للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِالثُّلُثِ، فَيَرْبَحُ السُّدُسَ. وَأَمَّا رِبْحٌ عَلَيْهِ عَلَى نَحْوِ هَذَا. مِنْ رِبْحٍ ذَهَبًا أَوْ وَرِقًا أَوْ شَيْئًا سِوَى ذَلِكَ، فَإِنَّمَا ذَلِكَ مِثْلُ بَيْعُ الثَّمَرِ قَبْلَ أَنْ يَبْدُوَ صَلَاحُهُ. قَالَ: وَلَا يَنْبَغِي لِلْمُسَاقِي أَنْ يُسَاقِيَ غَيْرَهُ مِنْ النَّخْلِ إلَّا مَا شَرِكَهُ فِي ثَمَرِهِ بِحِسَابِ مَا عَلَيْهِ سَاقَى، إلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ شَيْئًا لَا يَأْخُذُ بِهِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ صَاحِبِهِ شَيْئًا لِيَسَارَتِهِ، فَأَمَّا بِشَيْءٍ لَهُ اسْمٌ أَوْ عَدَدٌ، فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَصْلُحُ، وَتَفْسِيرُ مَا كُرِهَ مِنْ ذَلِكَ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ لَهُ: اسْقِ لِي هَذَا الْحَائِطَ بِثُلُثِ مَا يَخْرُجُ مِنْ الْآخَرِ، وَهُوَ لَا يَدْرِي كَمْ يَخْرُجُ مِنْ الْآخَرِ؟ وَتَفْسِيرُ ذَلِكَ: أَنَّهُ كَانَ اسْتَأْجَرَهُ عَلَى أَنْ يَسْقِيَ هَذَا بِثَمَرَةِ هَذَا وَلَا يَدْرِي كَمْ تَأْتِي ثَمَرَتُهُ.

[مَا جَاءَ فِي الْمُسَاقِي يَشْتَرِطُ لِنَفْسِهِ مَكِيلَةً مِنْ التَّمْرِ]

ِ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْعَامِلَ فِي النَّخْلِ، إذَا اشْتَرَطَ لِنَفْسِهِ مَكِيلَةً مِنْ التَّمْرِ مَبْدَأَةً عَلَى رَبِّ الْحَائِطِ، ثُمَّ مَا بَقِيَ بَعْدَ الْمَكِيلَةِ بَيْنَهُمَا بِنِصْفَيْنِ، أَوْ اشْتَرَطَ رَبُّ الْحَائِطِ مَكِيلَةً مِنْ التَّمْرِ مَعْلُومَةً، ثُمَّ مَا بَقِيَ بَعْدَ ذَلِكَ بَيْنَهُمَا، فَعَمِلَ عَلَى هَذَا. فَأَخْرَجَتْ النَّخْلُ تَمْرًا كَثِيرًا، أَوْ لَمْ تُخْرِجْ شَيْئًا، مَا الْقَوْلُ فِي ذَلِكَ؟ قَالَ: الْعَامِلُ أَجِيرٌ وَلَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ أَخْرَجَتْ النَّخْلُ شَيْئًا أَوْ لَمْ تُخْرِجْ. وَمَا أَخْرَجَتْ النَّخْلُ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ لِرَبِّ الْحَائِطِ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ دَفَعْت إلَيْهِ نَخْلًا مُسَاقَاةً، عَلَى أَنَّ مَا أَخْرَجَ اللَّهُ مِنْهَا فَبَيْنَنَا نِصْفَيْنِ عَلَى أَنْ يَقُولَ رَبُّ النَّخْلِ لِلْعَامِلِ: لَكَ نَخْلَةٌ مَنْ الْحَائِطِ جَعَلَ ثَمَرَةَ تِلْكَ النَّخْلَةِ لِلْعَامِلِ دُونَ رَبِّ الْحَائِطِ؟ قَالَ: لَا يَجُوزُ هَذَا عِنْدَ مَالِكٍ؛ لِأَنَّ الْعَامِلَ قَدْ ازْدَادَ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ أَخَذْت حَائِطًا لِرَجُلٍ مُسَاقَاةً، عَلَى أَنَّ لِرَبِّ الْحَائِطِ نِصْفَ ثَمَرَةِ الْبَرْنِيِّ الَّذِي فِي الْحَائِطِ، وَمَا سِوَى ذَلِكَ فَلِلْعَامِلِ كُلُّهُ. أَيَجُوزُ هَذَا أَمْ لَا؟ قَالَ: لَا يَجُوزُ هَذَا؛ لِأَنَّهُ قَدْ وَقَعَ الْخِطَارُ بَيْنَهُمَا. قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ دَفَعَ الْحَائِطَ إلَيْهِ مُسَاقَاةً، عَلَى أَنَّ جَمِيعَ الثَّمَرَةِ لِلْعَامِلِ. أَيَجُوزُ ذَلِكَ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، قُلْتُ: وَلِمَ أَجَزْتَ هَذَا وَكَرِهْتَ الْأَوَّلَ الَّذِي أَخَذَ الْحَائِطَ مُسَاقَاةً، عَلَى أَنَّ لِرَبِّ الْحَائِطِ نِصْفَ الْبَرْنِيِّ؟ قَالَ: الَّذِي أَعْطَى حَائِطَهُ مُسَاقَاةً، عَلَى أَنَّ جَمِيعَ ثَمَرَتِهِ لِلْعَامِلِ، لَيْسَ بَيْنَهُمَا خِطَارٌ.

وَإِنَّمَا هَذَا رَجُلٌ أَطْعَمَ ثَمَرَةَ حَائِطِهِ هَذَا الرَّجُلَ سَنَةً، وَأَمَّا الَّذِي جَعَلَ نِصْفَ تَمْرَةِ الْبَرْنِيِّ لِرَبِّ الْحَائِطِ وَمَا سِوَى ذَلِكَ فَلِلْعَامِلِ، فَهَذَا الْخِطَارُ. أَلَا تَرَى أَنَّهُ إنْ ذَهَبَ الْبَرْنِيُّ كُلُّهُ، كَانَ الْعَامِلُ قَدْ غَبَنَ رَبَّ الْحَائِطِ. وَإِنْ ذَهَبَ مَا سِوَى الْبَرْنِيُّ، كَانَ رَبُّ الْحَائِطِ قَدْ غَبَنَ الْعَامِلَ قُلْتُ: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟ قَالَ: هَذَا رَأْيِي فِي الْبَرْنِيِّ. قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ أَخَذْت النَّخْلَ مُعَامَلَةً، عَلَى أَنْ أُخْرِجَ مِنْ ثَمَرَةِ الْحَائِطِ نَفَقَتِي ثُمَّ مَا بَقِيَ فَبَيْنَنَا نِصْفَيْنِ؟ قَالَ: لَا يَصْلُحُ هَذَا عِنْدَ مَالِكٍ. سَحْنُونٌ وَحَدِيثُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الَّذِي فِي صَدْرِ الْكِتَابِ دَلِيلٌ عَلَى هَذَا. وَقَوْلُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي جَعْفَرٍ دَلِيلٌ عَلَى هَذَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>