لِي: الْمُسَاقَاةُ الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أَنْ أَعْطَى أَهْلَ خَيْبَرَ نَخْلَهُمْ وَبَيَاضَهُمْ يَعْمَلُونَهَا، عَلَى أَنَّ لَهُمْ شَطْرَ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا. وَلَمْ يَبْلُغْنَا أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَعْطَاهُمْ شَيْئًا. اللَّيْثُ وَحَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْجُمَحِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، لَمْ يَزَالُوا يُسَاقُونَ نَخْلَهُمْ عَلَى أَنَّ الرَّقِيقَ وَالدَّوَابَّ الَّتِي فِي النَّخْلِ، وَالْآلَةَ مِنْ الْحَدِيدِ وَغَيْرِهِ لِلَّذِي دُفِعَتْ إلَيْهِ الْمُسَاقَاةُ يَسْتَعِينُ بِهَا.
[مَا جَاءَ فِي نَفَقَةِ الْحَائِطِ وَدَوَابِّهِ وَنَفَقَةِ الْمُسَاقِي]
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: نَفَقَةُ الرَّقِيقِ وَالدَّوَابِّ كَانَتْ مِنْ عِنْدِ الْعَامِلِ، أَوْ كَانَتْ فِي الْحَائِطِ يَوْمَ أَخَذَهُ الْعَامِلُ مُسَاقَاةً، فَالنَّفَقَةُ عَلَى الْعَامِلِ لَيْسَ عَلَى رَبِّ الْحَائِطِ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ. قُلْتُ: أَرَأَيْتَ نَفَقَةَ الْعَامِلِ نَفْسِهِ أَتَكُونُ نَفَقَتُهُ مِنْ ثَمَرَةِ الْحَائِطِ أَمْ لَا؟ فَقَالَ: عَلَى نَفْسِهِ نَفَقَتُهُ، وَنَفَقَةُ الدَّوَابِّ وَالْعُمَّالِ، وَلَا يَكُونُ شَيْءٌ مِنْ النَّفَقَةِ فِي ثَمَرَةِ الْحَائِطِ. قُلْتُ: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟ قَالَ: نَعَمْ. قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ أَخَذْت نَخْلًا مُسَاقَاةً عَلَى أَنَّ طَعَامِي عَلَى رَبِّ النَّخْلِ؟ قَالَ: لَا يَجُوزُ عِنْدَ مَالِكٍ. قَالَ: وَلَقَدْ سَأَلْتُ مَالِكًا عَنْ الرَّجُلِ يُسَاقِي الرَّجُلَ، عَلَى أَنَّ عَلَى رَبِّ الْمَالِ عَلَفَ الدَّوَابِّ. فَقَالَ: لَا خَيْرَ فِيهِ.
[فِي أَكْلِ الْمُسَاقِي مِنْ الثَّمَرَةِ إذَا طَابَتْ]
ْ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إذَا أَثْمَرَ الْحَائِطُ، أَيَجُوزُ لِلْمُسَاقِي أَنْ يَأْكُلَ مِنْهُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: لَا أَحْفَظُ مِنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا وَلَا أَرَى أَنْ يَأْكُلَ مِنْهُ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ أَخَذْت الْحَائِطَ مُسَاقَاةً، عَلَى مَنْ جُذَاذُ الثَّمَرَةِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: عَلَى الْعَامِلِ.
قُلْتُ: وَإِذَا أَخَذْت زَرْعًا مُسَاقَاةً، عَلَى مَنْ حَصَادُهُ وَدِرَاسُهُ؟ قَالَ: سَأَلْتُ مَالِكًا عَنْ مُسَاقَاةِ الزَّيْتُونِ، عَلَى مَنْ عَصْرُهُ؟ قَالَ: هُوَ عَلَى مَا اشْتَرَطَا عَلَيْهِ، إنْ كَانَ شُرِطَ الْعَصْرُ عَلَى الْعَامِلِ فِي الْحَائِطِ فَلَا بَأْسَ بِهِ، وَإِنْ كَانَ إنَّمَا اشْتَرَطَا أَنْ يُقَاسِمَهُ الزَّيْتُونَ حَبًّا فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ. وَرَأَى مَالِكٌ هَذَا كُلَّهُ وَاسِعًا، وَلَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فِي الزَّرْعِ شَيْئًا، إلَّا أَنِّي أَرَى أَنَّهُ مِثْلُ الَّذِي ذَكَرْتُ فِي النَّخْلِ، أَنَّ جُذَاذَهُ عَلَى الْعَامِلِ، فَأَرَى أَنْ يَكُونَ حَصَادُ الزَّرْعِ وَدِرَاسُهُ عَلَى الْعَامِلِ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يَسْتَطِيعُونَ أَنْ يَقْسِمُوهُ إلَّا بَعْدَ دِرَاسِهِ كَيْلًا.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ اشْتَرَطَ الْعَامِلُ عَلَى رَبِّ النَّخْلِ صِرَامَ النَّخْلِ؟ قَالَ: لَا يَنْبَغِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَالِكًا جَعَلَ الْجُذَاذَ مِمَّا اُشْتُرِطَ عَلَى الدَّاخِلِ.
[تَلْقِيحُ النَّخْلَ الْمُسَاقِي]
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْمُسَاقِيَ إذَا اشْتَرَطَ عَلَى رَبِّ النَّخْلِ، التَّلْقِيحَ، أَيَجُوزُ أَمْ لَا؟ قَالَ: نَعَمْ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ. قُلْتُ: فَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْهُ، فَعَلَى مَنْ يَكُونُ التَّلْقِيحُ؟ قَالَ: التَّلْقِيحُ عَلَى الْعَامِلِ؛ لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ: جَمِيعُ عَمَلِ الْحَائِطِ عَلَى الْعَامِلِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute