للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ: سَأَلْتُ مَالِكًا عَنْ الرَّجُلِ يَبِيعُ بِرَكَ الْحِيتَانِ يَبِيعُ صَيْدَهَا مِنْ الْحِيتَانِ فَكَرِهَ ذَلِكَ وَقَالَ: لَا خَيْرَ فِيهِ، وَكَيْفَ تُبَاعُ الْحِيتَانُ فِي الْمَاءِ؟

قَالَ: وَلَا أَرَى لِأَهْلِهَا أَنْ يَمْنَعُوا أَحَدًا يَصِيدُ فِيهَا.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ قُلْتُ لِرَجُلٍ: اعْصِرْ زَيْتُونَكَ فَقَدْ أَخَذْت مِنْكَ زَيْتَهُ كُلَّ رِطْلٍ بِدِرْهَمٍ فَفَعَلَ أَيَلْزَمُنِي الْبَيْعُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: إنْ كَانَ ذَلِكَ لَا يَخْتَلِفُ وَهُوَ أَمْرٌ مَعْرُوفٌ مِثْلُ الْقَمْحِ يُشْتَرَى مِنْهُ وَهُوَ فِي سُنْبُلِهِ قَدْ يَبِسَ وَاسْتَحْصَدَ كُلُّ قَفِيزٍ بِدِرْهَمٍ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ، قَالَ: وَإِنْ كَانَ الزَّيْتُ يَخْتَلِفُ إذَا خَرَجَ مِنْ عَصِيرِهِ فَلَا خَيْرَ فِي ذَلِكَ عِنْدِي إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ إنْ خَرَجَ جَيِّدًا أَخَذْتُهُ بِكَذَا وَكَذَا وَلَا يَنْقُدُ أَوْ يَشْتَرِطُ أَنَّهُ بِالْخِيَارِ وَلَا يَنْقُدُ، وَيَكُونُ عَصْرُهُ قَرِيبًا الْأَيَّامَ الْيَسِيرَةَ الْعَشَرَةَ أَوْ مَا أَشْبَهَهَا فَلَا أَرَى بِذَلِكَ بَأْسًا لِأَنِّي سَأَلْتُ مَالِكًا عَنْ الرَّجُلِ يَأْتِي عِنْدَ الْحَصَادِ إلَى الزَّرَّاعِ قَدْ اسْتَحْصَدَ قَمْحَهُ فَيَشْتَرِي مِنْهُ وَهُوَ يَحْصُدُهُ عَلَى أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ ثَمَنَهُ وَيَنْقُدَهُ وَهُوَ يَمْكُثُ فِي ذَلِكَ الْعَشَرَةَ الْأَيَّامَ وَالْخَمْسَةَ عَشْرَ فِي حَصَادِهِ وَدِرَاسِهِ وَتَذْرِيَتِهِ، قَالَ مَالِكٌ: هَذَا أَمْرٌ قَرِيبٌ فَأَرْجُو أَنْ لَا يَكُونَ بِهِ بَأْسٌ.

قُلْتُ: وَإِنْ كَانَ الزَّيْتُ مَأْمُونًا فِي مَعْرِفَةِ النَّاسِ فِي خُرُوجِهِ وَعَصْرِهِ بِأَمْرٍ قَرِيبٍ يُعْرَفُ حَالُهُ كَمَا يُعْرَفُ الْقَمْحُ، قَالَ: فَلَا أَرَى بِالنَّقْدِ فِيهِ بَأْسًا إذَا كَانَ عَصْرُهُ قَرِيبًا مِثْلَ حَصَادِ الْقَمْحِ وَإِنْ كَانَ يَخْتَلِفُ لَمْ أَرَ النَّقْدَ يَجُوزُ فِيهِ إلَّا أَنْ يَبِيعَهُ إيَّاهُ عَلَى أَنَّهُ إنْ خَرَجَ عَلَى مَا يَعْرِفُ أَخَذَهُ أَوْ عَلَى الْخِيَارِ فَلَا بَأْسَ بِهِ لِأَنَّهُ أَمْرٌ قَرِيبٌ وَلَيْسَ فِيهِ دَيْنٌ بِدَيْنٍ وَلَا سِلْعَةٌ مَضْمُونَةٌ بِعَيْنِهَا. وَقَالَ أَشْهَبُ: بَيْعُ الزَّيْتِ عَلَى الْكَيْلِ إذَا عُرِفَ وَجْهُ الزَّيْتِ وَنَحْوُهُ فَلَا أَرَى بِهِ بَأْسًا، وَأَمَّا بِالرِّطْلِ فَإِنْ كَانَ الْقِسْطُ يُعْرَفُ كَمْ فِيهِ مِنْ رِطْلٍ وَلَا يَخْتَلِفُ فَلَا بَأْسَ بِهِ وَإِنْ كَانَ يَخْتَلِفُ فَلَا خَيْرَ فِيهِ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي مَا اشْتَرَى لِأَنَّ الْكَيْلَ فِيهِ مَعْرُوفٌ وَالْوَزْنُ فِيهِ مَجْهُولٌ.

[بَيْعِ الزِّبْلِ وَالرَّجِيعِ وَجُلُودِ الْمَيْتَةِ وَالْعُذْرَةِ]

فِي بَيْعِ الزِّبْلِ وَالرَّجِيعِ وَجُلُودِ الْمَيْتَةِ وَالْعُذْرَةِ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الزِّبْلَ هَلْ يُجِيزُ مَالِكٌ بَيْعَهُ؟

قَالَ: مَا سَمِعْتُ مِنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا وَلَا أَرَى بِبَيْعِهِ بَأْسًا.

قُلْتُ: فَهَلْ سَمِعْتَ مَالِكًا يَقُولُ فِي بَيْعِ رَجِيعِ بَنِي آدَمَ شَيْئًا مِثْلَ الَّذِي يُبَاعُ بِالْبَصْرَةِ؟

قَالَ: سَمِعْتُ مَالِكًا يَكْرَهُهُ. وَقَالَ أَشْهَبُ فِي الزِّبْلِ الْمُبْتَاعِ: أَعْذُرُ فِيهِ مِنْ الْبَائِعِ يَقُولُ فِي اشْتِرَائِهِ، وَأَمَّا بَيْعُ الرَّجِيعِ فَلَا خَيْرَ فِيهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>