[بَابٌ فِي الْإِجَارَةِ فِي الْقَتْلِ وَالْأَدَبِ]
ِ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ اسْتَأْجَرْت رَجُلًا يَقْتُلُ لِي رَجُلًا عَمْدًا ظُلْمًا فَقَتَلَهُ أَيَكُونُ لَهُ مِنْ الْأَجْرِ شَيْءٌ أَمْ لَا؟ قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ شَيْئًا وَلَا أَرَى لَهُ مِنْ الْأَجْرِ شَيْئًا.
قُلْتُ: فَإِنْ كَانَ قَدْ وَجَبَ لِي عَلَى رَجُلٍ الْقِصَاصُ فَقُلْتُ لِرَجُلٍ: اضْرِبْ عُنُقَهُ بِدِرْهَمٍ فَفَعَلَ؟ قَالَ: الْإِجَارَةُ جَائِزَةٌ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: فِي أَجْرِ الطَّبِيبِ أَنَّهُ جَائِزٌ وَالطَّبِيبُ يَقْطَعُ وَيَبُطُّ فَأَرَى مَسْأَلَتَكَ فِي الْقَتْلِ فِي الْقِصَاصِ مِثْلَ قَوْلِ مَالِكٍ فِي أَجْرِ الطَّبِيبِ أَنَّهُ جَائِزٌ سَحْنُونٌ، عَنْ ابْنِ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّ السَّبْعَةَ مَعَ مَشْيَخَةٍ سِوَاهُمْ مِنْ نُظَرَائِهِمْ أَهْلُ فِقْهٍ وَفَضْلٍ مِنْهُمْ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ وَالْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ وَخَارِجَةُ بْنُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ وَسُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ كَانُوا يَقُولُونَ فِي الْجُرْحِ فِيمَا دُونَ الْمُوَضَّحَةِ: إذَا بَرِئَ وَعَادَ لِهَيْئَتِهِ إنَّمَا فِيهِ أَجْرُ الْمُدَاوِي.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ اسْتَأْجَرْت رَجُلًا يَضْرِبُ لِي ابْنًا لِي كَذَا وَكَذَا دِرَّةً بِدِرْهَمٍ أَوْ عَبْدًا لِي كَذَا وَكَذَا سَوْطًا أَدَبًا لَهُمَا بِكَذَا وَكَذَا دِرْهَمًا أَتَجُوزُ هَذِهِ الْإِجَارَةُ أَمْ لَا؟ قَالَ: الْإِجَارَةُ جَائِزَةٌ إذَا كَانَ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ الْأَدَبِ، فَإِنْ كَانَ عَلَى غَيْرِ وَجْهِ الْأَدَبِ فَلَا يُعْجِبُنِي ذَلِكَ، وَلَا أَحْفَظُهُ عَنْ مَالِكٍ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَلَوْ اسْتَأْجَرَ الرَّجُلُ أَجِيرًا عَلَى مَا لَا يَجُوزُ لِلْمُسْلِمِينَ وَنَحْوُ ذَلِكَ مِمَّا لَا تَنْبَغِي فِيهِ الْإِجَارَةُ عُوقِبَ الْمُسْتَأْجِرُ وَكَانَ عَلَى الْأَجِيرِ الْقِصَاصُ.
[إجَارَةِ الْأَطِبَّاءِ]
فِي إجَارَةِ الْأَطِبَّاءِ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ اسْتَأْجَرْت كَحَّالًا يُكَحِّلُ عَيْنِي مِنْ وَجَعٍ بِهَا كُلَّ شَهْرٍ بِدِرْهَمٍ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ فِي الْأَطِبَّاءِ: إذَا اُسْتُؤْجِرُوا عَلَى الْعِلَاجِ فَإِنَّمَا هُوَ عَلَى الْبُرْءِ فَإِنْ بَرَأَ فَلَهُ حَقُّهُ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَهُ.
قَالَ مَالِكٌ: إلَّا أَنْ يَكُونَا شَرَطَا شَرْطًا حَلَالًا فَيَنْفُذُ بَيْنَهُمَا.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَأَنَا أَرَى إنْ اشْتَرَطَ أَنْ يُكَحِّلَهُ كُلَّ يَوْمٍ أَوْ كُلَّ شَهْرٍ بِدِرْهَمٍ أَنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ إذَا لَمْ يَنْقُدْهُ قَالَ: فَإِنْ بَرَأَ قَبْلَ ذَلِكَ كَانَ لِلطَّبِيبِ مِنْ الْأَجْرِ بِحِسَابِ ذَلِكَ، قَالَ: إلَّا أَنْ يَكُونَ صَحِيحَ الْعَيْنَيْنِ فَاشْتَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ يُكَحِّلَهُ شَهْرًا بِدِرْهَمٍ وَيُكَحِّلَهُ كُلَّ يَوْمٍ فَهَذَا لَا بَأْسَ بِهِ لِأَنَّ هَذَا قَدْ لَزِمَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا اشْتَرَطَ؛ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ يَتَوَقَّعُ بُرْؤُهُ وَإِنَّمَا هَذَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute