للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَمَلٍ؟ فَقَالَ: ذَلِكَ إنَّمَا هُوَ فِضَّةٌ كُلُّهُ يُؤْخَذُ مِنْهُ خُمْسُهُ إذَا خَرَجَ.

قَالَ: وَقَالَ لِي مَالِكٌ: يُؤْخَذُ مِمَّا خَرَجَ مِنْ الْمَعْدِنِ وَإِنْ كَانَ الَّذِي خَرَجَ لَهُ عَلَيْهِ دَيْنٌ لَمْ يُنْظَرْ فِي دَيْنِهِ، وَأُخِذَتْ مِنْهُ الزَّكَاةُ إذَا كَانَ يَبْلُغُ مَا يَخْرُجُ لَهُ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ أَوْ عِشْرِينَ دِينَارًا فَصَاعِدًا، قَالَ: وَهُوَ مِثْلُ الزَّرْعِ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ مَا خَرَجَ مِنْ الْمَعْدِنِ لِمَ جَعَلَ مَالِكٌ فِيهِ الزَّكَاةَ، وَهُوَ إنْ كَانَ مَغْنَمًا إنَّمَا كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فِيهِ الْخُمْسُ، وَإِنْ كَانَ إنَّمَا فِيهِ الزَّكَاةُ فَإِنَّمَا هُوَ فَائِدَةٌ، فَإِنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ لَا يُؤْخَذَ مِنْهُ شَيْءٌ حَتَّى يَحُولَ الْحَوْلُ عَلَيْهِ مِنْ يَوْمِ أَفَادَهُ؟ فَقَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إنَّمَا هُوَ مِثْلُ الزَّرْعِ إذَا حُصِدَ كَانَتْ فِيهِ الزَّكَاةُ مَكَانَهُ إذَا كَانَ فِيهِ مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ، وَلَا يَنْتَظِرُ بِهِ شَيْئًا إذَا حُصِدَ.

قَالَ: وَكَذَلِكَ الْمَعْدِنُ إذَا خَرَجَ مِنْهُ مَا يَبْلُغُ أَنْ تَكُونَ فِيهِ الزَّكَاةُ، زُكِّيَ مَكَانَهُ وَلَمْ يَنْتَظِرْ بِهِ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ مِنْ يَوْمِ أَفَادَهُ. وَقَالَ أَشْهَبُ: إنَّهَا لَمَّا كَانَتْ ذَهَبًا وَفِضَّةً وَكَانَتْ تُعْتَمَلُ كَمَا يُعْتَمَلُ الزَّرْعُ وَكَانَ أَصْلُهُ النَّبَاتَ كَنَبَاتِ الزَّرْعِ جَعَلْتُهُ بِمَنْزِلَةِ الزَّرْعِ، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} [الأنعام: ١٤١] فَكَمَا كَانَ يَكُونُ فِي الزَّرْعِ زَكَاتُهُ إذَا حُصِدَ وَإِنْ لَمْ يَحُلْ عَلَيْهِ الْحَوْلُ إذَا بَلَغَ مَا فِيهِ الزَّكَاةُ كَانَ فِي الْمَعْدِنِ الزَّكَاةُ مَكَانَهُ حِينَ أَخْرَجَهُ وَصَفَّاهُ، وَإِنْ كَانَ لَمْ يَحُلْ عَلَيْهِ الْحَوْلُ مِنْ يَوْمِ إخْرَاجِهِ أَوْ مِنْ يَوْمِ عَمِلَ فِيهِ إذَا بَلَغَ مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ مَعَ مَا فِيهِ مِنْ الْآثَارِ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ زَكَاةَ الْمَعْدِنِ أَتُفَرَّقُ فِي الْفُقَرَاءِ كَمَا تُفَرَّقُ الزَّكَاةُ أَمْ تَصِيرُ مِثْلَ الْجِزْيَةِ؟ فَقَالَ: بَلْ تُفَرَّقُ فِي الْفُقَرَاءِ كَمَا تُفَرَّقُ الزَّكَاةُ.

قُلْتُ: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ.

قَالَ: لَمَّا قَالَ مَالِكٌ فِيمَا أَخْرَجَ مِنْ الْمَعَادِنِ الزَّكَاةَ، وَمَحْمَلُهُ كَمَحْمَلِ الزَّرْعِ، عَلِمْنَا أَنَّهُ فِي الْفُقَرَاءِ وَهُوَ مِثْلُ الزَّكَاةِ، مَحْمَلُهُ كَمَحْمَلِ الزَّكَاةِ.

قَالَ أَشْهَبُ وَابْنُ وَهْبٍ وَابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَغَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ عُلَمَائِهِمْ حَدَّثُوهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَطَعَ لِبِلَالِ بْنِ الْحَارِثِ الْمُزَنِيِّ مَعَادِنَ مِنْ مَعَادِنِ الْقَبَلِيَّةِ، وَهِيَ مِنْ نَاحِيَةِ الْفُرُغِ فَتِلْكَ الْمَعَادِنُ لَا يُؤْخَذُ مِنْهَا إلَّا الزَّكَاةُ إلَى الْيَوْمِ.

قَالَ أَشْهَبُ عَنْ ابْنِ أَبِي الزِّنَادِ، أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ: أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ كَانَ يَأْخُذُ مِنْ الْمَعَادِنِ رُبْعَ الْعُشْرِ، إلَّا أَنْ تَأْتِيَ نَدْرَةٌ فَيَكُونُ فِيهَا الْخُمْسُ كَانَ يَعُدُّ النَّدْرَةَ الرِّكْزَةَ فَيَخْمِسُهَا، لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «فِي الرِّكَازِ الْخُمْسُ» . قَالَ أَبُو الزِّنَادِ: وَالرِّكْزَةُ أَنْ يُصِيبَ الرَّجُلُ النَّدْرَةَ مِنْ الذَّهَبِ أَوْ الْفِضَّةِ يَقَعُ عَلَيْهَا لَيْسَ فِيهَا كَبِيرُ مُؤْنَةٍ.

قَالَ أَشْهَبُ عَنْ سُفْيَانَ، قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي بَكْرٍ يَذْكُرُ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ كَانَ يَأْخُذُ مِنْ الْمَعَادِنِ مِنْ كُلِّ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ خَمْسَةَ دَرَاهِمَ.

[مَعَادِنُ أَرْضِ الصُّلْحِ وَأَرْضِ الْعَنْوَةِ]

ِ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْمَعَادِنَ تَظْهَرُ فِي أَرْضٍ صَالَحَ عَلَيْهَا أَهْلُهَا؟

قَالَ: أَمَّا مَا ظَهَرَ فِيهَا مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>