للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فِي الرَّجُلِ يَحْبِسُ الْخَيْلَ وَالسِّلَاحَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَا يَخْرُجُ ذَلِكَ مِنْ يَدِهِ حَتَّى يَمُوتَ]

َ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ مَنْ حَبَسَ الْخَيْلَ فَلَمْ يُنْفِذْهَا وَلَمْ يُخْرِجْهَا مَنْ يَدِهِ إلَى أَحَدٍ حَتَّى مَاتَ، أَيَجُوزُ ذَلِكَ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: لَا يَجُوزُ هَذَا وَهِيَ مِيرَاثٌ كُلُّهَا، كَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ. قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ فِي السِّلَاحِ إذَا حَبَسَهُ - وَهُوَ صَحِيحٌ - وَلَمْ يُنْفِذْهُ بِحَالِ مَا وَصَفْت لَكَ وَلَمْ يُخْرِجْهُ مِنْ يَدِهِ حَتَّى مَاتَ فَهُوَ مِيرَاثٌ بَيْنَ الْوَرَثَةِ.

قَالَ مَالِكٌ: وَإِذَا حَبَسَ سِلَاحًا كَانَ يُخْرِجُهُ وَيَرْجِعُ إلَيْهِ فَهُوَ جَائِزٌ، وَمَا لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ لَمْ يُخْرِجْهُ حَتَّى مَاتَ فَهُوَ مِيرَاثٌ، وَإِنْ أَخْرَجَ بَعْضَهُ فَأَنْفَذَهُ وَبَقِيَ بَعْضُهُ، فَمَا أَخْرَجَ مِنْهُ فَهُوَ جَائِزٌ وَمَا لَمْ يُخْرِجْ فَهُوَ مِيرَاثٌ.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ: مَنْ حَبَسَ حَبْسًا مِنْ عَرَضٍ أَوْ حَيَوَانٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ وَلِيَهُ حَتَّى مَاتَ وَلَمْ يُوَجِّهْهُ فِي الْوُجُوهِ الَّتِي سَمَّى، غَيْرَ أَنَّهُ كَانَ يَقُومُ عَلَيْهِ وَيَلِيهِ حَتَّى مَاتَ. قَالَ: أَمَّا كُلُّ حَبْسٍ لَهُ غَلَّةٌ فَإِنَّهُ إنْ وَلِيَهُ حَتَّى مَاتَ وَهُوَ فِي يَدَيْهِ رَأَيْتُهُ رَدًّا فِي الْمِيرَاثِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ شَاءَ رَجُلٌ لَانْطَلَقَ إلَى مَالِهِ فَحَبَسَهُ وَيَأْكُلُ غَلَّتَهُ، فَإِذَا جَاءَهُ الْمَوْتُ قَالَ قَدْ كُنْتُ حَبَسْتُهُ لِيَمْنَعَهُ مِنْ الْوَارِثِ، فَلَا أَرَى أَنْ يَجُوزَ مِثْلُ هَذَا مِنْ الْأَحْبَاسِ حَتَّى يَسْتَخْلِفَ عَلَيْهَا الَّذِي حَبَسَهَا رَجُلًا غَيْرَهُ وَيَتَبَرَّأَ إلَيْهِ مِنْهَا. وَأَمَّا كُلُّ حَبْسٍ لَا غَلَّةَ لَهُ مِثْلُ السِّلَاحِ وَالْخَيْلِ وَأَشْبَاهِ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ إذَا وَجَّهَهُ فِي تِلْكَ الْوُجُوهِ الَّتِي سَمَّى وَأَعْمَلَهُ فِيهَا فَقَدْ جَازَ، وَإِنْ كَانَ يَلِيهِ حَتَّى مَاتَ فَهُوَ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَجَّهَهُ فِي شَيْءٍ مِنْ تِلْكَ الْوُجُوهِ فَلَا أَرَاهُ إلَّا مِيرَاثًا.

[الرَّجُلُ يَحْبِسُ عَلَى الرَّجُلِ وَعَلَى عَقِبِهِ وَلَا يَذْكُرُ فِي حَبْسِهِ صَدَقَةً وَكَيْفَ يَرْجِعُ الْحَبْسُ]

ُ قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ فِي الرَّجُلِ يَحْبِسُ الْحَبْسَ عَلَى الرَّجُلِ وَعَقِبِهِ، أَوْ عَلَيْهِ وَعَلَى وَلَدِهِ وَوَلَدِ وَلَدِهِ، أَوْ يَقُولُ رَجُلٌ: هَذِهِ الدَّارُ حَبْسٌ عَلَى وَلَدِي وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ مَرْجِعًا بَعْدَهُمْ فَانْقَرَضُوا: إنَّ هَذَا الْحَبْسَ مَوْقُوفٌ لَا يُبَاعُ وَلَا يُوهَبُ وَيَرْجِعُ إلَى أَوْلَى النَّاسِ بِالْمُحْبَسِ يَكُونُ حَبْسًا عَلَيْهِ.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: قَالَ مَالِكٌ: إذَا تَصَدَّقَ الرَّجُلُ بِدَارِهِ عَلَى رَجُلٍ وَوَلَدِهِ مَا عَاشُوا وَلَا يَذْكُرُ لَهَا مَرْجِعًا إلَّا صَدَقَةً هَكَذَا إلَّا شَرْطٌ فِيهَا فَيَهْلِكُ الرَّجُلُ وَوَلَدُهُ. قَالَ: أَرَى أَنْ تَرْجِعَ حَبْسًا عَلَى أَقَارِبِهِ فِي الْمَسَاكِينِ وَلَا تُورَثَ. ابْنُ وَهْبٍ عَنْ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّهُ قَالَ: مَنْ حَبَسَ دَارًا أَوْ تَصَدَّقَ بِهَا قَالَ: الْحَبْسُ وَالصَّدَقَةُ عِنْدَنَا بِمَنْزِلَةٍ وَاحِدَةٍ. قَالَ: فَإِنْ كَانَ صَاحِبُ ذَلِكَ الَّذِي حَبَسَ تِلْكَ الدَّارَ لَمْ يُسَمِّ شَيْئًا، فَإِنَّهَا لَا تُبَاعُ وَلَا تُوهَبُ وَلْيَسْكُنْهَا الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ مِنْهُ.

قَالَ سَحْنُونٌ: وَقَالَ بَعْضُ رِجَالِ مَالِكٍ:

<<  <  ج: ص:  >  >>