِشَرْطٍ لَا تُجْزِئُ وَلَا يُجْزِئُ مَنْ جَرَى فِيهِ عَقْدُ عِتْقٍ مِنْ مُدَبَّرٍ أَوْ مُكَاتَبٍ أَوْ مُعْتَقٍ إلَى أَجَلٍ أَوْ أُمِّ وَلَدٍ أَوْ بَعْضِ مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ إذَا مَلَكَهُ لِأَنَّهُ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَمْلِكَهُ مِلْكًا تَامًّا، فَكَذَلِكَ النِّصْفُ الَّذِي وَجَبَ عَلَيْهِ تَقْوِيمُهُ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَمْلِكَهُ إلَّا إلَى عِتْقٍ لِمَا دَخَلَهُ مِنْ الْعِتْقِ وَأَنَّهُ يَعْتِقُ عَلَيْهِ بِحُكْمٍ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ قَالَ: اشْتَرَيْت فُلَانًا فَهُوَ حُرٌّ فَاشْتَرَاهُ عَنْ ظِهَارِهِ؟
قَالَ: لَا يُجْزِئُهُ، لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ: مَنْ اشْتَرَى أَحَدًا مِمَّنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ فِي ظِهَارِهِ قَالَ: لَا يُجْزِئُهُ وَلَا أَرَى أَنْ يُجْزِئَهُ إلَّا رَقَبَةٌ يَمْلِكُهَا قَبْلَ أَنْ تُعْتَقَ عَلَيْهِ، فَكَذَلِكَ مَسْأَلَتُكَ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُهَا حَتَّى تُعْتَقَ عَلَيْهِ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ اشْتَرَى أَبَا نَفْسِهِ عَنْ ظِهَارِهِ؟
قَالَ: هَلْ يُجْزِئُهُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: قَالَ لِي مَالِكٌ غَيْرَ مَرَّةٍ لَا يُجْزِئُهُ.
قُلْتُ: وَكَذَلِكَ إنْ اشْتَرَى مِنْ ذَوِي الْمَحَارِمِ مِمَّنْ يُعْتَقُ