للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَيِّتٌ أَوْ صَحِيحٌ أَوْ أَعْمَى أَوْ مَقْطُوعُ الْيَدِ أَوْ الرِّجْلِ، وَهَذَا لَا يُجْزِئُ فِي الظِّهَارِ إلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ عَرَفَ مَوْضِعَهُ وَصِحَّتَهُ فَيَجُوزُ. وَمَا سَمِعْت فِيهِ مِنْ مَالِكٍ شَيْئًا أَقْوَمَ عَلَى حِفْظِهِ، وَلَوْ أَعْتَقَهُ عَنْ ظِهَارِهِ ثُمَّ وَجَدَهُ بَعْدَ ذَلِكَ بِحَالِ صِحَّةٍ عَلَى مَا يَجُوزُ فِي الظِّهَارِ أَجْزَأَهُ ذَلِكَ وَكَانَ كَفَّارَةً لَهُ.

قُلْت: أَرَأَيْت الْعَبْدَ الْآبِقَ إذَا أَتَى رَجُلٌ إلَى سَيِّدِهِ فَقَالَ: هُوَ عِنْدِي فَبِعْهُ مِنَى. قَالَ: الْآبِقُ، إذَا عُرِفَ عِنْدَ مَنْ هُوَ فَبَاعَهُ مِنْهُ وَقَدْ أُخْبِرَ السَّيِّدُ بِحَالِهِ الَّتِي حَالَ إلَيْهَا مِنْ صِفَتِهِ، أَوْ قِيلَ لَهُ إنَّهُ عَلَى صِفَةِ مَا تَعْرِفُ، جَازَ الْبَيْعُ فِيمَا بَيْنَهُمَا وَلَا يَجُوزُ النَّقْدُ إنْ كَانَ بَعِيدًا، وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ عَبْدٍ لِرَجُلٍ غَائِبٍ عَنْهُ فَبَاعَهُ، فَهَذَا وَذَلِكَ سَوَاءٌ فِي قَوْلِ مَالِكٍ. قُلْت: وَيَحْتَاجُ إلَى مَعْرِفَةِ السَّيِّدِ أَنْ يَعْرِفَ إلَى مَا صَارَتْ إلَيْهِ حَالُ عَبْدِهِ كَمَا يَحْتَاجُ إلَى مَعْرِفَةِ الْمُشْتَرِي كَيْفَ صِفَةُ الْعَبْدِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: نَعَمْ، لِأَنَّ الْعَبْدَ إذَا غَابَ فَكَبُرَ أَوْ زَادَ فِي الصِّفَةِ أَوْ نَقَصَ أَوْ كَانَ أَعْجَمِيًّا فَفَصَحَ، فَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَعْرِفَ سَيِّدُهُ مَا حَالَتْ إلَيْهِ حَالُهُ حَتَّى يَعْرِفَ مَا يَبِيعُ.

قُلْت: أَرَأَيْت لَوْ أَنِّي رَهَنْت عَبْدًا إلَيَّ عِنْدَ رَجُلٍ فَأَبَقَ مِنْهُ، أَيَبْطُلُ مِنْ حَقِّهِ شَيْءٌ أَمْ لَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: لَا يَبْطُلُ مِنْ حَقِّهِ شَيْءٌ، وَالْمُرْتَهَنُ مُصَدَّقٌ فِي إبَاقِهِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ وَيَحْلِفُ. قُلْت: أَرَأَيْت إنْ أَبَقَ هَذَا الْمَرْهُونُ فَأَخَذَهُ سَيِّدُهُ وَقَامَ الْغُرَمَاءُ عَلَى السَّيِّدِ، أَيَكُونُ هَذَا الْعَبْدُ فِي الرَّهْنِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ أَمْ لَا؟

قَالَ هُوَ فِي الرَّهْنِ إنْ كَانَ قَدْ حَازَهُ الْمُرْتَهِنُ قَبْلَ الْإِبَاقِ، وَلَيْسَ إبَاقُهُ مِمَّا يُخْرِجُهُ مِنْ الرَّهْنِ إلَّا أَنْ يَكُونَ قَبَضَهُ سَيِّدُهُ وَيَعْلَمُ بِهِ الْمُرْتَهِنُ، فَيَتْرُكُهُ الْمُرْتَهِنُ فِي يَدِ السَّيِّدِ الرَّاهِنِ حَتَّى يُفْلِسَ فَهُوَ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ.

[فِي الْآبِقِ إلَى دَارِ الْحَرْبِ يَشْتَرِيه رَجُلٌ مُسْلِمٌ]

ٌ قُلْت: أَرَأَيْت لَوْ أَنَّ آبِقًا أَبَقَ مِنْ رَجُلٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فَدَخَلَ إلَى بِلَادِ الْمُشْرِكِينَ، فَدَخَلَ رَجُلٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ بِلَادَهُمْ فَاشْتَرَاهُ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: يَأْخُذُهُ سَيِّدُهُ بِالثَّمَنِ الَّذِي اشْتَرَاهُ بِهِ. قُلْت: وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ سَيِّدُهُ أَمَرَهُ بِالشِّرَاءِ أَوْ لَمْ يَأْمُرْهُ فَإِنَّهُ لَا يَأْخُذُهُ مِنْهُ إلَّا أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ الثَّمَنَ الَّذِي اشْتَرَاهُ بِهِ؟

قَالَ: نَعَمْ. قُلْت: وَعَبِيدُ أَهْلِ الذِّمَّةِ فِي هَذَا وَعَبِيدُ الْمُسْلِمِينَ سَوَاءٌ؟

قَالَ: نَعَمْ. - فِي قَوْلِ مَالِكٍ لِأَنَّ مَالِكًا جَعَلَ الذِّمِّيَّ إذَا أُسِرَ بِمَنْزِلَةِ الْحُرِّ، إذَا ظَفَرَ بِهِ الْمُسْلِمُونَ رَدُّوهُ إلَى جِزْيَتِهِ.

قَالَ مَالِكٌ: - وَقَعَ فِي الْمَقَاسِمِ أَوْ لَمْ يَقَعْ - فَإِنَّهُ يُرَدُّ إلَى جِزْيَتِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْقُضْ عَهْدَهُ وَلَمْ يُحَارِبْ، فَلَمَّا جَعَلَهُ مَالِكٌ بِمَنْزِلَةِ الْمُسْلِمِ فِي هَذَا كَانَ مَالُهُ بِمَنْزِلَةِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ. قُلْت: أَرَأَيْت إنْ كَانَ الَّذِي اشْتَرَى الْعَبْدَ فِي دَارِ الْحَرْبِ قَدْ أَعْتَقَهُ، أَيَجُوزُ عِتْقُهُ إيَّاهُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ أَمْ لَا؟

قَالَ: نَعَمْ، عِتْقُهُ جَائِزٌ. وَلَا أَرَى أَنْ يَرُدَّ عِتْقَهُ، فَإِنْ أَرَادَ سَيِّدُهُ أَنْ يَأْخُذَهُ بِالثَّمَنِ فَلَيْسَ ذَلِكَ لَهُ، وَلَيْسَ هُوَ بِمَنْزِلَةِ رَجُلٍ اشْتَرَى عَبْدًا فِي سُوقِ الْمُسْلِمِينَ وَلَا يَعْلَمُ أَنَّ لَهُ سَيِّدًا غَيْرَ الَّذِي بَاعَهُ، فَأَعْتَقَهُ فَأَتَى سَيِّدُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>