عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: قَضَى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فِيمَنْ اسْتَكْرَهَ امْرَأَةً بِكْرًا بِالْغُرْمِ الْحَدَّ وَإِنْ كَانَ عَبْدًا فَكَانَ ثَمَنُهُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَدَاهُ أَهْلُهُ إنْ أَحَبُّوا، وَإِنْ كَانَ ثَمَنُهُ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ فَلَيْسَ لَهُمْ إلَّا الْعَبْدُ. قَالَ ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ: قَالَ أَبُو الزِّنَادِ فِي عَبْدٍ افْتَضَّ أَمَةً فَذَهَبَ بِعُذْرَتِهَا. قَالَ: يَغْرَمُ لِأَهْلِهَا مَا بَيْنَ ثَمَنِهَا ثَيِّبًا
[إقْرَارِ الْعَبْدِ عَلَى نَفْسِهِ بِالْجِنَايَةِ]
فِي إقْرَارِ الْعَبْدِ عَلَى نَفْسِهِ بِالْجِنَايَةِ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ أَقَرَّ الْعَبْدُ أَنَّهُ غَصَبَ هَذِهِ الْمَرْأَةَ نَفْسَهَا فَجَامَعَهَا وَهِيَ أَمَةٌ أَوْ حُرَّةٌ وَلَا يُعْلَمُ ذَلِكَ إلَّا بِقَوْلِ الْعَبْدِ، أَيُصَدَّقُ الْعَبْدُ أَمْ لَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: لَا يُصَدَّقُ الْعَبْدُ إلَّا أَنْ تُؤْتَى وَهِيَ مُسْتَغِيثَةٌ أَوْ مُتَعَلِّقَةٌ بِهِ، وَهِيَ تُدْمِي إنْ كَانَتْ بِكْرًا، وَإِنْ كَانَتْ ثَيِّبًا أُدْرِكَتْ وَهِيَ تَسْتَغِيثُ مُتَعَلِّقَةً بِهِ، فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ إنْ زَعَمَ أَنَّهُ غَصَبَهَا؛ لِأَنِّي سَمِعْتُ مَالِكًا وَسُئِلَ عَنْ عَبْدٍ أُتِيَ بِهِ وَقَدْ قَطَعَ أُصْبُعَ صَبِيٍّ مِنْ رِجْلِهِ، وَأُصْبُعُ الصَّبِيِّ تُدْمِي فَأُدْرِكَ الصَّبِيُّ وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِهِ فَأَقَرَّ الْعَبْدُ أَنَّهُ وَطِئَ أُصْبُعَهُ.
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: أَمَّا مَا كَانَ مِثْلَ هَذَا إذَا أُدْرِكَ عَلَى مِثْلِ هَذَا الْحَالِ، وَأُصْبُعُ الصَّبِيِّ تُدْمِي بِحَدَثَانِ مَا قُطِعَتْ وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِهِ فَإِنِّي أَرَى أَنْ يُقْبَلَ إقْرَارُهُ وَيَكُونَ ذَلِكَ فِي رَقَبَتِهِ يُسْلِمُهُ سَيِّدَهُ أَوْ يَفْتَكَّهُ بِالْجِنَايَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُتَّهَمُ أَنْ يَكُونَ أَقَرَّ إلَى شَيْءٍ، فَكَذَلِكَ مَسْأَلَتُكَ فِي الْوَطْءِ إنْ أَقَرَّ عَلَى مِثْلِ مَا وَصَفْتُ لَكَ.
قَالَ مَالِكٌ: وَمَا كَانَ عَلَى غَيْرِ هَذَا مِمَّا يُقِرُّ الْعَبْدُ أَنَّهُ فَعَلَهُ مِمَّا يَكُونُ فِي رَقَبَتِهِ، وَلَا يَدْرِي أَحَقٌّ ذَلِكَ أَمْ لَا وَلَمْ يَكُنْ عَلَى مِثْلِ مَا وَصَفْتُ لَكَ، فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ تَقُومُ.
قُلْتُ: فَإِنْ أُعْتِقَ الْعَبْدَ يَوْمًا مَا وَكَانَ إقْرَارُهُ إقْرَارًا لَمْ يَقُمْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ، وَلَمْ يَكُنْ بِحَالِ مَا وَصَفْت لِي مِنْ تَعَلُّقِهَا بِهِ، أَيَكُونُ ذَلِكَ دَيْنًا عَلَى الْعَبْدِ إنْ أُعْتِقَ يَوْمًا مَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا، وَلَا أَرَى أَنْ يَكُونَ عَلَى الْعَبْدِ شَيْءٌ مِنْ هَذَا الْوَطْءِ إنْ عَتَقَ.
وَكَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ فِي رَجُلٍ حُرٍّ أَقَرَّ بِقَتْلِ رَجُلٍ خَطَأً: إنَّ ذَلِكَ عَلَى عَاقِلَتِهِ، وَلَا يَكُونُ فِي مَالِهِ خَاصَّةً مَعَ قَسَامَةِ أَوْلِيَاءِ الْمَقْتُولِ إنْ كَانَ الَّذِي أَقَرَّ لَهُ مِمَّنْ لَا يُتَّهَمُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ بِهِ غِنَى وَلَدِ الْمَقْتُولِ، فَإِنْ كَانَ أَرَادَ غِنَى وَلَدِ الْمَقْتُولِ لِصَدَاقَةٍ بَيْنَهُمَا أَوْ لِقَرَابَةٍ بَيْنَهُمَا وَهُوَ مِمَّنْ يُتَّهَمُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ غِنَاهُ، لَمْ يَكُنْ عَلَى الْعَاقِلَةِ شَيْءٌ وَلَا يَكُونُ عَلَيْهِ مِنْ إقْرَارِهِ شَيْءٌ. فَهَذَا يَدُلُّكَ عَلَى أَنَّ الْعَبْدَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ مِنْ إقْرَارِهِ بِالْجِنَايَةِ إذَا هِيَ لَمْ تَلْزَمْ السَّيِّدَ، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إنْ عَتَقَ بَعْدَ ذَلِكَ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ أَبَتْ الْوَرَثَةُ أَنْ تُقْسِمَ مَعَ إقْرَارِي، أَيَبْطُلُ إقْرَارِي وَلَا يَلْزَمُ عَاقِلَتِي مِنْ الدِّيَةِ شَيْءٌ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: نَعَمْ كَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَاَلَّذِي فَسَّرْتُ لَكَ مِمَّا لَا يَلْزَمُ الْعَبْدَ مِنْ إقْرَارِهِ إذَا عَتَقَ يَوْمًا مَا، إنَّمَا ذَلِكَ فِيمَا غَصَبَ مِنْ النِّسَاءِ فَوَطِئَهُنَّ أَوْ جَرَحَ أَوْ قَتَلَ خَطَأً، أَقَرَّ بِذَلِكَ كُلِّهِ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ وَلَمْ يَكُنْ بِحَالِ مَا وَصَفْتُ لَكَ مِنْ التَّعَلُّقِ بِالْعَبْدِ بِحَضْرَةِ ذَلِكَ. فَإِنَّ هَذَا لَا يَكُونُ عَلَيْهِ شَيْءٌ إنْ عَتَقَ يَوْمًا أَوْ أَقَرَّ الْعَبْدُ بِاسْتِهْلَاكِ مَالٍ، وَلَا يُعْلَمُ ذَلِكَ إلَّا بِقَوْلِهِ أَوْ بِاخْتِلَاسِ مَالٍ، وَلَا يُعْلَمُ ذَلِكَ إلَّا بِقَوْلِهِ أَوْ