وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مِنْ ظُلْمٍ رَكِبُوا بِهِ فَأَرَى أَنْ يُرَدُّوا إلَى ذِمَّتِهِمْ وَلَا يَكُونُوا فَيْئًا. قُلْت: أَتَحْفَظُهُ عَنْ مَالِكٍ؟
قَالَ: أَمَّا مَا ذَكَرْت لَك مِنْ الْحِرَابَةِ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ فَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ أَحْفَظُهُ عَنْهُ، وَأَمَّا الَّذِينَ امْتَنَعُوا مِنْ الْجِزْيَةِ وَنَقَضُوا الْعَهْدَ وَالْإِمَامُ يَعْدِلُ فِيهِمْ، فَلَقَدْ مَضَتْ فِي هَذَا السُّنَّةُ مِنْ الْمَاضِينَ فِيمَنْ نَقَضَ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ الْعَهْدَ أَنَّهُمْ يُسْبَوْا، مِنْهَا الْإِسْكَنْدَرِيَّة قَاتَلَهُمْ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ الثَّانِيَةُ وَسُلْطَيْسُ قُوتِلَتْ ثَانِيَةً وَسُبِيَتْ. وَقَالَ أَشْهَبُ: لَا يَعُودُ الْحُرُّ إلَى رِقٍّ أَبَدًا وَيُرَدُّونَ إلَى ذِمَّتِهِمْ وَلَا يَكُونُونَ فَيْئًا. ابْنُ وَهْبٍ، قَدْ ذَكَرَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ فِي بِلَهِيبِ وَسُلْطَيْسَ، أَنَّهُمْ سُبُوا بَعْدَ أَنْ نَقَضُوا حَتَّى دَخَلَ سَبْيُهُمْ الْمَدِينَةَ، سَبَاهُمْ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ فِي زَمَانِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ.
[عَبْدِ أَهْلِ الْحَرْبِ يَخْرُجُ إلَيْنَا تَاجِرًا لِيُسْلِمَ وَمَعَهُ مَالٌ لِمَوْلَاهُ أَيُخَمَّسُ]
فِي عَبْدِ أَهْلِ الْحَرْبِ يَخْرُجُ إلَيْنَا تَاجِرًا لِيُسْلِمَ وَمَعَهُ مَالٌ لِمَوْلَاهُ، أَيُخَمَّسُ قُلْت: أَرَأَيْت لَوْ أَنَّ عَبْدًا لِرَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ دَخَلَ إلَيْنَا بِأَمَانٍ فَأَسْلَمَ وَمَعَهُ مَالٌ لِمَوْلَاهُ، أَيَكُونُ حُرًّا وَيَكُونُ الْمَالُ لَهُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: أَرَاهُ لِلْعَبْدِ وَلَا أَرَى فِيهِ تَخْمِيسًا وَلَيْسَ الْخُمْسُ إلَّا فِيمَا أَوْجَفَ عَلَيْهِ. ابْنُ وَهْبٍ عَنْ ابْنِ لَهِيعَةَ. عَنْ عُقَيْلٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، أَنَّ الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ نَزَلَ وَأَصْحَابٌ لَهُ بِأَيْلَةَ فَشَرِبُوا خَمْرًا حَتَّى سَكِرُوا، وَنَامُوا مَعَهُمْ وَهُمْ يَوْمَئِذٍ كُفَّارٌ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ، فَقَامَ إلَيْهِمْ الْمُغِيرَةُ فَذَبَحَهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ أَخَذَ مَا كَانَ لَهُمْ مِنْ شَيْءٍ، فَسَارَ بِهِ حَتَّى قَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَأَسْلَمَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ وَدَفَعَ الْمَالَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَخْبَرَهُ الْخَبَرَ، فَقَالَ رَسُولُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّا لَا نُخَمِّسُ مَالَ أَحَدٍ غَصْبًا» ، فَتَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَلِكَ الْمَالَ فِي يَدِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ. ابْنُ وَهْبٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْحَارِثِ وَاللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ بُكَيْرِ بْنِ الْأَشَجِّ أَنَّ الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ أَتَى إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَدْ قَتَلَ أَصْحَابَهُ، وَجَاءَ بِغَنَائِمِهِمْ فَتَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ ذَلِكَ الْمَالَ لِلْمُغِيرَةِ وَهُوَ كَافِرٌ وَهُمْ كُفَّارٌ. اللَّيْثُ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّهُ قَالَ فِي قِبْطِيٍّ فَرَّ مِنْ أَرْضِ الْعَدُوِّ بِمَالٍ وَعَلَيْهِ الْجِزْيَةُ، قَالَ: الْمَالُ مَالُ الَّذِي فَرَّ بِهِ وَإِنْ جَاءَ مُسْلِمًا فَالْمَالُ مَالُهُ وَهُوَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ. ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ نَافِعٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّهُ قَالَ: مَنْ أَسَرَهُ الْعَدُوُّ فَائْتَمَنُوهُ عَلَى شَيْءٍ مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَلْيُؤَدِّ أَمَانَتَهُ إلَى مَنْ ائْتَمَنَهُ، وَإِنْ كَانَ مُرْسَلًا يَقْدِرُ عَلَى أَنْ يَتَخَلَّصَ مِنْهُمْ وَيَأْخُذَ مِنْ أَمْوَالِهِمْ مَا قَدِرَ عَلَيْهِ مَا لَمْ يُؤْتَمَنْ عَلَيْهِ فَلْيَفْعَلْ.
[فِي عَبِيدِ أَهْلِ الْحَرْبِ يُسْلِمُونَ فِي دَارِ الْحَرْبِ أَيَسْقُطُ عَنْهُمْ مُلْكُ سَادَاتِهِمْ أَمْ لَا]
قُلْت لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَرَأَيْت لَوْ أَنَّ عَبِيدًا لِأَهْلِ الْحَرْبِ أَسْلَمُوا فِي دَارِ الْحَرْبِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute