للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى غَيْرِهِ.

قَالَ: وَهَذَا أَمْرٌ بَيْنَ الْجَمَّالِينَ مَعْرُوفٌ أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا وَلَدَتْ فِي الطَّرِيقِ فَوَلَدُهَا مَعَهَا يُحْمَلُ فِي مَحْمَلِهَا، وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطُوا ذَلِكَ فِي أَصْلِ الْكِرَاءِ، وَإِنَّمَا يُنْظَرُ فِي هَذِهِ الْأَشْيَاءِ إلَى مَا قَدْ اسْتَجَازَ النَّاسُ فِيمَا بَيْنَهُمْ فَيُحْمَلُ الْخَاصُّ مِنْ أَمْرِ النَّاسِ عَلَى مَا اسْتَجَازَ جَمِيعُ النَّاسِ بَيْنَهُمْ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ تَكَارَيْتُ شِقَّ مَحْمَلٍ إلَى مَكَّةَ ذَاهِبًا وَرَاجِعًا وَعَقَبَةَ الْأَجِيرِ أَيَجُوزُ هَذَا فِي الْكِرَاءِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: ذَلِكَ جَائِزٌ.

[الْكَرِيِّ يَهْرُبُ]

مَا جَاءَ فِي الْكَرِيِّ يَهْرُبُ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ أَكْرَانِي إبِلَهُ ثُمَّ هَرَبَ عَنِّي وَتَرَكَهَا فِي يَدَيَّ فَأَنْفَقْتُ عَلَيْهَا أَيَكُونُ لِي عَلَى الْمُكْرِي النَّفَقَةُ الَّتِي أَنْفَقْت عَلَيْهَا؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: نَعَمْ يَكُونُ لَهُ عَلَيْهِ مَا أَنْفَقَ عَلَيْهَا، قَالَ مَالِكٌ: وَيَكُونُ لَهُ أَنْ يَتَكَارَى عَلَيْهَا مَنْ يُرَحِّلُهَا وَيَرْجِعُ بِذَلِكَ عَلَى الْكَرِيِّ. قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ اكْتَرَيْتُ وَلَمْ آخُذْ مِنْهُ حَمِيلًا ثُمَّ هَرَبَ الْمُكَارِي فَأَتَيْتُ السُّلْطَانَ أَيَتَكَارَى لِي عَلَيْهِ السُّلْطَانُ؟

قَالَ: نَعَمْ.

قُلْتُ: أَفَأَرْجِعُ عَلَيْهِ بِمَا تَكَارَيْتُ عَلَيْهِ؟

قَالَ: نَعَمْ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ اكْتَرَيْتُ دَابَّةً بِعَيْنِهَا إلَى مَكَّةَ أَوْ كِرَاءً مَضْمُونًا إلَى مَكَّةَ أَوْ غَيْرِهَا مِنْ الْبُلْدَانِ عَلَى أَنْ أَرْكَبَ مِنْ يَوْمِي أَوْ مِنْ الْغَدِ فَفَرَّ الْمُكَارِي فَلَمْ أَجِدْهُ إلَّا بَعْدَ ذَلِكَ فَلَمَّا وَجَدْتُهُ أَلْزَمَنِي بِالرُّكُوبِ وَطَلَبَ الْكِرَاءَ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: كُلُّ كِرَاءٍ مَضْمُونٍ فَإِنَّهُ يَلْزَمُ صَاحِبَهُ الْكِرَاءُ وَإِنْ فَرَّ عَنْهُ الْمُكْرِي وَلَيْسَ لَهُ عَلَى الْمُكْرِي إلَّا حُمُولَتُهُ، وَعَلَيْهِ الْكِرَاءُ لَازِمٌ لَهُ إلَّا كِرَاءَ الْحَاجِّ وَحْدَهُ فَإِنَّهُ يُفْسَخُ عَنْهُ وَيُرَدُّ كِرَاؤُهُ إنْ كَانَ قَبَضَهُ؛ لِأَنَّ الْحَجَّ إذَا ذَهَبَ إبَّانُهُ فَاتَ.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَأَمَّا كِرَاءُ الدَّابَّةِ بِعَيْنِهَا فَإِنِّي لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا إلَّا أَنَّهُ بَلَغَنِي عَنْ مَالِكٍ فِي الرَّجُلِ يَتَكَارَى الدَّابَّةَ يَرْكَبُهَا مِنْ الْغَدِ إلَى مَوْضِعِ كَذَا وَكَذَا فَيَغِيبُ عَنْهُ الْمُكْرِي ثُمَّ يَأْتِيهِ بَعْدَ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ؟

قَالَ: لَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا رُكُوبُهُ.

وَقَالَ غَيْرُهُ: إنْ رَفَعَ أَمْرَهُ إلَى السُّلْطَانِ نَظَرَ السُّلْطَانُ فِي ذَلِكَ بِمَا لَا يَدْخُلُ فِيهِ الضَّرَرُ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَإِنْ رَأَى فَسْخَ الْكِرَاءِ فَسَخَهُ بِمَنْزِلَةِ الدَّابَّةِ تَعْتَلُّ أَيْضًا فِي الطَّرِيقِ وَلَا يَسْتَطِيعُ الْمُكْتَرِي الْوُقُوفَ عَلَيْهَا لِمَا يَدْخُلُ عَلَيْهِ مِنْ فَوْتِ أَصْحَابِهِ أَوْ لِمَا يَدْخُلُ عَلَى رَبِّ الدَّابَّةِ فِي طُولِ مَقَامِهِ عَلَيْهَا وَلَعَلَّهَا لَا تَصِحُّ مِنْ عِلَّتِهَا فَيَكُونُ عُذْرًا يُفْسَخُ بِهِ الْكِرَاءُ بَيْنَهُمَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>