قَالَ: لَا خَيْرَ فِي أَنْ تَسْتَقْرِضَ مِنْهُ وَرِقًا فَتَجْعَلَهَا مَكَانَك فِي ذَهَبٍ عِنْدَهُ أَوْ تَسْتَقْرِضَ مِنْهُ ذَهَبًا فَتَجْعَلَهَا مَكَانَك عِنْدَهُ فِي وَرِقٍ أَلَا تَرَى أَنَّك تَرُدُّ مَا اسْتَقْرَضْت مَكَانَك إلَيْهِ فِيمَا تَأْخُذُ مِنْهُ فَصِرْت إنْ كُنْت تَسَلَّفْت دِينَارًا فَاشْتَرَيْت بِهِ دَرَاهِمَ أَنَّك إنْ أَخَذْت دَرَاهِمَ بِدِينَارٍ يَكُونُ عَلَيْك إلَى أَجَلٍ لِأَنَّ الدَّنَانِيرَ الَّتِي اسْتَقْرَضْتهَا رَدَدْتهَا.
قُلْت: فَإِنْ أَسْلَفَنِي دَرَاهِمَ أَيَصْلُحُ لِي أَنْ أَشْتَرِيَ مِنْهُ بِتِلْكَ الدَّرَاهِمِ سِلْعَةً مِنْ السِّلَعِ مَكَانِي حِنْطَةً أَوْ ثِيَابًا؟ فَقَالَ: إنْ كَانَ أَسْلَفَك إيَّاهَا إلَى أَجَلٍ وَاشْتَرَيْت بِهَا الْحِنْطَةَ يَدًا بِيَدٍ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ أَسْلَفَك إيَّاهَا حَالَّةً وَاشْتَرَيْت بِهَا مِنْهُ حِنْطَةً يَدًا بِيَدٍ أَوْ إلَى أَجَلٍ فَلَا بَأْسَ بِهِ، وَإِنْ كَانَ أَسْلَفَك إيَّاهَا إلَى أَجَلٍ وَاشْتَرَيْت بِهَا مِنْهُ حِنْطَةً إلَى أَجَلٍ فَلَا خَيْرَ فِيهِ وَذَلِكَ الْكَالِئُ بِالْكَالِئِ لِأَنَّك إذَا رَدَدْت إلَيْهِ دَرَاهِمَهُ بِأَعْيَانِهَا مَكَانَك وَصَارَ لَهُ عَلَيْك دَنَانِيرُ إلَى أَجَلٍ بِطَعَامٍ عَلَيْهِ إلَى أَجَلٍ فَصَارَ ذَلِكَ دَيْنًا بِدَيْنٍ.
[الرَّجُلِ يَدْفَعُ إلَى الرَّجُلِ الدَّرَاهِمَ يَصْرِفُهَا يَقْتَضِيهَا مِنْ دَيْنِهِ]
فِي الرَّجُلِ يَدْفَعُ إلَى الرَّجُلِ الدَّرَاهِمَ يَصْرِفُهَا يَقْتَضِيهَا مِنْ دَيْنِهِ قُلْت: أَرَأَيْت لَوْ أَنَّ لِرَجُلٍ عَلَيَّ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَدَفَعْت إلَيْهِ عُرُوضًا بَعْدَمَا حَلَّ عَلَيَّ أَجَلُ دَيْنِهِ فَقُلْت لَهُ: بِعْ هَذِهِ الْعُرُوضَ أَوْ طَعَامًا، فَقُلْت لَهُ بِعْ هَذَا الطَّعَامَ فَاسْتَوْفِ حَقَّك قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا بَأْسَ بِذَلِكَ إلَّا أَنْ يَكُونَ الَّذِي بَاعَك بِالْأَلْفِ دِرْهَمٍ مِمَّا لَا يَجُوزُ تَسْلِيفُهُ فِي الْعُرُوضِ الَّتِي أَعْطَيْته يَبِيعُهَا يَسْتَوْفِي حَقَّهُ مِنْهَا لِمَا يَدْخُلُ ذَلِكَ مِنْ التُّهْمَةِ فِي أَنْ يَأْخُذَ ذَلِكَ لِنَفْسِهِ فَيَكُونَ قَدْ أَخَذَ عُرُوضًا إلَى أَجَلٍ بِعُرُوضٍ مِثْلِهَا مِنْ صِنْفِهَا سَلَفًا فَيَصِيرُ الْعَرْضُ بِالْعَرْضِ مِنْ صِنْفٍ وَاحِدٍ إلَى أَجَلٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ مِثْلَ صِنْفِ عَرْضِهِ فِي صِفَتِهِ وَجَوْدَتِهِ وَعَدَدِهِ أَوْ أَقَلَّ عَدَدًا أَوْ أَدْنَى صِفَةً لِأَنَّهُ لَا تُهْمَةَ عَلَيْهِ فِيهِ لَوْ احْتَبَسَهُ لِنَفْسِهِ إنْ كَانَ أَدْنَى وَإِنْ كَانَ مِثْلًا صَارَ بِمَنْزِلَةِ الْإِقَالَةِ.
قُلْت: فَلَوْ أَنَّ لِرَجُلٍ عَلَيَّ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَدَفَعْت إلَيْهِ دَنَانِيرَ فَقُلْت: صَرِّفْهَا وَخُذْ مِنْهَا حَقَّك قَالَ: سَأَلْت مَالِكًا عَنْهَا غَيْرَ مَرَّةٍ فَقَالَ: لَا يُعْجِبُنِي ذَلِكَ إذَا دَفَعَ إلَيْهِ دَنَانِيرَ فَقَالَ: صَرِّفْهَا وَخُذْ حَقَّك مِنْهَا قُلْت: لِمَ كَرِهَهُ مَالِكٌ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: أَخَافُ أَنْ يَحْبِسَ الدَّنَانِيرَ لِنَفْسِهِ، وَاسْتَثْقَلَهُ وَكَرِهَهُ غَيْرَ مَرَّةٍ لِأَنَّهُ يَكُونُ مُصَرِّفًا لَهَا مِنْ نَفْسِهِ قُلْت: فَلَوْ أَنَّ لِرَجُلٍ عَلَيَّ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَدَفَعْت إلَيْهِ فُلُوسًا فَقُلْت لَهُ: صَرِّفْهَا وَخُذْ حَقَّك مِنْهَا قَالَ: هَذَا مَكْرُوهٌ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute