للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[بَابُ تَلَوُّمِ السُّلْطَانِ عَلَى الشَّفِيعِ]

ِ قُلْت: أَرَأَيْت إنْ أَرَادَ الْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ وَلَمْ يُحْضِرْ نَقْدَهُ، أَيَتَلَوَّمُ لَهُ الْقَاضِي فِي قَوْلِ مَالِكٍ أَمْ لَا؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: رَأَيْت الْقُضَاةَ عِنْدَنَا، يُؤَخِّرُونَ الْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ فِي النَّقْدِ الْيَوْمَ وَالْيَوْمَيْنِ وَالثَّلَاثَةَ.

قَالَ: وَرَأَيْت مَالِكًا اسْتَحْسَنَهُ وَأَخَذَ بِهِ وَرَآهُ.

قُلْت: أَرَأَيْت إنْ اشْتَرَيْت شِقْصًا مِنْ دَارٍ مُشْتَرَكَةٍ، فَقَامَ الشَّفِيعُ وَأَخَذَ بِالشُّفْعَةِ فَلَمْ يَقْبِضْ مِنِّي الشِّقْصَ حَتَّى انْهَدَمَ، فَقَالَ: أَنَا أَتْرُكُ وَلَا آخُذُهُ؛ لِأَنَّ الدَّارَ قَدْ انْهَدَمَتْ، أَيَكُونُ ذَلِكَ لَهُ أَمْ لَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: لَا يَكُونُ لِلشَّفِيعِ أَنْ يَتْرُكَ عِنْدَ مَالِكٍ؛ لِأَنَّهُ قَدْ أَخَذَ وَقَدْ وَجَبَتْ لَهُ الشُّفْعَةُ، فَمَا أَصَابَ الدَّارَ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ مِنْ الشَّفِيعِ. قُلْت: وَكَذَلِكَ هَذَا فِي الْبَيْعِ إذَا انْهَدَمَتْ الدَّارُ بَعْدَ الصَّفْقَةِ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَ الْمُشْتَرِي، فَمَا أَصَابَ الدَّارَ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ مِنْ الْمُشْتَرِي، لَيْسَ مِنْ الْبَائِعِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: نَعَمْ.

قُلْت: أَرَأَيْت إنْ اشْتَرَيْت شِقْصًا مِنْ دَارٍ لِرَجُلٍ غَائِبٍ، أَيَكُونُ لِلشَّفِيعِ أَنْ يَأْخُذَ بِالشُّفْعَةِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: نَعَمْ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ؛ لِأَنَّ مَالِكًا يَرَى أَنْ يَقْضِيَ عَلَى الْغَائِبِ. قُلْت: وَهَلْ يَجُوزُ لِي أَنْ أُوَكِّلَ مَنْ يَأْخُذُ لِي شُفْعَتِي وَأَنَا غَائِبٌ أَوْ حَاضِرٌ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: نَعَمْ.

قُلْت: أَرَأَيْت إنْ قِيلَ لِي: إنَّ فُلَانًا اشْتَرَى نِصْفَ نَصِيبِ شَرِيكِك فَسَلَّمْت شُفْعَتِي، ثُمَّ قِيلَ لِي: إنَّهُ قَدْ اشْتَرَى جَمِيعَ نَصِيبِهِ، فَقُلْت: قَدْ أَخَذْت بِالشُّفْعَةِ، أَيَكُونُ ذَلِكَ لِي أَمْ لَا؟

قَالَ: مَا سَمِعْت مِنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا وَأَرَى ذَلِكَ لَهُ.

قُلْت: أَرَأَيْت إنْ اشْتَرَيْت شِقْصًا مِنْ دَارٍ، فَأَصَابَهَا هَدْمٌ مِنْ السَّمَاءِ أَوْ حَرْقٌ أَوْ غَرَقٌ، فَأَرَادَ الشَّفِيعُ الْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: يَأْخُذُهَا بِجَمِيعِ الثَّمَنِ أَوْ يَدَعُ. قُلْت: فَإِنْ اشْتَرَيْت شِقْصًا مِنْ دَارٍ فَهَدَمْتُهَا، فَأَتَى الشَّفِيعُ لِيَأْخُذَ بِالشُّفْعَةِ؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: يَأْخُذُهَا بِالشُّفْعَةِ مَهْدُومَةً بِجَمِيعِ الثَّمَنِ وَيَأْخُذُ هَذَا النَّقْضَ مَهْدُومًا، وَلَا يَكُونُ لَهُ عَلَى الْمُشْتَرِي قَلِيلٌ وَلَا كَثِيرٌ.

قَالَ مَالِكٌ: وَإِنْ هَدَمَهَا الْمُشْتَرِي ثُمَّ بَنَاهَا، قِيلَ لِلشَّفِيعِ: خُذْهَا بِجَمِيعِ مَا اشْتَرَى وَقِيمَةِ مَا عَمَّرَ فِيهَا، فَإِنْ أَبَى لَمْ تَكُنْ لَهُ شُفْعَةٌ.

[بَابُ اشْتِرَاءِ دَارٍ فَبَاعَ نَقْضَهَا ثُمَّ اسْتَحَقَّ رَجُلٌ نِصْفَهَا]

قُلْت: أَرَأَيْت لَوْ أَنَّ رَجُلًا اشْتَرَى دَارًا مِنْ رَجُلٍ فَهَدَمَهَا فَبَاعَ نَقْضَهَا، ثُمَّ قَدِمَ رَجُلٌ فَاسْتَحَقَّ نِصْفَ الدَّارِ كَيْفَ يَصْنَعُ؟

قَالَ: إنْ لَمْ يَجُزْ الْبَيْعُ، فَإِنَّهُ يَأْخُذُ مَا اسْتَحَقَّ مِنْ الدَّارِ وَنِصْفَ الثَّمَنِ الَّذِي بَاعَ بِهِ النَّقْضَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ اسْتَحَقَّهُ. ثُمَّ إنْ أَرَادَ الْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ، فَإِنَّهُ يَقْسِمُ الثَّمَنَ عَلَى مَا بَاعَ مِنْهَا وَمَا بَقِيَ يَوْمَ وَقَعَتْ الصَّفْقَةُ، وَلَا يَنْظُرُ إلَى ثَمَنِ مَا بَاعَ مِنْهُ. فَإِنْ كَانَ قِيمَةُ النَّقْضِ الَّذِي بَاعَ يَوْمَ وَقَعَتْ الصَّفْقَةُ هُوَ الثُّلُثَيْنِ، وَاَلَّذِي بَقِيَ مِنْ الدَّارِ ثُلُثُ

<<  <  ج: ص:  >  >>