[كِتَابُ الصِّيَامِ] [بَابٌ فِي السُّحُورِ وَمَنْ أَكَلَ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ]
ِ بَابٌ فِي السُّحُورِ وَمَنْ أَكَلَ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ قَالَ سَحْنُونٌ.
قُلْتُ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ: مَا الْفَجْرُ عِنْدَ مَالِكٍ؟ فَقَالَ: سَأَلْنَا مَالِكًا عَنْ الشَّفَقِ مَا هُوَ فَقَالَ: الْحُمْرَةُ.
قَالَ مَالِكٌ: وَإِنَّهُ لَيَقَعُ فِي قَلْبِي وَمَا هُوَ إلَّا شَيْءٌ فَكَّرْتُ فِيهِ مُنْذُ قَرِيبٍ، أَنَّ الْفَجْرَ وَيَكُونُ قَبْلَهُ بَيَاضٌ سَاطِعٌ فَذَلِكَ لَا يَمْنَعُ الصَّائِمَ مِنْ الْأَكْلِ، فَكَمَا لَا يَمْنَعُ الصَّائِمَ ذَلِكَ الْبَيَاضُ مِنْ الْأَكْلِ حَتَّى يَتَبَيَّنَ الْفَجْرَ الْمُعْتَرِضَ فِي الْأُفُقِ، فَكَذَلِكَ الْبَيَاضُ الَّذِي يَبْقَى بَعْدَ الْحُمْرَةِ لَا يَمْنَعُ مُصَلِّيًا أَنْ يُصَلِّيَ الْعِشَاءَ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا تَسَحَّرَ وَقَدْ طَلَعَ الْفَجْرُ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ بِطُلُوعِ الْفَجْرِ ثُمَّ نَظَرَ فَإِذَا الْفَجْرُ طَالِعٌ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إنْ كَانَ صَوْمُهُ ذَلِكَ تَطَوُّعًا مَضَى فِي صِيَامِهِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُفْطِرَ، فَإِنْ أَفْطَرَهُ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ، قَالَ: وَإِنْ كَانَ صَوْمُهُ هَذَا مِنْ نَذْرٍ أَوْجَبَهُ عَلَى نَفْسِهِ مِثْلُ قَوْلِهِ: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَصُومَ عَشَرَةَ أَيَّامٍ، فَإِنْ كَانَ نَوَاهَا مُتَتَابِعَاتٍ وَلَيْسَتْ أَيَّامًا بِأَعْيَانِهَا فَصَامَ بَعْضَ هَذِهِ الْأَيَّامِ ثُمَّ تَسَحَّرَ فِي يَوْمٍ مِنْهَا فِي الْفَجْرِ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ، فَإِنَّهُ يَمْضِي عَلَى صِيَامِهِ وَيَقْضِي ذَلِكَ الْيَوْمَ وَيَصِلُهُ بِالْعَشَرَةِ الْأَيَّامِ، فَإِنْ لَمْ يَصِلْ هَذَا الْيَوْمَ بِالْعَشَرَةِ الْأَيَّامِ قَضَاهَا كُلَّهَا مُتَتَابِعَاتٍ وَلَمْ يُجْزِهِ مَا صَامَ مِنْهَا، قَالَ: وَإِنْ أَفْطَرَ ذَلِكَ الْيَوْمَ الَّذِي تَسَحَّرَ فِيهِ فِي طُلُوعِ الْفَجْرِ مُتَعَمِّدًا فَعَلَيْهِ أَنْ يَسْتَأْنِفَ الصَّوْمَ. قَالَ: فَإِنْ تَسَحَّرَ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ فِي أَوَّلِ يَوْمٍ مِنْهَا وَهُوَ لَا يَعْلَمُ وَهِيَ هَذِهِ الْأَيَّامُ الَّتِي لَيْسَتْ بِأَعْيَانِهَا وَقَدْ نَوَاهَا مُتَتَابِعَاتٍ، فَإِنَّهُ إنْ شَاءَ أَفْطَرَ وَاسْتَأْنَفَ صِيَامَ عَشَرَةِ أَيَّامٍ مِنْ ذِي قَبْلٍ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ أَيَّامًا بِأَعْيَانِهَا، وَلَا أُحِبُّ لَهُ أَنْ يُفْطِرَهُ فَإِنْ أَفْطَرَهُ فَإِنَّمَا عَلَيْهِ عَشَرَةُ أَيَّامٍ يَفْعَلُ ذَلِكَ الْيَوْمَ فِي هَذِهِ الْعَشَرَةِ الْأَيَّامِ أَحَدُهَا قَضَاءُ ذَلِكَ الْيَوْمِ.
قُلْتُ: فَإِنْ كَانَتْ أَيَّامًا بِأَعْيَانِهَا نَذَرَهَا فَقَالَ: لِلَّهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute