أَصَابَ بِهِ الْعَيْبَ فَلَيْسَ لِهَذَا الْعَبْدِ الَّذِي أَصَابَ بِهِ الْعَيْبَ اشْتِرَاءٌ وَلَا هَذَا الْعَبْدُ وَجْهُ هَذَا الْبَيْعِ؛ لِأَنَّ جَمِيعَهُمْ قَدْ بَلَغُوا مِائَتَيْنِ مِنْ دَنَانِيرَ وَإِنَّمَا قِيمَةُ هَذَا الْعَبْدِ خَمْسُونَ أَوْ أَرْبَعُونَ دِينَارًا فَهُوَ، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ ثَمَنًا مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ إذَا انْفَرَدَ بِثَمَنِهِ فَلَيْسَ هُوَ وَجْهَ جَمِيعِ هَذَا الْبَيْعِ، وَإِنَّمَا يَكُونُ وَجْهَ جَمِيعِ هَذَا الْبَيْعِ إذَا كَانَ الْعَبْدُ الَّذِي يُصَابُ بِهِ الْعَيْبُ أَوْ السِّلْعَةُ الَّتِي يُصَابُ بِهَا الْعَيْبُ هِيَ أَكْثَرُ تِلْكَ الْأَشْيَاءِ ثَمَنًا إذَا جُمِعَتْ تِلْكَ الْأَشْيَاءُ يَكُونُ جَمِيعُ الثَّمَنِ أَلْفَ دِينَارٍ وَهِيَ سِلَعٌ كَثِيرَةٌ فَيَكُونُ ثَمَنُ الْعَبْدِ سَبْعَمِائَةٍ دِينَارٍ أَوْ ثَمَانَمِائَةٍ دِينَارٍ فَهَذَا الَّذِي وَجْهُ تِلْكَ الْأَشْيَاءِ، وَمَنْ أَجَلِهِ اشْتَرَيْتَ، وَإِنْ أَصَبْتَ بِهِ عَيْبًا رَدَدْتَ هَذِهِ السِّلَعَ كُلَّهَا
[يَبْتَاعُ النَّخْلَ فَيَأْكُلُ ثَمَرَتَهَا ثُمَّ يَجِدُ بِهَا عَيْبًا]
فِي الرَّجُلِ يَبْتَاعُ النَّخْلَ فَيَأْكُلُ ثَمَرَتَهَا ثُمَّ يَجِدُ بِهَا عَيْبًا قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الرَّجُلَ يَبِيعُ الْأَرْضَ وَالنَّخْلَ فَيَأْكُلُ الْمُشْتَرِي ثَمَرَتَهَا ثُمَّ يَجِدُ بِالنَّخْلِ عَيْبًا أَلَهُ أَنْ يَرُدَّهَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ وَلَا يَغْرَمُ مَا أَكَلَ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: فِي الدُّورِ وَالْعَبِيدِ إذَا أَصَابَ بِهِمْ عَيْبًا وَقَدْ اغْتَلَّهُمْ أَنَّ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُمْ وَلَهُ غَلَّتُهُمْ فَكَذَلِكَ غَلَّةُ النَّخْلِ عِنْدِي.
قَالَ سَحْنُونٌ: لِأَنَّ الْغَلَّةَ بِالضَّمَانِ، وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ.» قُلْتُ: فَإِنْ كَانَتْ غَنَمًا جَزَّ أَصْوَافَهَا فَأَكَلَ أَلْبَانَهَا وَجَمِيعَ سُمُونِهَا ثُمَّ أَصَابَ بِهَا عَيْبًا أَيَكُونُ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ أَمْ لَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: هُوَ عِنْدِي أَيْضًا بِمَنْزِلَةِ الْغَلَّةِ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ مَا جَزَّ مِنْ أَصْوَافِهَا وَالصُّوفُ قَائِمٌ بِعَيْنِهِ أَيَرُدُّهُ؟
قَالَ: لَا أَرَى ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَكُونَ حِينَ اشْتَرَاهَا كَانَ عَلَيْهَا صُوفٌ قَدْ تَمَّ فَجَزَّهُ، فَإِنْ رَدَّهَا رَدَّ ذَلِكَ مَعَهَا، وَإِنْ كَانَ إنَّمَا هُوَ نَبَاتٌ فَلَا أَرَى ذَلِكَ.
قَالَ سَحْنُونٌ: وَأَخْبَرَنِي أَشْهَبُ أَنَّهُ قَالَ: النَّبَاتُ وَغَيْرُهُ سَوَاءٌ؛ لِأَنَّ كُلَّ ذَلِكَ تَبَعٌ وَلَغْوٌ مَعَ مَا ابْتَعْتَ مِنْ الضَّأْنِ، وَكَذَلِكَ ثَمَرُ النَّخْلِ الْمَأْبُورَةِ؛ لِأَنَّهُ غَلَّةٌ وَالْغَلَّةُ بِالضَّمَانِ.
قُلْتُ: وَلِمَ جَعَلْتَ الصُّوفَ وَاللَّبَنَ بِمَنْزِلَةِ الْغَلَّةِ؟
قَالَ: لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ فِي الْغَنَمِ: يَشْتَرِيهَا الرَّجُلُ لِلتِّجَارَةِ فَيَجُزُّهَا قَالَ: أَرَى أَصْوَافَهَا بِمَنْزِلَةِ غَلَّةِ الدُّورِ وَلَيْسَ فِيهَا زَكَاةٌ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ مِنْ يَوْمِ يَقْبِضُ الثَّمَنَ إنْ بَاعَ الصُّوفَ
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ كَانَتْ أَمَةً فَوَلَدَتْ أَوْلَادًا ثُمَّ أَصَابَ بِهَا الْمُشْتَرِي عَيْبًا؟ قَالَ: يَرُدُّهَا وَوَلَدَهَا وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَهُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْبَيْعَ الْفَاسِدَ فِي هَذَا، وَالصَّحِيحَ سَوَاءً إذَا أَصَابَ عَيْبًا وَقَدْ اغْتَلَّ غَلَّةً مَنْ الدُّورِ وَالنَّخْلِ وَالْغَنَمِ أَوْ وَلَدَتْ الْغَنَمُ أَوْ الْجَوَارِي؟ قَالَ: نَعَمْ هُوَ سَوَاءٌ مَا كَانَ مِنْ غَلَّةٍ