للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[أَعْوَر الْعَيْنِ الْيُمْنَى فَقَأَ عَيْنَ رَجُلِ الْيُمْنَى وَالْقِصَاصِ فِي الْيَدِ وَالْأَسْنَانِ]

مَا جَاءَ فِي أَعْوَرِ الْعَيْنِ الْيُمْنَى يَفْقَأُ عَيْنَ رَجُلِ الْيُمْنَى وَفِي الْقِصَاصِ فِي الْيَدِ وَفِي الْأَسْنَانِ

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ أَعْوَرَ الْعَيْنِ الْيُمْنَى فَقَأَ عَيْنَ رَجُلٍ الْيُمْنَى خَطَأً، كَمْ يَكُونُ عَلَيْهِ؟ قَالَ: نِصْفُ الدِّيَةِ عَلَى عَاقِلَتِهِ وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ.

قُلْتُ: فَإِنْ فَقَأَهَا عَمْدًا؟

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: سَأَلْتُ مَالِكًا عَنْهَا؛ فَقَالَ لِي: إنَّمَا هِيَ عِنْدِي بِمَنْزِلَةِ الْيَدِ وَالرِّجْلِ، مِثْلُ لَوْ أَنَّ رَجُلًا قَطَعَ الْيُمْنَى قَطَعَ يَمِينَ رَجُلٍ، أَوْ قَطَعَ الرِّجْلَ الْيُمْنَى قَطَعَ رِجْلَ رَجُلٍ الْيُمْنَى، إنَّهُ لَا قِصَاصَ فِيهِ لَكِنْ فِيهِ الدِّيَةُ. قَالَ: فَقُلْتُ لِمَالِكٍ: فَالْعَيْنُ مِثْلُ ذَلِكَ؟

قَالَ: نَعَمْ، وَالْيَدُ وَالرِّجْلُ مِمَّا لَا اخْتِلَافَ فِيهِ مِنْ قَوْلِهِ إنَّهُ لَا يُقْتَصُّ لِلْيُسْرَى بِالْيُمْنَى وَلَا لِلْيُمْنَى بِالْيُسْرَى، فَفِي الَّذِي قَالَ لِي مَالِكٌ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْعَيْنَ كَذَلِكَ أَيْضًا، لَا يُقْتَصُّ عَيْنٌ يُمْنَى بِيُسْرَى وَلَا يُسْرَى بِيُمْنَى، وَالْأَسْنَانُ أَيْضًا كَذَلِكَ: الثَّنِيَّةُ بِالثَّنِيَّةِ وَالرُّبَاعِيَّةُ بِالرُّبَاعِيَّةِ وَالْعُلْيَا بِالْعُلْيَا وَالسُّفْلَى بِالسُّفْلَى، وَلَا تُقَادُ سِنٌّ إلَّا بِمِثْلِهَا سَوَاءٌ فِي صِفَتِهَا وَمَوَاضِعِهَا لَا غَيْرَ ذَلِكَ. وَيَرْجِعُ ذَلِكَ إلَى الْعَقْلِ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مِثْلُ الَّذِي طُرِحَ لَهُ فَيُقْتَصُّ لَهُ مِنْهُ.

قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: فَإِذَا كَانَ لَا قِصَاصَ فِيهِ، فَكَمْ الْعَقْلُ فِيهِ وَعَلَى مَنْ الْعَقْلُ؟

قَالَ: الْعَقْلُ خَمْسُمِائَةِ دِينَارٍ فِي مَالِ هَذَا الْأَعْوَرِ الْجَانِي وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ.

