الْوَكِيلُ فَقَالَ قَدْ قَبَضْته وَضَاعَ مِنِّي قَالَ الْآمِرُ قَدْ أَمَرْتُك وَوَكَّلْتُك بِقَبْضِ ذَلِكَ وَلَكِنَّك لَمْ تَقْبِضْهُ أَيُصَدِّقُ الْوَكِيلُ أَمْ لَا؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: يُقَالُ لِلْغَرِيمِ أَقِمْ الْبَيِّنَةَ أَنَّك قَدْ دَفَعْت إلَى الْوَكِيلِ وَإِلَّا فَاغْرَمْ فَإِنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ قَدْ دَفَعَ ذَلِكَ إلَى الْوَكِيلِ، كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْوَكِيلِ عَلَى التَّلَفِ، فَإِنْ لَمْ يُقِمْ الْغَرِيمُ الْبَيِّنَةَ غَرِمَ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَى الْوَكِيلِ غُرْمٌ لِأَنَّهُ أَقَرَّ أَنَّهُ قَبَضَ مَا أَمَرَهُ بِهِ قُلْتُ: وَلِمَ لَا يُصَدَّقُ الْوَكِيلُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ وَقَدْ أَقَرَّ لَهُ الْآمِرُ بِالْوَكَالَةِ وَقَدْ صَدَّقْته فِي الْمَسَائِلِ الْأُولَى؟
قَالَ: لِأَنَّهُ هَهُنَا إنَّمَا وَكَّلَهُ بِقَبْضِ مَالِهِ، وَلَا يُصَدَّقُ الْوَكِيلُ عَلَى قَوْلِهِ أَنَّهُ قَدْ قَبَضَ الْمَالَ إلَّا بِبَيِّنَةٍ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا تَوَكَّلَ بِقَبْضِ مَالِهِ عَلَى تَوْثِيقِ الْبَيِّنَةِ وَإِنَّمَا وَكَّلَهُ إذَا وَكَّلَهُ بِقَبْضِ الْمَالِ عَلَى أَنْ يَشْهَدَ عَلَى قَبْضِ الْمَالِ، فَإِنْ لَمْ يَشْهَدْ فَادَّعَى أَنَّهُ قَبَضَ لَمْ يُصَدَّقْ إلَّا أَنْ يُصَدِّقَهُ الْآمِرُ، قَالَ: وَهَذَا مُخَالِفٌ لِلَّذِي أَمَرَ رَجُلًا أَنْ يَبِيعَ عَبْدَهُ؛ لِأَنَّ هَذَا لَمْ يُتْلِفْ لِلْآمِرِ شَيْئًا.
قُلْتُ: فَإِنْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ قَدْ وَكَّلَتْهُ أَنْ يُزَوِّجَهَا وَيَقْبِضَ صَدَاقَهَا فَقَالَ: قَدْ زَوَّجْتُك وَقَبَضْت صَدَاقَك وَقَدْ ضَاعَ الصَّدَاقُ مِنِّي؟
قَالَ: هَذَا مُصَدَّقٌ عَلَى التَّزْوِيجِ وَلَا يُصَدَّقُ عَلَى قَبْضِ الصَّدَاقِ وَلَا يُشْبِهُ هَذَا الْبَيْعَ، أَلَا تَرَى لَوْ أَنَّ رَجُلًا يَبِيعُ سِلْعَتَهُ كَانَ لَهُ أَنْ يَقْبِضَ الثَّمَنَ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ أَقْبِضُ الثَّمَنَ وَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَأْبَى ذَلِكَ عَلَيْهِ، وَإِنَّ الَّذِي وُكِّلَ بِالتَّزْوِيجِ وَكَّلَتْهُ امْرَأَةٌ بِإِنْكَاحِهَا أَوْ رَجُلٌ وَكَّلَهُ فِي وَلِيَّتِهِ أَنْ يُزَوِّجَ فَزَوَّجَ، ثُمَّ أَرَادَ قَبْضَ الصَّدَاقِ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لَهُ وَلَا يَلْزَمُ الزَّوْجَ دَفْعُ ذَلِكَ إلَيْهِ كَانَ ضَامِنًا فَهَذَا فَرْقٌ مَا بَيْنَ الْوَكَالَةِ بِقَبْضِ الصَّدَاقِ وَبَيْنَ الْبَيْعِ، إنَّمَا الْوَكَالَةُ فِي قَبْضِ الصَّدَاقِ كَالْوَكَالَةِ بِقَبْضِ الدُّيُونِ فَلَا أَرَى أَنْ يُخْرِجَهُ إذَا ادَّعَى تَلَفًا إلَّا بِبَيِّنَةٍ تَقُومُ عَلَى لَهُ قَبْضِ الصَّدَاقِ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا هَلَكَ وَتَرَكَ أَوْلَادًا أَوْ أَوْصَى إلَى امْرَأَتِهِ وَاسْتَخْلَفَهَا عَلَى بُضْعِ بَنَاتِهِ أَيَجُوزُ هَذَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: نَعَمْ، يَجُوزُ وَتَكُونُ أَحَقَّ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ وَلَكِنْ لَا تَعْقِدُ النِّكَاحَ وَتَسْتَخْلِفُ هِيَ مِنْ الرِّجَالِ مَنْ يَعْقِدُ النِّكَاحَ.
[النِّكَاحُ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ]
ٍ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ تَزَوَّجَ رَجُلٌ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ وَأَقَرَّ الْمُزَوِّجُ بِذَلِكَ أَنَّهُ زَوَّجَهُ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ أَيَجُوزُ أَنْ يَشْهَدَا فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَتَكُونُ الْعُقْدَةُ صَحِيحَةً فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: نَعَمْ، كَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ: قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ فِي رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً فَلَمَّا أَرَادَ أَبُوهَا أَنْ يَقْبِضَ الصَّدَاقَ قَالَتْ: زَوَّجْتَنِي بِغَيْرِ شُهُودٍ فَالنِّكَاحُ فَاسِدٌ، قَالَ مَالِكٌ: إذَا أَقَرَّ أَنَّهُ تَزَوَّجَ فَالنِّكَاحُ لَهُ لَازِمٌ وَيَشْهَدَانِ فِيمَا يَسْتَقْبِلَانِ قُلْتُ: وَسَوَاءٌ إنْ أَقَرَّا جَمِيعًا أَنَّهُ زَوَّجَهَا بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ أَوْ أَقَرَّ أَحَدُهُمَا؟
قَالَ: نَعَمْ،