للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَقَالَ: لَا يُجْزِئُهُ ذَلِكَ الْيَوْمُ.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَبَلَغَنِي عَنْهُ أَنَّ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةَ، وَقَالَ أَشْهَبُ: عَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ.

[فِي الَّذِي يَصُومُ فِي رَمَضَانَ وَهُوَ يَنْوِي بِهِ قَضَاءَ رَمَضَانَ آخَرَ]

َ قُلْتُ: مَا يَقُولُ مَالِكٌ فِيمَنْ كَانَ عَلَيْهِ صِيَامُ رَمَضَانَ فَلَمْ يَقْضِهِ حَتَّى دَخَلَ عَلَيْهِ رَمَضَانُ آخَرُ، فَصَامَ هَذَا الدَّاخِلَ يَنْوِي بِهِ قَضَاءَ الَّذِي عَلَيْهِ؟ فَقَالَ: قَالَ لَنَا مَالِكٌ فِي رَجُلٍ كَانَ عَلَيْهِ نَذْرُ مَشْيٍ وَكَانَ ضَرُورَةً لَمْ يَحُجَّ، فَجَهِلَ فَمَشَى فِي حَجَّتِهِ يَنْوِي بِحَجَّتِهِ هَذِهِ قَضَاءَ نَذْرِهِ وَحَجَّةِ الْإِسْلَامِ؟ فَقَالَ: قَالَ لَنَا مَالِكٌ: أَرَاهَا لِنَذْرِهِ وَعَلَيْهِ حَجَّةُ الْإِسْلَامِ، قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَأَمَّا أَنَا فَأَرَى فِي مَسْأَلَتِك أَنَّ ذَلِكَ يُجْزِئُهُ وَعَلَيْهِ قَضَاءُ رَمَضَانَ الْآخَرِ؛ لِأَنَّ بَعْضَ أَهْلِ الْعِلْمِ قَدْ رَأَى أَنَّ ذَلِكَ الْحَجَّ يُجْزِئُهُ لِفَرِيضَتِهِ وَعَلَيْهِ النَّذْرُ، وَرَأْيِي الَّذِي آخُذُ بِهِ فِي الْحَجِّ أَنْ يَقْضِيَ الْفَرِيضَةَ؛ لِأَنَّهُ إذَا اشْتَرَكَا بَدَأَ الْفَرِيضَةَ وَالنَّذْرَ فَأَوْلَاهُمَا بِالْقَضَاءِ أَوْجَبُهُمَا عِنْدَ اللَّهِ، وَأَمَّا الصِّيَامُ فَذَلِكَ يُجْزِئُهُ.

[فِي قِيَامِ رَمَضَانَ]

َ قَالَ: وَسَأَلْتُ مَالِكًا عَنْ قِيَامِ الرَّجُلِ فِي رَمَضَانَ أَمَعَ النَّاسِ أَحَبُّ إلَيْك أَمْ فِي بَيْتِهِ؟ فَقَالَ: إنْ كَانَ يَقْوَى فِي بَيْتِهِ فَهُوَ أَحَبُّ إلَيَّ وَلَيْسَ كُلُّ النَّاسِ يَقْوَى عَلَى ذَلِكَ، وَقَدْ كَانَ ابْنُ هُرْمُزَ يَنْصَرِفُ فَيَقُومُ بِأَهْلِهِ، وَكَانَ رَبِيعَةُ وَعَدَدٌ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ عُلَمَائِهِمْ يَنْصَرِفُ وَلَا يَقُومُ مَعَ النَّاسِ، قَالَ مَالِكٌ: وَأَنَا أَفْعَلُ مِثْلَ ذَلِكَ.

قَالَ مَالِكٌ: بَعَثَ إلَيَّ الْأَمِيرُ وَأَرَادَ أَنْ يُنْقِصَ مِنْ قِيَامِ رَمَضَانَ الَّذِي كَانَ يَقُومُهُ النَّاسُ بِالْمَدِينَةِ، قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَهُوَ تِسْعَةٌ وَثَلَاثُونَ رَكْعَةً بِالْوِتْرِ سِتٌّ وَثَلَاثُونَ رَكْعَةً وَالْوِتْرُ ثَلَاثٌ، قَالَ مَالِكٌ: فَنَهَيْته أَنْ يُنْقِصَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا، وَقُلْتُ لَهُ: هَذَا مَا أَدْرَكْتُ النَّاسَ عَلَيْهِ وَهَذَا الْأَمْرُ الْقَدِيمُ الَّذِي لَمْ تَزَلْ النَّاسُ عَلَيْهِ.

قَالَ: وَسَأَلْتُهُ عَنْ الرَّجُلِ يَقُومُ بِالنَّاسِ بِإِجَارَةٍ فِي رَمَضَانَ؟ فَقَالَ: لَا خَيْرَ فِي ذَلِكَ.

قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: فَكَيْفَ الْإِجَارَةُ فِي الْفَرِيضَةِ؟ فَقَالَ: ذَلِكَ أَشَدُّ عِنْدِي مِنْ ذَلِكَ، قُلْتُ: وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ؟

قَالَ: إنَّمَا سَأَلْنَاهُ عَنْ رَمَضَانَ وَهَذَا عِنْدِي أَشَدُّ مِنْ ذَلِكَ.

قَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ ابْنَ شِهَابٍ أَخْبَرَهُ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُرَغِّبُ فِي قِيَامِ رَمَضَانَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَأْمُرَ بِعَزِيمَةٍ، وَكَانَ يَقُولُ: مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» . فَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْأَمْرُ عَلَى ذَلِكَ، وَأَبُو بَكْرٍ وَصَدْرٌ مِنْ خِلَافَةِ عُمَرَ.

قَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ وَاللَّيْثِ، أَنَّ ابْنَ شِهَابٍ أَخْبَرَهُمَا عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>