للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ قَوْلَ مَالِكٍ لَا يَرِثُ أَحَدٌ بِالشَّكِّ أَلَيْسَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ أَنَّهُ مَنْ جَاءَ يَأْخُذُ الْمَالَ بِوِرَاثَةٍ يَدَّعِيهَا فَإِنْ شَكَكْتُ فِي وِرَاثَتِهِ وَخِفْتُ أَنْ يَكُونَ غَيْرُهُ وَارِثًا دُونَهُ لَمْ أُعْطِهِ الْمَالَ حَتَّى لَا أَشُكَّ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمَيِّتِ مَنْ يَدْفَعُ هَذَا عَنْ الْمِيرَاثِ الَّذِي يُرِيدُ أَخْذَهُ؟

قَالَ: إنَّمَا مَعْنَى قَوْلِ مَالِكٍ لَا أُوَرِّثُ أَحَدًا بِالشَّكِّ إنَّمَا هُوَ فِي الرَّجُلَيْنِ يَهْلِكَانِ جَمِيعًا وَلَا يُدْرَى أَيُّهُمَا مَاتَ أَوَّلًا وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَارِثٌ صَاحِبَهُ إنَّهُ لَا يَرِثُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ وَإِنَّمَا يَرِثُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَرَثَتُهُ مِنْ الْأَحْيَاءِ.

قُلْتُ: فَأَنْتَ تُوَرِّثُ وَرَثَةَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالشَّكِّ لِأَنَّكَ لَا تَدْرِي لَعَلَّ الْمَيِّتَ هُوَ الْوَارِثُ دُونَ هَذَا الْحَيِّ. قَالَ: الْمَيِّتَانِ فِي هَذَا كَأَنَّهُمَا لَيْسَا بِوَارِثَيْنِ وَهُمَا اللَّذَانِ لَا يُوَرِّثُ مَالِكٌ بِالشَّكِّ، وَأَمَّا هَؤُلَاءِ الْأَحْيَاءِ فَإِنَّمَا وَرَّثْنَاهُمْ حَيْثُ طَرَحْنَا الْمَيِّتَيْنِ فَلَمْ يُوَرَّثْ بَعْضُهُمَا مِنْ بَعْضٍ فَلَمْ يَكُنْ بُدٌّ مِنْ أَنْ يَرِثَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَرَثَتُهُ مِنْ الْأَحْيَاءِ فَالْعَبْدُ عِنْدَهُ إذَا لَمْ يَكُنْ يَدْرِي أَمَسَّهُ الْعِتْقُ أَوْ لَا فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْمَيِّتِينَ لَا أُوَرِّثُهُ حَتَّى أَسْتَيْقِنَ أَنَّ الْعِتْقَ قَدْ مَسَّهُ.

[الْقَضَاءُ فِي مَالِ الْمَفْقُودِ وَوَصِيَّتِهِ وَمَا يُصْنَعُ بِمَالِهِ إذَا كَانَ فِي يَدِ الْوَرَثَةِ]

ِ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ دُيُونَ الْمَفْقُودِ إلَى مَنْ يَدْفَعُونَهَا؟

قَالَ: يَدْفَعُونَهَا إلَى السُّلْطَانِ، قُلْتُ: وَلَا يُجْزِئُهُمْ أَنْ يَدْفَعُوهَا إلَى وَرَثَتِهِ؟

قَالَ: لَا، لِأَنَّ الْوَرَثَةَ لَمْ يَرِثُوهُ بَعْدُ، قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْمَفْقُودَ إذَا فُقِدَ وَمَالُهُ فِي يَدَيْ وَرَثَتِهِ أَيَنْزِعُهُ السُّلْطَانُ مِنْهُمْ وَيُوقِفُهُ؟

قَالَ مَالِكٌ: يُوقَفُ مَالُ الْمَفْقُودِ إذَا فُقِدَ، فَالسُّلْطَانُ يَنْظُرُ فِي ذَلِكَ وَيُوقِفُهُ وَلَا يَدَعُ أَحَدًا يُفْسِدُهُ وَلَا يُبَذِّرُهُ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْمَفْقُودَ إذَا كَانَ مَالُهُ فِي يَدِ رَجُلٍ قَدْ كَانَ الْمَفْقُودُ دَايَنَهُ أَوْ اسْتَوْدَعَهُ إيَّاهُ أَوْ قَارَضَهُ بِهِ أَوْ أَعَارَهُ مَتَاعًا أَوْ أَسْكَنَهُ فِي دَارِهِ وَأَجَّرَهُ إيَّاهَا أَوْ مَا أَشْبَهَ هَذَا أَيَنْزِعُ السُّلْطَانُ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ مِنْ يَدِ مَنْ هِيَ فِي يَدِهِ أَمْ لَا يَعْرِضُ لَهُمْ السُّلْطَانُ؟

قَالَ: أَمَّا مَا كَانَ مِنْ إجَارَةٍ فَلَا يَعْرِضُ لَهَا حَتَّى تَتِمَّ الْإِجَارَةُ، وَأَمَّا مَا كَانَ مِنْ عَارِيَّةٍ فَإِنْ كَانَ لَهَا أَجَلٌ فَلَا يَعْرِضُ لَهَا حَتَّى يَتِمَّ الْأَجَلُ وَمَا كَانَ مِنْ دَارٍ سَكَنَهَا فَلَا يَعْرِضُ لِمَنْ هِيَ فِي يَدِهِ حَتَّى تَتِمَّ سُكْنَاهُ، وَمَا اسْتَوْدَعَهُ أَوْ دَايَنَهُ أَوْ قَارَضَهُ فَإِنَّ السُّلْطَانَ يَنْظُرُ فِي ذَلِكَ وَيَسْتَوْثِقُ مِنْ مَالِ الْمَفْقُودِ وَيَجْمَعُهُ لَهُ وَيَجْعَلُهُ حَيْثُ يَرَى لِأَنَّهُ نَاظِرٌ لِكُلِّ غَائِبٍ وَيُوقِفُهُ وَكَذَلِكَ الْإِجَارَاتُ وَالسُّكْنَى وَغَيْرُهَا إذَا انْقَضَتْ آجَالُهَا صَنَعَ فِيهَا السُّلْطَانُ مِثْلَ مَا وَصَفْتُ لَكَ وَيُوقِفُهَا وَيَحْرُزُهَا عَلَى الْغَائِبِ.

قُلْتُ: وَإِنْ كَانَ قَدْ قَارَضَ رَجُلًا إلَى أَجَلٍ ثُمَّ فُقِدَ؟

قَالَ: الْقِرَاضُ لَا يَصْلُحُ فِيهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>