للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْوَصِيِّ.

قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ} [النساء: ٦] وَقَدْ قَالَ: {فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ} [النساء: ٦] فَقَدْ أَمَرَهُمْ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى بِالْإِشْهَادِ إذَا أُمِرُوا بِدَفْعِ مَا فِي أَيْدِيهِمْ إلَى غَيْرِهِمْ فَكَذَلِكَ مَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَأُمِرَ بِدَفْعِ مَا عَلَيْهِ إلَى رَجُلٍ أَوْ كَانَتْ عِنْدَهُ وَدِيعَةٌ فَأَمَرَهُ رَبُّهَا بِدَفْعِهَا إلَى أَحَدٍ فَعَلَيْهِ مَا عَلَى وَلِيِّ الْيَتِيمِ مِنْ الْإِشْهَادِ.

[إقَالَةُ الْوَكِيلِ وَتَأْخِيرُهُ]

ُ قُلْتُ: لَوْ وَكَّلْت وَكِيلًا فِي أَنْ يُسْلِمَ لِي فِي طَعَامٍ فَفَعَلَ ثُمَّ أَقَالَ الْوَكِيلَ بِغَيْرِ أَمْرِ الْآمِرِ أَفَيَجُوزُ ذَلِكَ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: لَا يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ عِنْدَ مَالِكٍ لِأَنَّ الطَّعَامَ إنَّمَا وَجَبَ لِلْآمِرِ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ وَكَّلْت رَجُلًا يُسْلِمُ لِي فِي طَعَامٍ فَفَعَلَ، ثُمَّ إنَّ الْآمِرَ أَقَالَ الْبَائِعُ أَوْ تَرَكَ ذَلِكَ لَهُ أَوْ وَهَبَ لَهُ؟ قَالَ: أَرَى أَنَّ الطَّعَامَ إنَّمَا وَجَبَ لِلْآمِرِ فَكُلُّ شَيْءٍ صُنِعَ فِي طَعَامِهِ مِمَّا يَجُوزُ لَهُ فَذَلِكَ جَائِزٌ وَلَا يُنْظَرُ هَهُنَا إلَى الْمَأْمُورِ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ وَكَّلْت رَجُلًا يُسْلِمُ لِي دَنَانِيرَ فِي عَشَرَةِ أَرَادِبَ حِنْطَةٍ فَفَعَلَ الْوَكِيلُ ذَلِكَ ثُمَّ إنَّ الْوَكِيلَ أَقَالَهُ بَعْدَ ذَلِكَ؟ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إنْ كَانَ ذَلِكَ ثَبَتَ لِلَّذِي ابْتَاعَ لَهُ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ بِاعْتِرَافٍ مِنْ الْوَكِيلِ قَبْلَ أَنْ يَقْبَلَهُ أَنَّهُ إنَّمَا ابْتَاعَ ذَلِكَ لِلَّذِي وَكَّلَهُ فَلَا تَجُوزُ إقَالَتُهُ إلَّا بِأَمْرِ الْآمِرِ الَّذِي وَجَبَ لَهُ الطَّعَامُ.

قُلْتُ: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟

قَالَ: نَعَمْ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ وَكَّلْت وَكِيلًا يُسْلِمُ لِي فِي طَعَامٍ أَوْ يَبْتَاعُ لِي سِلْعَةً بِعَيْنِهَا فَفَعَلَ وَلَمْ يَذْكُرْ عِنْدَ عُقْدَةِ الشِّرَاءِ لِلْبَائِعِ أَنَّهُ إنَّمَا ابْتَاعَ لِغَيْرِهِ وَقَدْ شَهِدَ الشُّهُودُ عَلَيْهِ أَنَّهُ أَقَرَّ بِأَنَّهُ إنَّمَا ابْتَاعَ لِي أَوْ شَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ حِينَ أَمَرْتُهُ بِذَلِكَ لِمَنْ تَكُونُ الْعُهْدَةُ هَهُنَا لِلْوَكِيلِ عَلَى الْبَائِعِ أَمْ لِلْآمِرِ؟ قَالَ: لَا وَلَكِنَّهَا لِلْآمِرِ عَلَى الْبَائِعِ.

قُلْتُ: فَإِنْ أَصَابَ الْوَكِيلُ عَيْبًا بَعْدَ مَا اشْتَرَى لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا لِأَنَّ الْعُهْدَةَ إنَّمَا وَقَعَتْ لِغَيْرِهِ؟

قَالَ: إذَا كَانَ إنَّمَا أَمَرَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ سِلْعَةً بِعَيْنِهَا مَنْسُوبَةً فَقَالَ: لَهُ اشْتَرِ لِي عَبْدَ فُلَانٍ أَوْ دَارَ فُلَانٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَرُدَّ، وَإِنْ كَانَتْ سِلْعَةً مَوْصُوفَةً لَيْسَتْ بِعَيْنِهَا فَلِلْوَكِيلِ أَنْ يَرُدَّهَا إنْ وَجَدَ فِيهَا عَيْبًا.

قُلْتُ: لِمَ؟

قَالَ: لِأَنَّ الْوَكِيلَ هَهُنَا ضَامِنٌ لِأَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى سِلْعَةً بِهَا عَيْبٌ تَعَمَّدَ ذَلِكَ ضَمِنَ ذَلِكَ، فَلِذَلِكَ إذَا وَجَدَ بِهَا عَيْبًا بَعْدَ مَا اشْتَرَى وَهُوَ يَقْدِرُ عَلَى رَدِّهَا فَلَمْ يَفْعَل فَهُوَ

<<  <  ج: ص:  >  >>