للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الْخُلْعِ]

مَا جَاءَ فِي الْخُلْعِ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ النُّشُوزَ إذَا كَانَ مِنْ قِبَلِ الْمَرْأَةِ أَيَحِلُّ لِلزَّوْجِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهَا مَا أَعْطَتْهُ عَلَى الْخُلْعِ؟ قَالَ: نَعَمْ، إذَا رَضِيَتْ بِذَلِكَ وَلَمْ يَكُنْ مِنْهُ فِي ذَلِكَ ضَرَرٌ لَهَا.

قُلْتُ: وَيَكُونُ الْخُلْعُ هَهُنَا تَطْلِيقَةً بَائِنَةً فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: نَعَمْ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إذَا كَانَ الْخُلْعُ عَلَى مَا تَخَافُ الْمَرْأَةُ مِنْ نُشُوزِ الزَّوْجِ. قَالَ: لَا يَجُوزُ لِلزَّوْجِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهَا شَيْئًا عَلَى طَلَاقِهَا وَإِنَّمَا يَجُوزُ لَهُ الْأَخْذُ عَلَى حَبْسِهَا أَوْ تَعْطِيلِهَا هُوَ صُلْحًا مِنْ عِنْدِهِ مِنْ مَالِهِ مَا تَرْضَى بِهِ وَتُقِيمُ مَعَهُ عَلَى تِلْكَ الْأَثَرَةِ فِي الْقَسْمِ مِنْ نَفْسِهِ وَمَالِهِ وَذَلِكَ الصُّلْحُ الَّذِي قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِرَتْ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ} [النساء: ١٢٨] . سَحْنُونٌ أَلَا تَرَى أَنَّ يُونُسَ بْنَ يَزِيدَ ذَكَرَ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ أَنَّ السُّنَّةَ فِي الْآيَةِ الَّتِي ذَكَرَ اللَّهُ فِيهَا نُشُوزَ الْمَرْأَةِ وَإِعْرَاضَهُ عَنْ الْمَرْأَةِ أَنَّ الْمَرْءَ إذَا نَشَزَ عَنْ امْرَأَتِهِ أَوْ أَعْرَضَ عَنْهَا فَإِنَّ عَلَيْهِ مِنْ الْحَقِّ أَنْ يَعْرِضَ عَلَيْهَا أَنْ يُطَلِّقَهَا أَوْ تَسْتَقِرَّ عِنْدَهُ عَلَى مَا رَأَتْ مِنْ الْأَثَرَةِ فِي الْقَسْمِ مِنْ نَفْسِهِ وَمَالِهِ، فَإِنْ اسْتَقَرَّتْ عِنْدَهُ عَلَى ذَلِكَ وَكَرِهَتْ أَنْ يُطَلِّقَهَا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ فِيمَا آثَرَ عَلَيْهَا بِهِ مِنْ ذَلِكَ.

وَإِنْ لَمْ يَعْرِضْ عَلَيْهَا الطَّلَاقَ فَصَالَحَهَا عَلَى أَنْ يُعْطِيَهَا مِنْ مَالِهِ مَا تَرْضَى بِهِ وَتُقَرَّ عِنْدَهُ عَلَى تِلْكَ الْأَثَرَةِ فِي الْقَسْمِ مِنْ مَالِهِ وَنَفْسِهِ صَلُحَ ذَلِكَ وَجَازَ صُلْحُهُمَا عَلَيْهِ وَذَلِكَ الصُّلْحُ الَّذِي قَالَ اللَّهُ: {فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِرَتْ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ} [النساء: ١٢٨] قَالَ ابْنُ شِهَابٍ وَذَكَرَ لِي أَنَّ رَافِعَ بْنَ خَدِيجٍ تَزَوَّجَ بِنْتَ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَمَةَ فَكَانَتْ عِنْدَهُ حَتَّى إذَا كَبِرَتْ تَزَوَّجَ عَلَيْهَا فَتَاةً شَابَّةً فَآثَرَ الشَّابَّةَ عَلَيْهَا فَنَاشَدَتْهُ الطَّلَاقَ فَطَلَّقَهَا وَاحِدَةً، ثُمَّ أَمْهَلَهَا حَتَّى إذَا كَادَتْ تَحِلُّ رَاجَعَهَا ثُمَّ عَادَ فَآثَرَ الشَّابَّةَ عَلَيْهَا فَنَاشَدَتْهُ الطَّلَاقَ فَطَلَّقَهَا أُخْرَى ثُمَّ رَاجَعَهَا، ثُمَّ عَادَ فَآثَرَ الشَّابَّةَ أَيْضًا عَلَيْهَا ثُمَّ سَأَلَتْهُ الطَّلَاقَ فَقَالَ مَا شِئْتِ إنَّمَا بَقِيَتْ لَكَ تَطْلِيقَةٌ وَاحِدَةٌ فَإِنْ شِئْتِ اسْتَقْرَرْتِ عَلَى مَا تَرَيْنَ مِنْ الْأَثَرَةِ وَإِنْ شِئْتِ فَارَقْتُكِ؟ قَالَتْ: لَا بَلْ أَسْتَقِرُّ عَلَى الْأَثَرَةِ فَأَمْسَكَهَا عَلَى ذَلِكَ فَكَانَ صُلْحُهُمَا ذَلِكَ وَلَمْ يَرَ رَافِعٌ عَلَيْهِ إثْمًا حِينَ رَضِيَتْ بِأَنْ تَسْتَقِرَّ عِنْدَهُ عَلَى الْأَثَرَةِ فِيمَا آثَرَ بِهِ عَلَيْهَا. ابْنُ وَهْبٍ عَنْ عَبْدِ الْجَبَّارِ بْنِ عُمَرَ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ «أَنَّ رَافِعَ بْنَ خَدِيجٍ تَزَوَّجَ جَارِيَةً شَابَّةً وَعِنْدَهُ بِنْتُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَمَةَ وَكَانَتْ جَلَّتْ فَآثَرَ الشَّابَّةَ فَأَشَارَتْ عَلَيْهِ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: يَا رَافِعُ اعْدِلْ بَيْنَهُمَا وَلَا تُفَارِقْهَا فَقَالَ لَهَا رَافِعٌ فِي آخِرِ ذَلِكَ إنْ أَحْبَبْتِ أَنْ تَقَرِّي عَلَى مَا أَنْتَ عَلَيْهِ مِنْ الْأَثَرَةِ قَرَرْتِ وَإِنْ أَحْبَبْتِ أَنْ أُفَارِقَكِ فَارَقْتُكِ. قَالَ فَنَزَلَ الْقُرْآنُ {وَإِنْ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إعْرَاضًا} [النساء: ١٢٨] قَالَ فَرَضِيَتْ بِذَلِكَ الصُّلْحِ وَقَرَّتْ مَعَهُ» .

ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ قَالَ: «بَلَغَنَا أَنَّ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ سَوْدَاءَ بِنْتَ زَمْعَةَ كَانَتْ امْرَأَةً قَدْ أَسَنَّتْ وَكَانَ

<<  <  ج: ص:  >  >>