الْوَصَايَا.
ابْنُ وَهْبٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي الْمَوَالِي الْمَدَنِيِّ يُحَدِّثُ عَنْ عَبْدِ الْحَكَمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَجُلًا أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ فَقَالَ: عَلَى ثُلُثِهِ، ثُمَّ وُجِدَ لِلرَّجُلِ مَالٌ وَرِثَهُ مِنْ نَسِيبٍ لَهُ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ فَقَالَ صَاحِبُ الثُّلُثِ: لِي فِي هَذَا حِصَّةٌ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الْقَوْمِ: هَلْ لَكَ أَنْ أُعْطِيَكَ ثَلَاثِينَ دِينَارًا؟ فَأَبَى، فَاخْتَصَمَا إلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَأَبَانُ بْنُ عُثْمَانَ عِنْدَهُ فَقَالَ لَهُ أَبَانُ: خُذْ الثَّلَاثِينَ، قَالَ: أَصْلَحَكَ اللَّهُ. الْمَالُ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ. فَقَالَ أَبَانُ: لَا ثَلَاثِينَ لَكَ وَلَا غَيْرَهَا، إنَّمَا أَوْصَى الرَّجُلُ فِيمَا عَرَفَ وَلَيْسَ لَهُ حَقٌّ فِيمَا لَمْ يَعْرِفْ. قَالَ: وَأَخْبَرَنِي يَزِيدُ بْنُ عِيَاضٍ عَنْ الْأَسْوَدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ هِشَامٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَضَى عَلَيْهِ بِمَشُورَةِ أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ قَالَ أَبَانُ: وَهُوَ الَّذِي نَوَى حِينَ أَوْصَى. رِجَالٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ وَرَبِيعَةَ وَمَكْحُولٍ أَنَّ وَصِيَّتَهُ لَا تَجُوزُ إلَّا فِيمَا عَلِمَ مِنْ مَالِهِ. مَسْلَمَةُ بْنُ عَلِيٍّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ مَكْحُولٍ أَنَّهُ قَالَ فِي رَجُلٍ أَوْصَى بِالثُّلُثِ ثُمَّ قُتِلَ. قَالَ: لَيْسَ لِأَهْلِ الْوَصَايَا مِنْ الدِّيَةِ شَيْءٌ.
وَقَالَ رَبِيعَةُ فِي رَجُلٍ أَوْصَى فَقَالَ: كُلُّ مَمْلُوكٍ لِي حُرٌّ، وَقَدْ وَرِثَ رَقِيقًا بِالْيَمَنِ حِينَ قَالَ ذَلِكَ - لَمْ يَعْلَمْ بِهِمْ - قَالَ رَبِيعَةُ: هُمْ مَمْلُوكُونَ. وَسَأَلْتُ مَالِكًا عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: لَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ إلَّا مَنْ عَلِمَهُ مِنْهُمْ، وَمَنْ غَابَ عِلْمُهُ عَنْهُ فَلَا يَعْتِقُ، وَقَالَ: لِأَنَّ النَّاسَ إنَّمَا يُوصُونَ فِيمَا عَلِمُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ. قَالَ ذَلِكَ أَبَانُ بْنُ عُثْمَانَ وَغَيْرُهُ.
[فِي رَجُلٍ أَوْصَى بِزَكَاةٍ وَلَهُ مُدَبَّرٌ وَأَوْصَى بِزَكَاةٍ وَبِعِتْقٍ بَتْلٍ وَبِإِطْعَامِ مَسَاكِينَ]
َ قَالَ: وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنْ الرَّجُلِ يَهْلِكُ وَيُوصِي بِزَكَاةٍ عَلَيْهِ وَيَتْرُكُ مُدَبَّرًا لَهُ فِي صِحَّتِهِ وَلَا يَسَعُ الثُّلُثُ ذَلِكَ؟
قَالَ: لَا يَفْسَخُ التَّدْبِيرَ شَيْءٌ، وَإِنَّ التَّدْبِيرَ فِي الصِّحَّةِ مُبْدَأٌ عَلَى الزَّكَاةِ وَعَلَى الْعِتْقِ الْوَاجِبِ وَغَيْرِهِ؛ لِأَنَّ التَّدْبِيرَ لَا يَفْسَخُهُ شَيْءٌ وَلَيْسَ لِلْمَيِّتِ أَنْ يَرْجِعَ فِي تَدْبِيرِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَالْوَصِيَّةُ بِالْعِتْقِ لِلْمَيِّتِ أَنْ يَرْجِعَ فِيهَا قَبْلَ مَوْتِهِ؛ لِأَنَّهَا وَصِيَّةٌ. وَلَمْ يَرَهُ مِثْلَ مَا أَعْتَقَ وَبَتْلُهُ فِي مَرَضِهِ. وَقَالَ: الزَّكَاةُ مُبْدَأَةٌ عَلَى الْعِتْقِ الْمُبَتَّلِ فِي الْمَرَضِ وَغَيْرِهِ، وَالْمُدَبَّرُ فِي الصِّحَّةِ مُبْدَأٌ عَلَى الزَّكَاةِ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: وَالزَّكَاةُ فِي الثُّلُثِ إذَا أَوْصَى بِذَلِكَ مُبْدَأَةٌ عَلَى الْعِتْقِ وَغَيْرِهِ إلَّا التَّدْبِيرَ فِي الصِّحَّةِ، وَهِيَ وَالزَّكَاةُ مُبْدَأَةٌ عَلَى التَّدْبِيرِ فِي الْمَرَضِ
. قَالَ: فَقُلْتُ لِمَالِكٍ: فَلَوْ أَنَّ رَجُلًا مَرِضَ مَرَضًا فَجَاءَهُ مَالٌ كَانَ غَائِبًا عَنْهُ، أَوْ حَلَّتْ زَكَاةُ مَالٍ لَهُ يَعْرِفُ ذَلِكَ وَهُوَ مَرِيضٌ، فَأَمَرَ بِأَدَاءِ زَكَاتِهِ، أَتَرَى أَنَّ ذَلِكَ فِي ثُلُثِهِ؟
قَالَ: لَا، إذَا جَاءَ مِثْلُ هَذَا الْأَمْرِ وَإِنْ كَانَ مَرِيضًا، فَأَرَاهُ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ. وَإِنَّمَا يَكُونُ فِي ثُلُثِ مَالِهِ كُلَّمَا فَرَّطَ فِيهِ فِي صِحَّتِهِ حَتَّى يُوصِيَ بِهِ فَيَكُونَ فِي ثُلُثِهِ، كَذَلِكَ سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute