[مُصَالَحَةِ الْمَرْأَةِ مِنْ مُوَرَّثِهَا مِنْ زَوْجِهَا الْوَرَثَةُ]
رَسْمٌ فِي مُصَالَحَةِ الْمَرْأَةِ مِنْ مُوَرَّثِهَا مِنْ زَوْجِهَا الْوَرَثَةُ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا هَلَكَ وَتَرَكَ مَالًا - دَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ - وَعُرُوضًا وَأَرْضًا وَتَرَكَ مِنْ الْوَرَثَةِ امْرَأَةً وَأَوْلَادًا فَصَالَحَ الْوَرَثَةُ الْمَرْأَةَ مَنْ حَقِّهَا عَلَى مِائَةِ دِرْهَمٍ عَجَّلُوهَا لِلْمَرْأَةِ؟ قَالَ: إنْ كَانَتْ الدَّرَاهِمُ الَّتِي يُعْطُونَ الْمَرْأَةَ مِنْ الدَّرَاهِمِ الَّتِي تَرَكَ الْمَيِّتُ وَهِيَ قَدْرُ مِيرَاثِهَا مِنْ الدَّرَاهِمِ أَوْ أَقَلُّ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ، وَإِنْ كَانَتْ أَكْثَرَ فَلَا خَيْرَ فِيهِ؛ لِأَنَّهَا بَاعَتْ عُرُوضًا حَاضِرَةً وَغَائِبَةً وَذَهَبًا بِدَرَاهِمَ تَتَعَجَّلُهَا فَلَا خَيْرَ فِيهِ وَهُوَ حَرَامٌ.
قُلْتُ: فَإِنْ كَانُوا صَالَحُوهَا عَلَى أَنْ يُعْطُوهَا الْمِائَةَ مِنْ أَمْوَالِهِمْ عَلَى أَنْ تُسَلِّمَ لَهُمْ جَمِيعَ مَالِ الْمَيِّتِ وَقَدْ تَرَكَ الْمَيِّتُ دَرَاهِمَ وَدَنَانِيرَ وَعُرُوضًا وَأَرْضًا؟ قَالَ: لَا يَصْلُحُ ذَلِكَ لَا بِالدَّنَانِيرِ وَلَا بِالدَّرَاهِمِ وَإِنْ اشْتَرَوْا ذَلِكَ مِنْهَا بِالْعُرُوضِ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ بَعْدَ أَنْ تَعْرِفَ مَا تَرَكَ الْمَيِّتُ مِنْ دَارٍ أَوْ دَابَّةٍ أَوْ عَرَضٍ أَوْ قَرْضٍ أَوْ دَيْنٍ حَاضِرٍ، فَإِنْ اشْتَرَوْا حَقَّهَا مِنْهَا بِعَرَضٍ مِنْ الْعُرُوضِ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ بَعْدَ أَنْ يُسَمُّوا مَا تَرَكَ الْمَيِّتُ فَيُقَالُ: تَرَكَ مِنْ الْعَبِيدِ كَذَا وَكَذَا، وَمِنْ الْبَقَرِ كَذَا وَكَذَا، وَمِنْ الدُّورِ كَذَا وَكَذَا، وَمِنْ الدَّيْنِ عَلَى فُلَانٍ كَذَا وَكَذَا، وَجَمِيعُ ذَلِكَ حَاضِرٌ فَلِفُلَانَةَ مِنْ جَمِيعِ ذَلِكَ الثُّمُنُ، فَقَدْ اشْتَرَيْنَا جَمِيعَ ثُمُنِهَا مِنْ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ الَّتِي سَمَّيْنَا بِهَذَا الْعَرَضِ فَيَجُوزُ ذَلِكَ إذَا كَانَ كُلُّ مَا سَمَّوْا مِنْ عَرَضٍ أَوْ عَبْدٍ أَوْ دَيْنٍ حَاضِرًا.
قُلْتُ: وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ حَتَّى يَصِفُوا جَمِيعَ مَا تَرَكَ الْمَيِّتُ عِنْدَ شِرَائِهِمْ ثُمْنَهَا، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَقُولُوا: اشْتَرَيْنَا مِنْهَا ثُمُنَهَا مِنْ جَمِيعِ مَا تَرَكَ فُلَانٌ؟ قَالَ: نَعَمْ لَا يَجُوزُ حَتَّى يُسَمُّوا مَا تَرَكَ لَهَا فُلَانٌ أَوْ يَكُونُوا قَدْ عَرَفُوا ذَلِكَ وَعَرَفْتُهُ.
قُلْتُ: فَإِنْ اشْتَرَوْهُ بِدَنَانِيرَ عَجَّلُوهَا لَهَا مِنْ أَمْوَالِهِمْ، وَفِي مِيرَاثِهَا مَنْ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ دَرَاهِمُ يَصِيرُ حَظُّهَا مَنْ الدَّرَاهِمِ صِرْفًا؟ .
قَالَ: لَا يَجُوزُ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ حَظُّهَا مِنْ الدَّرَاهِمِ تَافِهًا يَسِيرًا لَا يَكُونُ صِرْفًا مِثْلَ الدَّرَاهِمِ الْخَمْسَةِ وَالْعَشَرَةِ، فَالْبَيْعُ جَائِزٌ إذَا لَمْ يَكُنْ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ غَائِبٌ، وَإِنْ كَانَ فِي حَظِّهَا دَنَانِيرُ فَاشْتَرَوْا ذَلِكَ مِنْهَا بِدَنَانِيرَ عَجَّلُوهَا فَقَدْ وَصَفْتُ لَكَ أَنَّهُ لَا يَصْلُحُ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ ذَهَبًا بِذَهَبٍ مَعَ أَحَدِ الذَّهَبَيْنِ سِلْعَةٌ مِنْ السِّلَعِ.
وَإِنْ كَانَ لِلْمَيِّتِ فِيمَا تَرَكَ دَيْنٌ عَلَى النَّاسِ، دَنَانِيرُ وَدَرَاهِمُ، فَاشْتَرَوْا حَظَّهَا بِدَرَاهِمَ أَوْ بِدَنَانِيرَ عَجَّلُوهَا مَنْ أَمْوَالِهِمْ لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُمْ اشْتَرَوْا مِنْهَا دَيْنًا دَرَاهِمَ وَدَنَانِيرَ بِدَرَاهِمَ وَبِدَنَانِيرَ عَجَّلُوهَا فَلَا يَصْلُحُ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ الَّذِي عَلَى النَّاسِ طَعَامًا قَرْضًا أَقَرَضَهُ الْمَيِّتُ النَّاسَ أَوْ عُرُوضًا أَوْ حَيَوَانًا فَاشْتَرَوْا ذَلِكَ مِنْهَا وَسَمَّوْهُ بِحَالِ مَا وَصَفْتُ لَكَ بِدَنَانِيرَ عَجَّلُوهَا لَهَا أَوْ بِدَرَاهِمَ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ إذَا كَانَ الَّذِينَ عَلَيْهِمْ الدَّيْنُ حُضُورًا مُقِرِّينَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute