للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِي كِتَابِهِ فِي الْحُكْمِ بَيْنَ النَّصَارَى: {فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ} [المائدة: ٤٢] سُورَةُ الْمَائِدَةِ قَالَ: وَالتَّرْكُ أَحَبُّ إلَيَّ، فَإِنْ حَكَمَ حَكَمَ بِالْعَدْلِ. ثُمَّ قَالَ مَالِكٌ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَرْبَى بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ، أَكَانَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ اسْتِنْكَارًا أَنْ يُفْعَلَ ذَلِكَ، فَلَا أَرَى أَنْ يَحْكُمَ بَيْنَهُمْ فِي شَيْءٍ مِنْ الرِّبَا.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ مُسْلِمًا غَصَبَ نَصْرَانِيًّا خَمْرًا؟

قَالَ: عَلَيْهِ قِيمَتُهَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ.

قُلْتُ: وَمَنْ يُقَوِّمُهَا؟

قَالَ: يَقُومُهَا مَنْ يَعْرِفُ الْقِيمَةَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الرَّجُلَ وَالْمَرْأَةَ إذَا دُفِنَا فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ، مَنْ يُقَدَّمُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: الرَّجُلُ قُلْتُ: أَفَيُجْعَلُ بَيْنَهُمَا حَاجِزٌ مِنْ الصَّعِيدِ؟

قَالَ: مَا سَمِعْتُ مِنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا إلَّا أَنَّهُ قَالَ يُقَدَّمُ الرَّجُلُ.

قُلْتُ: أَفَيُدْفَنَانِ فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ؟

قَالَ: مَا سَمِعْتُ مِنْ مَالِكٍ فِيهِ إلَّا مَا أَخْبَرْتُكَ.

قُلْتُ: مَنْ يَدْخُلُ فِي قَبْرِ الْمَرْأَةِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: أَبُوهَا وَأَخُوهَا وَعَصَبَتُهَا أَوْلَى بِالصَّلَاةِ عَلَيْهَا، وَزَوْجُهَا أَوْلَى بِإِدْلَائِهَا فِي قَبْرِهَا، وَغَسْلِهَا مِنْ أَبِيهَا وَابْنِهَا.

قَالَ: فَأَرَى أَنْ يَدْخُلَ ذُو مَحَارِمِهَا دُونَ الْأَجْنَبِيِّ، فَإِنْ اُضْطُرُّوا إلَى الْأَجْنَبِيِّ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَدْخُلَ فِي الْقَبْرِ فِي رَأْيِي. وَلَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا.

[فِيمَنْ اسْتَحَقَّ أَرْضًا وَقَدْ عَمِلَ الْمُشْتَرِي فِيهَا عَمَلًا]

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ اشْتَرَى رَجُلٌ أَرْضًا، فَحَفَرَ فِيهَا مَطَامِيرَ أَوْ آبَارًا أَوْ بَنَى فِيهَا ثُمَّ أَتَى رَبُّهَا فَاسْتَحَقَّهَا، مَا يَكُونُ لَهُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: يُقَالُ لِلَّذِي اسْتَحَقَّهَا: ادْفَعْ قِيمَةَ الْعِمَارَةِ وَالْبِنَاءِ إلَى هَذَا الَّذِي اشْتَرَاهَا، وَخُذْ أَرْضَكَ وَمَا فِيهَا مِنْ الْعِمَارَةِ، وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ.

قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ فِي الرَّجُلِ يَشْتَرِي الْأَرْضَ فَيَعْمُرُهَا بِأَصْلٍ يَضَعُهُ فِيهَا، أَوْ الْبِئْرِ يَحْفِرُهَا فِيهَا، ثُمَّ يَأْتِي رَجُلٌ فَيُدْرِكُ فِيهَا حَقًّا فَيُرِيدُ أَنْ يَأْخُذَهَا بِالشُّفْعَةِ. قَالَ: لَا شُفْعَةَ فِيهَا إلَّا أَنْ يُعْطِيَهُ قِيمَةَ مَا عَمَّرَ فَإِنْ أَعْطَاهُ كَانَ أَحَقَّ بِشُفْعَتِهِ وَإِلَّا فَلَا حَقَّ لَهُ فِيهَا.

قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْأَرْضِ الْمَوَاتِ: إذَا أَتَى رَجُلٌ إلَى أَرْضٍ فَأَحْيَاهَا، وَهُوَ يَظُنُّ أَنَّهَا مَوَاتٌ وَأَنَّهَا لَيْسَتْ لِأَحَدٍ، ثُمَّ اسْتَحَقَّهَا رَجُلٌ، قَالَ مَالِكٌ فِي قَضَاءِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ: أَنَا آخُذُ بِهِ، وَأَرَى أَنَّهُ إذَا أَبَى هَذَا وَأَبَى هَذَا، أَنَّهُمَا يَكُونَانِ شَرِيكَيْنِ بِقَدْرِ مَا أَنْفَقَ هَذَا مِنْ عِمَارَتِهِ، وَبِقَدْرِ قِيمَةِ الْأَرْضِ يَكُونَانِ شَرِيكَيْنِ فِي الْأَرْضِ وَالْعِمَارَةِ جَمِيعًا. وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ قَدْ اُخْتُلِفَ فِيهَا، وَهَذَا أَحْسَنُ مَا سَمِعْتُ وَأَحَبُّ مَا فِيهِ إلَيَّ، وَأَنَا أَرَى أَنَّ الَّذِي اشْتَرَى الْأَرْضَ فَبَنَى فِيهَا، إذَا أَتَى الَّذِي اسْتَحَقَّهَا أَنْ يَغْرَمَ لَهُ قِيمَةَ عِمَارَتِهِ وَيَأْخُذَهَا، أَوْ يُقَالَ لِلَّذِي اشْتَرَاهَا اغْرَمْ لَهُ قِيمَةَ بُقْعَتِهِ وَحْدَهَا وَاتْبَعْ مَنْ اشْتَرَيْتَ مِنْهُ بِالثَّمَنِ، فَإِنْ أَبَى كَانَا شَرِيكَيْنِ، صَاحِبُ الْعَرْصَةِ بِقِيمَةِ عَرْصَتِهِ، وَالْمُشْتَرِي بِقِيمَةِ مَا أَحْدَثَ، يَكُونَانِ شَرِيكَيْنِ فِيهِمَا عَلَى قَدْرِ مَالِهِمَا، يَقْتَسِمَانِ أَوْ يَبِيعَانِ.

وَكَذَلِكَ الَّذِي يُرِيدُ أَنْ يَأْخُذَ بِالشُّفْعَةِ فِيمَا اسْتَحَقَّ أَنَّهُ يُقَالُ لِلْمُسْتَحِقِّ: ادْفَعْ إلَيْهِ قِيمَةَ مَا عَمَّرَ وَخُذْ بِالشُّفْعَةِ، فَإِنْ أَبَى قِيلَ لِلْمُشْتَرِي: ادْفَعْ إلَيْهِ نِصْفَ

<<  <  ج: ص:  >  >>