كَالسَّيِّدِ لَوْ أَعْتَقَهُ وَالْجِنَايَةُ فِيهِ وَحَلَفَ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ حَمْلَ الْجِنَايَةِ، كَانَ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِمْ لِأَنَّهُ رَهْنٌ لَهُمْ بِالْجِنَايَةِ وَالسَّيِّدُ لَمْ يَكُنْ يَلْزَمُهُ الِافْتِكَاكُ، فَصَارَتْ رَقَبَتُهُ وَمَالُهُ لِأَهْلِ الْجِنَايَةِ، فَهُمْ أَوْلَى بِفَضْلِهِ. وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ عَنْ مَالِكٍ فِي هَذَا الْمَعْنَى: إنْ أَبَى السَّيِّدُ افْتِكَاكَ الْعَبْدِ وَقَدْ أُعْتِقَ أَخَذَ مَالَهُ، إنْ كَانَ الْعَبْدُ فِيهِ وَفَاءٌ لِلْجِنَايَةِ وَعَتَقَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ وَفَاءٌ وَكَانَ لَهُ أَحَدٌ يُعِينُهُ مِنْ قَرَابَتِهِ أَوْ غَيْرِهِمْ بِمَا يُتِمُّ بِهِ أَرْشَ الْجِنَايَةِ عَتَقَ، وَإِلَّا بِيعَ مِنْهُ. فَإِنْ كَانَ يَبْقَى مِنْ رَقَبَتِهِ شَيْءٌ بَعْدَ تَمَامِ الْجِنَايَةِ فَيُعْتَقُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ هَذَا فَهُوَ لِأَهْلِ الْجِنَايَةِ رَقِيقٌ لَهُمْ.
[عَبْدٍ جَنَى عَلَى عَبْدٍ أَوْ عَلَى حُرٍّ فَلَمْ يَقُمْ وَلِيُّ الْجِنَايَةِ حَتَّى قُتِلَ الْعَبْدُ]
فِي عَبْدٍ جَنَى عَلَى عَبْدٍ أَوْ عَلَى حُرٍّ فَلَمْ يَقُمْ وَلِيُّ الْجِنَايَةِ حَتَّى قُتِلَ الْعَبْدُ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ جَنَى عَبْدِي عَلَى عَبْدٍ أَوْ عَلَى حُرٍّ فَلَمْ يَقُمْ وَلِيُّ الْجِنَايَةِ عَلَى عَبْدِي حَتَّى قُتِلَ عَبْدِي، فَأَخَذْتُ قِيمَتَهُ، أَيَكُونُ لِهَؤُلَاءِ الَّذِينَ جَنَى عَلَيْهِمْ عَبْدِي فِي هَذِهِ الْقِيمَةِ شَيْءٌ أَمْ لَا؟
قَالَ: نَعَمْ، لَهُمْ قِيمَتُهُ كُلُّهَا إلَّا أَنْ يَفْتَكَّ الْقِيمَةَ قَبْلَ الْجِنَايَةِ وَقِيمَةُ الْعَبْدِ الْمَقْتُولِ، لِأَنَّ مَالِكًا، قَالَ فِي الرَّجُلِ يَقْتُلُ الرَّجُلَ عَمْدًا ثُمَّ يُقْتَلُ الْقَاتِلُ خَطَأً: إنَّ أَوْلِيَاءَ الْمَقْتُولِ عَمْدًا أَوْلَى بِدِيَتِهِ مِنْ أَوْلِيَائِهِ.
فِي عَبْدٍ قَتَلَ عَبْدَ رَجُلٍ عَمْدًا فَقُتِلَ الْعَبْدُ خَطَأً قَتَلَهُ عَبْدٌ لِرَجُلٍ
قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَرَأَيْتَ إنْ كَانَ عَبْدِي قَتَلَ عَبْدَ رَجُلٍ عَمْدًا فَقُتِلَ عَبْدِي خَطَأً، قَتَلَهُ عَبْدٌ لِرَجُلٍ. قَالَ: سَيِّدُ الْعَبْدِ الَّذِي قَتَلَهُ عَبْدُكَ عَمْدًا أَوْلَى بِقِيمَةِ عَبْدِكَ إلَّا أَنْ تَفْتَكَّهُ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ الْمَقْتُولِ عَمْدًا، فَيَكُونُ لَكَ قِيمَةُ عَبْدِكَ. وَإِنْ كَانَ الَّذِي قَتَلَ عَبْدَكَ قَتَلَهُ عَمْدًا أَيْضًا، كَانَ لَكَ أَنْ تُرْضِيَ سَيِّدَ الْعَبْدِ الَّذِي قَتَلَهُ عَبْدُكَ عَمْدًا وَتَقْتُلَ قَاتَلَ عَبْدِكَ إنْ شِئْتَ، وَإِنْ شِئْتَ اسْتَحْيَيْتَهُ وَأَخَذْتَهُ إلَّا أَنْ يَفْتَكَّهُ سَيِّدُهُ بِقِيمَةِ عَبْدِكَ. فَإِنْ أَبَيْتَ أَنْ تُعْطِيَ سَيِّدَ الَّذِي قَتَلَهُ عَبْدُكَ عَمْدًا قِيمَةَ عَبْدِهِ، أَوْ أَبَى هُوَ أَنْ يَقْبَلَ الْقِيمَةَ، كَانَ أَوْلَى بِقِيمَةِ عَبْدِكَ إنْ شَاءَ قَتَلَهُ وَإِنْ شَاءَ اسْتَحْيَاهُ، فَإِنْ اسْتَحْيَاهُ كَانَ الْأَمْرُ إلَى عَمَلِ الْخَطَأِ.
قُلْتُ: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ فِي الْأَحْرَارِ: إنَّ الْحُرَّ إذَا قَتَلَ رَجُلًا عَمْدًا فَقُتِلَ الْقَاتِلُ عَمْدًا أَيْضًا: إنَّهُ يُقَالُ لِأَوْلِيَاءِ الْقَاتِلِ الْأَوَّلِ: اُرْضُوا أَوْلِيَاءَ الْمَقْتُولِ الَّذِي قَتَلَهُ وَلِيُّكُمْ، فَإِنْ أَرْضَوْهُمْ كَانُوا أَوْلَى بِقَاتِلِ صَاحِبِهِمْ، إنْ شَاءُوا قَتَلُوهُ وَإِنْ شَاءُوا اسْتَحْيَوْهُ. وَإِنْ لَمْ يُرْضُوهُمْ أَسْلَمُوا قَاتَلَ صَاحِبِهِمْ وَبَرِئُوا مِنْهُ، وَكَانَ أَوْلِيَاءُ الْمَقْتُولِ الْأَوَّلِ أَوْلَى بِهِ، إنْ شَاءُوا قَتَلُوهُ وَإِنْ شَاءُوا اسْتَحْيَوْهُ، فَهَكَذَا الْعَبِيدُ عِنْدِي مِثْلُ الْأَحْرَارِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute