ذَلِكَ عَنْهُ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ مِنْ إتْيَانِ الْجُمُعَةِ، قَالَ مَالِكٌ: وَلَمْ يَبْلُغْنِي أَنَّ أَحَدًا أَذِنَ لِأَهْلِ الْعَوَالِي إلَّا عُثْمَانَ، وَلَمْ يَكُنْ مَالِكٌ يَرَى الَّذِي فَعَلَ عُثْمَانُ، وَكَانَ يَرَى: إنَّ مَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ الْجُمُعَةُ لَا يَضَعُهَا عَنْهُ إذْنُ الْإِمَامِ وَإِنْ شَهِدَ مَعَ الْإِمَامِ قَبْلَ ذَلِكَ مِنْ يَوْمِهِ ذَلِكَ عِيدًا وَبَلَغَنِي ذَلِكَ عَنْ مَالِكٍ.
قَالَ سَحْنُونٌ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، فَقَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «جَمَعَ أَهْلَ الْعَوَالِي فِي مَسْجِدِهِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَكَانَ يَأْتِي الْجُمُعَةَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ مَنْ كَانَ بِالْعَقِيقِ وَنَحْوَ ذَلِكَ» ، قَالَ مَالِكٌ: وَالْعَوَالِي عَلَى ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ.
قَالَ سَحْنُونٌ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ: أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ كَتَبَ أَيُّمَا قَرْيَةٍ اجْتَمَعَ فِيهَا خَمْسُونَ رَجُلًا فَلْيَؤُمَّهُمْ رَجُلٌ مِنْهُمْ، وَلْيَخْطُبْ عَلَيْهِمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَلْيُقَصِّرْ بِهِمْ الصَّلَاةَ قَالَ ابْنُ وَهْبٍ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: إنَّا لَنَرَى الْخَمْسِينَ جَمَاعَةً إذَا كَانُوا بِأَرْضٍ مُنْقَطِعَةٍ لَيْسَ قُرْبَهَا إمَامٌ. قَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ رِجَالٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَعُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ وَعَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ وَابْنِ عُمَرَ مِثْلَهُ، وَذَكَرَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إذَا اجْتَمَعَ ثَلَاثُونَ بَيْتًا فَلْيُؤَمِّرُوا عَلَيْهِمْ رَجُلًا مِنْهُمْ يُصَلِّي بِهِمْ الْجُمُعَةَ» .
[الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالْعَمَلِ فِيهِ]
فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالْعَمَلِ فِيهِ قَالَ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ: وَقَالَ مَالِكٌ: إذَا قَعَدَ الْإِمَامُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ عَلَى الْمِنْبَرِ فَأَذَّنَ الْمُؤَذِّنُونَ فَعِنْدَ ذَلِكَ يُكْرَهُ الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ، قَالَ: وَإِنْ اشْتَرَى رَجُلٌ أَوْ بَاعَ فِي تِلْكَ السَّاعَةِ فُسِخَ ذَلِكَ الْبَيْعُ.
قَالَ: وَكَرِهَ مَالِكٌ لِلْمَرْأَةِ أَوْ الْعَبْدِ وَالصَّبِيِّ مَنْ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ الْجُمُعَةُ الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ فِي تِلْكَ السَّاعَةِ مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ.
قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: فَهَلْ يُفْسَخُ مَا اشْتَرَى أَوْ بَاعَ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ لَا تَجِبُ عَلَيْهِمْ الْجُمُعَةَ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا يُفْسَخُ شِرَاءُ مَنْ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ الْجُمُعَةُ وَلَا بَيْعُهُ وَهُوَ رَأْيِي.
قُلْتُ: فَإِنْ كَانَ اشْتَرَى مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ الْجُمُعَةَ مِنْ صَبِيٍّ أَوْ مَمْلُوكٍ؟
قَالَ: فَالْبَيْعُ مَفْسُوخٌ، ثُمَّ احْتَجَّ مَالِكٌ بِاَلَّذِي اشْتَرَى الطَّعَامَ مِنْ نَصْرَانِيٍّ أَوْ يَهُودِيٍّ، وَقَدْ اشْتَرَاهُ النَّصْرَانِيُّ عَلَى كَيْلٍ فَبَاعَهُ مِنْ الْمُسْلِمِ قَبْلَ أَنْ يَكْتَالَهُ النَّصْرَانِيُّ أَوْ الْيَهُودِيُّ.
قُلْتُ: فَبَيْعُهُ غَيْرُ جَائِزٍ؟
قَالَ: نَعَمْ كَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ، ثُمَّ قَالَ: إذَا اشْتَرَى أَوْ بَاعَ مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ الْجُمُعَةَ مِمَّنْ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ الْجُمُعَةَ فَالْبَيْعُ مُنْتَقَضٌ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: لَا يَنْبَغِي لِلْإِمَامِ أَنْ يَمْنَعَ أَهْلَ الْأَسْوَاقِ مِنْ الْبَيْعِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: وَإِذَا أَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ وَقَعَدَ الْإِمَامُ عَلَى الْمِنْبَرِ مَنَعَ النَّاسَ مِنْ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ الرِّجَالَ وَالْعَبِيدَ وَالنِّسَاءَ.
قَالَ مَالِكٌ: وَبَلَغَنِي أَنَّ بَعْضَ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانُوا يَكْرَهُونَ أَنْ يَتْرُكَ الرَّجُلُ الْعَمَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، كَمَا تَرَكَتْ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى الْعَمَلَ فِي السَّبْتِ وَالْأَحَدِ قَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ كَانَ يَمْنَعُ النَّاسَ