للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِعَرَفَةَ، أَيُخْرِجُهُ إلَى الْحِلِّ ثَانِيَةً أَمْ لَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: لَا يُخْرِجُهُ إلَى الْحِلِّ ثَانِيَةً، قُلْتُ: فَأَيْنَ يَنْحَرُ كُلَّ هَدْيٍ أَخْطَأَهُ الْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ أَوْ اشْتَرَاهُ بَعْدَمَا مَضَى يَوْمُ عَرَفَةَ وَلَيْلَةُ عَرَفَةَ وَلَمْ يَقِفْ بِهِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: يَنْحَرُهُ بِمَكَّةَ وَلَا يَنْحَرُهُ بِمِنًى.

قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: لَا يُنْحَرُ بِمِنًى إلَّا كُلُّ هَدْيٍ وُقِفَ بِهِ بِعَرَفَةَ، فَأَمَّا مَا لَمْ يُوقَفْ بِهِ بِعَرَفَةَ فَنَحْرُهُ بِمَكَّةَ لَا بِمِنًى.

قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَيُّ الْأَسْنَانِ تَجُوزُ فِي الْهَدْيِ وَالْبُدْنِ وَالضَّحَايَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: الْجَذَعُ مِنْ الضَّأْنِ وَالثَّنِيُّ مِنْ الْمَعْزِ وَالثَّنِيُّ مِنْ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ، وَلَا يَجُوزُ مِنْ الْبَقَرِ وَالْإِبِلِ وَالْمَعْزِ إلَّا الثَّنِيُّ فَصَاعِدًا، قَالَ مَالِكٌ: وَقَدْ كَانَ ابْنُ عُمَرَ يَقُولُ: لَا يَجُوزُ إلَّا الثَّنِيُّ مِنْ كُلِّ شَيْءٌ. قَالَ: وَلَكِنَّ النَّبِيَّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قَدْ رَخَّصَ فِي الْجَذَعِ مِنْ الضَّأْنِ، وَأَنَا أَرَى ذَلِكَ أَنَّهُ يُجْزِئُ الْجَذَعُ مِنْ الضَّأْنِ فِي كُلِّ شَيْءٍ مِنْ الضَّحِيَّةِ وَالْهَدْيِ.

قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: فَمَا الْبُدْنُ عِنْدَ مَالِكٍ؟ قَالَ: هِيَ الْإِبِلُ وَحْدَهَا، قُلْتُ: فَالذُّكُورُ وَالْإِنَاثُ عِنْدَ مَالِكٌ بُدْنٌ كُلُّهَا؟

قَالَ: نَعَمْ وَتَعَجَّبَ مَالِكٌ مِمَّنْ يَقُولُ لَا يَكُونُ إلَّا فِي الْإِنَاثِ.

قَالَ مَالِكٌ: وَلَيْسَ هَكَذَا قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِي كِتَابِهِ: {وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ} [الحج: ٣٦] وَلَمْ يَقُلْ ذَكَرًا وَلَا أُنْثَى.

قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: فَالْهَدْيُ مِنْ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ وَالْإِبِلِ هَلْ يَجُوزُ مِنْ ذَلِكَ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: نَعَمْ.

قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ بَدَنَةٌ أَتَكُونُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ مِنْ غَيْرِ الْإِبِلِ؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: مَنْ نَذَرَ بَدَنَةً فَإِنَّمَا الْبُدْنُ مِنْ الْإِبِلِ، إلَّا أَنْ لَا يَجِدَ بَدَنَةً مِنْ الْإِبِلِ فَتُجْزِئُهُ بَقَرَةٌ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ بَقَرَةً فَسَبْعٌ مِنْ الْغَنَمِ، الذُّكُورُ فِي ذَلِكَ وَالْإِنَاثُ سَوَاءٌ.

قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: فَلَوْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ هَدْيٌ فِي قَوْلِ مَالِكٍ مَا يَجِبُ عَلَيْهِ؟

قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فِي هَذَا شَيْئًا وَلَكِنْ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ فَالشَّاةُ تُجْزِئُهُ لِأَنَّهَا هَدْيٌ.

[تَفْسِيرُ فِدْيَةِ الْأَذَى وَالْمُتَدَاوِي]

وَمَنْ لَبِسَ الثِّيَابَ قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَرَأَيْتَ مَا كَانَ مِنْ فِدْيَةِ الْأَذَى مِنْ حَلْقِ رَأْسٍ أَوْ احْتَاجَ إلَى دَوَاءٍ فِيهِ طِيبٌ فَتَدَاوَى بِهِ، أَوْ احْتَاجَ إلَى لُبْسِ الثِّيَابِ فَلَبِسَ أَوْ نَحْوِ هَذَا مِمَّا يُحْتَاجُ إلَيْهِ فَفَعَلَهُ، أَيُحْكَمُ عَلَيْهِ كَمَا يُحْكَمُ فِي جَزَاءِ الصَّيْدِ؟

قَالَ: لَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ، قَالَ وَلَا يُحْكَمُ عَلَيْهِ إلَّا فِي جَزَاءِ الصَّيْدِ وَحْدَهُ. قَالَ مَالِكٌ: وَهَذَا الَّذِي أَمَاطَ الْأَذَى عَنْهُ أَوْ تَدَاوَى بِدَوَاءٍ فِيهِ طِيبٌ أَوْ لَبِسَ الثِّيَابَ أَوْ فَعَلَ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ، مُخَيَّرٌ أَنْ يَفْعَلَ أَيَّ ذَلِكَ شَاءَ مِمَّا ذَكَرَ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} [البقرة: ١٩٦] قُلْتُ: فَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَنْسُكَ فَأَيْنَ يَنْسُكُ؟

قَالَ: حَيْثُ شَاءَ مِنْ الْبِلَادِ، قُلْتُ: فَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَنْسُكَ بِمِنًى أَعَلَيْهِ أَنْ يَقِفَ بِنُسُكِهِ هَذَا بِعَرَفَةَ؟

قَالَ: لَا، قُلْتُ: وَلَا يُخْرِجُهُ إلَى الْحِلِّ إنْ اشْتَرَاهُ بِمَكَّةَ أَوْ بِمِنًى، وَيَنْحَرُهُ بِمِنًى إنْ شَاءَ يَوْمَ النَّحْرِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَقِفَ بِهِ بِعَرَفَةَ، وَلَا يُخْرِجُهُ إلَى الْحِلِّ

<<  <  ج: ص:  >  >>