[الْأَعْوَرِ يَفْقَأُ عَيْنَ الصَّحِيحِ]

مَا جَاءَ فِي الْأَعْوَرِ يَفْقَأُ عَيْنَ الصَّحِيحِ

قَالَ: سَأَلْنَا مَالِكًا عَنْ الْأَعْوَرِ يَفْقَأُ عَيْنَ الصَّحِيحِ. فَقَالَ: إنْ أَحَبَّ الصَّحِيحُ أَنْ يَقْتَصَّ اقْتَصَّ وَإِنْ أَحَبَّ فَلَهُ دِيَةُ عَيْنِهِ. ثُمَّ رَجَعَ بَعْدَ ذَلِكَ فَقَالَ: إنْ أَحَبَّ أَنْ يَقْتَصَّ اقْتَصَّ وَإِنْ أَحَبَّ فَلَهُ دِيَةُ عَيْنِ الْأَعْوَرِ، أَلْفُ دِينَارٍ. وَقَوْلُهُ الْآخَرُ أَعْجَبُ إلَيَّ، إنَّمَا هُوَ فِي الْأَعْوَرِ إذَا فَقَأَ عَيْنَ رَجُلٍ - وَعَيْنُ الْأَعْوَرِ الْبَاقِيَةِ هِيَ مِثْلُ تِلْكَ الْعَيْنِ - تَكُونُ عَيْنُ الْأَعْوَرِ الْيُمْنَى بَاقِيَةً فَيَفْقَأُ عَيْنَ رَجُلٍ الْيُمْنَى، أَوْ تَكُونُ الْيُسْرَى بَاقِيَةً فَيَفْقَأُ عَيْنَ رَجُلٍ الْيُسْرَى. فَأَمَّا رَجُلٌ أَعْوَرُ الْعَيْنِ فَقَأَ عَيْنَ رَجُلٍ الْيُمْنَى فَهَذَا قِصَاصٌ فِيهِ فِيمَا سَمِعْتُ مِنْ مَالِكٍ وَفِيمَا بَلَغَنِي عَنْهُ، وَلَيْسَ لَهُ إلَّا دِيَةُ عَيْنِهِ. إنْ كَانَ الْمَفْقُودَةُ عَيْنُهُ صَحِيحَةٌ عَيْنُهُ فَخَمْسُمِائَةِ دِينَارٍ، وَإِنْ كَانَ أَعْوَرَ فَأَلْفُ دِينَارٍ لِأَنَّهُ لَا قِصَاصَ لَهُ فِي عَيْنِ الْجَانِي، وَلِأَنَّ دِيَةَ عَيْنِ الْأَعْوَرِ عِنْدَ مَالِكٍ أَلْفُ دِينَارٍ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا أَعْمَى فَقَأَ عَيْنَ رَجُلٍ عَمْدًا أَتَحْمِلُهُ الْعَاقِلَةُ أَمْ يَكُونُ ذَلِكَ فِي مَالِهِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: ذَلِكَ فِي مَالِهِ عِنْدَ مَالِكٍ وَلَا تَحْمِلُهُ الْعَاقِلَةُ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا ذَهَبَ سَمْعُ إحْدَى أُذُنَيْهِ فَضَرَبَهُ رَجُلٌ فَأَذْهَبَ سَمْعَ أُذُنِهِ الْأُخْرَى، أَتَكُونُ عَلَيْهِ الدِّيَةُ كَامِلَةً أَمْ نِصْفُ الدِّيَةِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: بَلْ عَلَيْهِ نِصْفُ الدِّيَةِ عِنْدَ مَالِكٍ. قَالَ: وَلَا تَكُونُ الدِّيَةُ - عِنْدَ مَالِكٍ - فِي شَيْءٍ وَاحِدٍ مِمَّا هُوَ زَوْجٌ فِي الْإِنْسَانِ إلَّا فِي عَيْنِ الْأَعْوَرِ وَحْدَهَا، فَإِنَّ فِيهَا الدِّيَةَ كَامِلَةً عِنْدَ مَالِكٍ؟

قُلْتُ: فَمَا فَرْقٌ بَيْنَ السَّمْعِ وَالْبَصَرِ؟

<<  <  ج: ص:  >  >>