للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَا يَتَنَاوَلُ النَّظَرَ إلَيْهِ لَمْ يُمْنَعْ مِنْ ذَلِكَ. قُلْت: وَكَذَلِكَ إنْ لَمْ يَفْتَحْ فِيهَا أَبْوَابًا وَلَا كُوًى، وَلَكِنَّهُ مَنَعَنِي الشَّمْسَ الَّتِي تَسْقُطُ فِي دَارِي وَمَنَعَنِي الرِّيحَ الَّتِي كَانَتْ تَهُبُّ فِي دَارِي، أَيَكُونُ لِي أَنْ أَمْنَعَهُ مِنْ أَنْ يَرْفَعَ بُنْيَانَهُ إذَا كَانَ مُضِرًّا بِي فِي شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْوُجُوهِ الَّتِي سَأَلْتُك عَنْهَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: لَا يُمْنَعُ مِنْ هَذَا، وَإِنَّمَا يُمْنَعُ إذَا أَحْدَثَ كُوًى أَوْ أَبْوَابًا يُشْرِفُ مِنْهَا، فَهَذَا الَّذِي يُمْنَعُ مِنْهَا وَيُقَالُ لَهُ سُدَّهَا، وَلَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فِي الرِّيحِ وَالشَّمْسِ شَيْئًا. وَلَا أَرَى أَنْ يُمْنَعَ مِنْ ذَلِكَ.

[مَا جَاءَ فِي قِسْمَةِ الْعَيْنِ]

ِ قُلْت: أَرَأَيْت لَوْ أَنَّ أَرْضًا بَيْنَ قَوْمٍ قَدْ عَرَفَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ حِصَّتَهُ مِنْ الْأَرْضِ، وَلَهُمْ غَيْرُهُمْ فِيهَا شُرَكَاءُ هِيَ شِرْبٌ لِأَرْضِهِمْ، أَرَادَ أَحَدُهُمْ أَنْ يَصْرِفَ شِرْبَهُ إلَى أَرْضٍ لَهُ أُخْرَى، أَيَكُونُ لَهُ ذَلِكَ أَمْ لَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ فِي الرَّجُلَيْنِ يَكُونُ بَيْنَهُمَا الْأَرْضُ قَدْ اقْتَسَمَاهَا، وَلَهُمَا بِئْرٌ تَشْرَبُ الْأَرْضُ مِنْهَا، فَاقْتَسَمَا الْأَرْضَ فَأَرَادَ أَحَدُهُمَا أَنْ يَبِيعَ مَاءَهُ مِنْ رَجُلٍ يَسُوقُهُ إلَى أَرْضٍ لَهُ أُخْرَى. قَالَ: ذَلِكَ لَهُ، وَلَا شُفْعَةَ لِصَاحِبِ الْبِئْرَ. فَهَذَا يَدُلُّك عَلَى أَنَّهُ إنْ أَرَادَ أَنْ يَسْقِيَ بِهَا أَرْضًا لَهُ أُخْرَى، أَوْ يُؤَاجِرَ الشِّرْبَ مِمَّنْ يَسْقِي أَرْضًا لَهُ أُخْرَى، أَنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ لَهُ.

قُلْت: أَرَأَيْت لَوْ أَنَّ رَجُلًا غَصَبَنِي أَرْضًا فَزَرَعَهَا، أَوْ بِئْرًا فَسَقَى مِنْهَا أَرْضَهُ وَزَرْعَهُ، أَوْ دُورًا فَسَكَنَهَا، أَيَكُونُ عَلَيْهِ كِرَاءُ مَا سَكَنَ وَمَا زَرَعَ مِنْ الْأَرْضِ أَوْ مَا شَرِبَ مَنْ الْمَاءِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ فِي الْأَرْضِ عَلَيْهِ كِرَاءُ مَا زَرَعَ، وَالدُّورُ وَالْبِئْرُ عِنْدِي بِتِلْكَ الْمَنْزِلَةِ عَلَيْهِ كِرَاءُ ذَلِكَ. قُلْت: فَلِمَ قُلْت فِي الْحَيَوَانِ إنَّهُ إذَا غُصِبَ فَرُكِبَ فَلَا كِرَاءَ عَلَيْهِ؟

قَالَ: كَذَلِكَ سَمِعْت مِنْ مَالِكٍ.

قُلْت: أَرَأَيْت لَوْ أَنِّي ارْتَهَنْت عَيْنًا أَوْ قَنَاةً أَوْ جُزْءًا مِنْ شِرْبِ بِئْرٍ أَوْ جُزْءًا مِنْ شِرْبِ عَيْنٍ أَوْ جُزْءًا مَنْ شِرْبِ نَهْرٍ، أَيَكُونُ لِرَبِّ الْبِئْرِ أَوْ لِرَبِّ النَّهْرِ أَوْ رَبِّ الْعَيْنِ أَوْ رَبِّ الْقَنَاةِ أَنْ يَكْرِيَ ذَلِكَ أَمْ لَا؟ قَالَ: لَا يَكُونُ لِرَبِّ الْأَرْضِ أَنْ يَكْرِيَهَا، وَلَا يَكُونُ هَذَا الَّذِي ذَكَرْت رَهْنًا حَتَّى يَقْبِضَ، فَإِذَا قَبَضَ صَارَ رَهْنًا. قُلْت: وَكَيْفَ يَكُونُ قَبْضُ هَذَا لِهَذَا الَّذِي سَأَلْتُك عَنْهُ؟

قَالَ: قَبْضُهُ أَنْ يَحُوزَهُ وَيَحُولَ بَيْنَ صَاحِبِهِ وَبَيْنَهُ، فَإِذَا قَبَضَهُ وَحَازَهُ صَارَ مَقْبُوضًا. قُلْت: أَفَيَكُونُ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يَكْرِيَ مَاءَ هَذِهِ الْبِئْرِ أَوْ مَاءِ هَذِهِ الْقَنَاةِ أَوْ مَاءَ هَذِهِ الْعَيْنِ مَنْ غَيْرِ أَنْ يَأْمُرَهُ رَبُّهَا بِذَلِكَ؟ قَالَ: إنْ لَمْ يَأْمُرْهُ رَبُّهَا بِذَلِكَ، بِأَنْ يَكْرِيَ تَرَكَ، وَلَمْ يَكْرِهِ، وَإِنْ أَمَرَهُ بِذَلِكَ أَكْرَاهُ وَكَانَ الْكِرَاءُ لِرَبِّ الْأَرْضِ. قُلْت: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ فِي الرَّجُلِ يَرْتَهِنُ الدَّارَ.

قَالَ مَالِكٌ: فَلَيْسَ لِرَبِّ الدَّارِ أَنْ يَكْرِيَهَا، وَلَكِنْ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يَكْرِيَهَا بِأَمْرِ صَاحِبِ الدَّارِ وَيَلِيَ الْمُرْتَهِنُ الْكِرَاءَ، وَيَكُونُ الْكِرَاءُ لِرَبِّ الدَّارِ. قُلْت: وَلَا يَكُونُ الْكِرَاءُ رَهْنًا فِي حَقِّهِ؟

قَالَ مَالِكٌ: لَا يَكُونُ الْكِرَاءُ رَهْنًا إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ الْمُرْتَهِنُ، فَيَكُونُ لَهُ رَهْنًا مَعَ الدَّارِ إذَا اشْتَرَطَهُ. قَالَ مَالِكٌ: وَإِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>